وقائع سورية فاضحة
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
يشكل التحضير لمؤتمر جنيف الذي كان محور تفاهمات موسكو مادة جاذبة لاهتمام وسائل الإعلام العالمية و تتزايد الوقائع الفاضحة عن حال واجهات المعارضات السورية و ارتهانها للأجنبي و عن حقائق الأرض و الميدان التي تظهر هشاشة فاعليتها الواقعية .
أولا سربت الوكالات العالمية الكبرى و الصحافة الأميركية مضمون تقرير لوكالة الاستخبارات الأميركية و هذا النوع من التسريبات الإعلامية ينظر إليه الخبراء دائما بوصفه فعلا مقصودا من حيث التوقيت السياسي، بأي حال فالتقرير يؤكد بناء على معلومات واستطلاعات أجرتها الوكالة واستندت معها إلى تقارير اخرى صادرة عن جهات غربية أي معادية لسوريا و متورطة في العدوان الاستعماري على شعبها و دولته الوطنية، و أهم ما نقل عن التقرير هو توقع فوز الرئيس بشار الأسد بثلاثة أرباع أصوات الناخبين بنزاهة في أي انتخابات رئاسية قد تجري في سوريا و هذا ما يفسر الهجوم الغربي و الأميركي و التركي الخليجي على الرئيس الأسد عشية تحضيرات جنيف و هو هجوم غبي يعكس حالة من الانفعال الهستيري الناتج عن الفشل و الهزيمة بينما كانت استخبارات فرنسا و بريطانيا و مجموعات إحصائية قطرية تملكها العائلة الحاكمة تقول إن شعبية الأسد تقارب الستين بالمئة قبل سنة من اليوم .
و التقرير يأتي بعد تصريحات وزير الخارجية الأسباني ويبدو في نظر المحللين و المتابعين ان ارتفاع نسبة التأييد الشعبي للأسد ناتج عن صموده المثير للإعجاب و الاحترام خلال السنة الأشد شراسة في العدوان على سوريا ، فالقائد الأسد في عيون شعبه هو رمز للوطنية السورية و للعروبة المقاومة و هو رمز لفكرة الدولة المدنية المستقلة الراعية لنسيج وطني موحد يكرس الحريات الدينية و يحمي جميع مكونات النسيج السوري المشرقي المتنوع و هو قائد الدولة المتبنية لخيار المقاومة التي تعمل لمجابهة الكيان الصهيوني وتحرير الأرض السورية المحتلة و منع تصفية قضية فلسطين و فوق ذلك كله هو صاحب مشروع شامل لتطوير الدولة السورية و لمعالجة المشكلات الداخلية عن طريق الحوار و الشراكة الوطنية و عبر الاحتكام لصناديق الاقتراع.
ثانيا تفيد التقارير الإعلامية الغربية بأن هيئة الأركان التي اوكل إليها امر القرار بشان وفد الواجهات المعارضة إلى جنيف يرئسها السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد و تضم السفيرين الفرنسي والبريطاني لدى سوريا أيضا و هذه الهيئة تجتمع حاليا و تغربل الأسماء بين ائتلاف الدوحة و هيئة التنسيق في الداخل و الخارج لتسمية وفد باسم هذا اللون من المعارضة السورية و نعم المرجعية !
سياسيون مقيمون في الخارج بمعظمهم و لهم ارتباطات مريبة بالغرب و بالخليج و تركيا ينتقي منهم سفراء الغرب الاستعماري من يصلح للمشاركة في مؤتمر جنيف و هؤلاء هم الهدية الغربية المسمومة لمستقبل سوريا المطلوب إدخالهم في مكونات الواقع السياسي السوري بمشيئة حلف العدوان و معظمهم كناية عن عملاء للاستخبارات الغربية و مرتزقة عند قطر و السعودية يتنفعون و يجمعون الأموال باسم الشعب السوري الذي سفكوا دمه بلا رحمة و هم سيسقطون عند اول استحقاق انتخابي فهم أدرى بكونهم لا يمثلون وزنا جديا في المجتمع السوري و هذا سر رفضهم الازلي لأي حوار او شراكة و هو سر طلبهم الملح للغزو الأطلسي المستحيل و تهليلهم المخزي للعدوان الصهيوني على وطنهم .
ثالثا يسعى الأميركيون و معهم جميع الحكومات المتورطة في العدوان إلى رفض إدراج وقف العنف كبند اول و ذلك نتيجة التصميم على إدامة الاستنزاف و حصيلة الواقع الميداني الذي تؤكده تقارير المراسلين الأجانب من سوريا فائتلاف الدوحة الذي يسميه راعيه حمد بن جاسم بالإتلاف السوري لا يستطيع ان يلزم النسبة الرئيسية من عصابات الإرهاب بأي قرار بوقف النار بينما الجماعات القاعدية التي دعمها حلف العدوان تمثل القوة العسكرية الرئيسية المناوئة للدولة الوطنية .
إن عدم اعتماد وقف العنف كبند اول في أي بحث حول الوضع السوري يعاكس منطق الحل السياسي ويمثل تهربا من جانب دول العدوان التي لا تريد ان توقف دعمها للإرهابيين و يعد تهربا من فضيحة الواجهات السياسية التافهة التي لا تمون على شيء فعلي بل هي أسيرة الجماعات المسلحة المتمردة و الإرهابية التي توصل إليها المال و السلاح و هي أقرب لشلل من المرتزقة تعمل بتسميات مختلفة و تنتقل من شكل لآخر حسب تنقل موارد المال و السلاح فلا مرجعية سياسية في انتظامها بينما تتفشى داخلها الافكار القاعدية و انماط الإرهاب الدموي التي يعرفها السوريون اكثر من غيرهم و قد خبروها و دفعوا ثمنها و يعرف الأميركيون انهم حين وضعوا جبهة النصرة على قائمة الإرهاب خرج الائتلافيون من الدوحة و القاهرة و اسطنبول و باريس يدافعون عنها.
رابعا من المعلومات القليلة عن التحضيرات الجارية يتبين ان الولايات المتحدة تضغط لتفرض مشاركة عملائها في الحوار و للتنصل من آليات وقف العنف التي هي اولوية سورية حاسمة تبدأ بوقف تصدير السلاح و المال و المسلحين إلى سوريا وفقا لآليات صارمة و حازمة لا تقبل الارتداد و تستكمل برفع الغطاء السياسي كليا عن أي جماعة تواصل التمرد و الإرهاب او تتورط فيه أو تدعمه بأي شكل كان وهذا يقضي بالتزامات و تدابير يجب أن تسبق مؤتمر جنيف يحاول المخططون الأميركيون و اعوانهم عرقلة الوصول غليها و الأمر على مايبدو يستدعي طرقا سوريا و روسيا على الطاولة تشارك فيه حلقة الحلفاء الأقربين .
أولوية وقف العنف و آليات الحوار و مكوناته السياسية التي يفترض ان تضم المعارضة الوطنية داخل سوريا و مرجعية التفاهمات التي ربطها الرئيس الأسد بالاحتكام للإرادة الشعبية هذه القضايا الجوهرية التي تشترط الدولة السورية لإتمامها منع التدخلات الأجنبية و احترام السيادة الوطنية اما صنائع السفراء والقناصل و عواجيز انتظار التزكية الأميركية و الهبات الخليجية فهؤلاء هم طابور بائس يريد حجز مقاعد للمقايضة بخدمات للأجنبي على حساب الوطن .