وساطة هوكشتاين وخيار يوم القيامة
موقع العهد الإخباري-
إيهاب زكي:
تنقل بعض وسائل الإعلام ردّ فعل المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين، أمام وزير الطاقة اللبناني وليد فياض، على فيديو الإعلام الحربي الذي نشره حزب الله، عن سفن الاستخراج، “بأنّ الفيديو لا يخدم المفاوضات، وسيزيد التشدد في الكيان، لأنّها فترة انتخابات”.
ولعبة الانتخابات في الكيان لعبة قديمة، يستخدمها الكيان المؤقت منذ اتفاقيات “كامب ديفيد”، وهي لعبة تهدف للتسويف وكسب الوقت، وهو بالذات التحذير الذي استُهلّ به فيديو الإعلام الحربي، بصوت السيد حسن نصر الله “اللعب بالوقت غير مفيد”، فهذه لعبة تهرأت وأصبحت بالية، خصوصاً أمام صرامة الحزب وجديته.
ويُقال أيضاً إنّ هوكشتاين عاجَل الوزير فياض بالقول: “إنّ هذا يحتاج لمجلس وزراء”، حين أبلغه أنّه سيقبل أيّ عرض لتوفير”الفيول”، قاصداً “الفيول” الإيراني، وهوكشتاين هنا يلمّح للانقسام اللبناني بفعل فاعل، وأنّ الأُباة الكُماة في نظر بعض المجلس الوزاري، هم بغاةٌ عتاةٌ في نظر بعضه الآخر.
وفي المقلب الآخر صرّح مسؤول صهيوني لـ”رويترز”،”بأنّ هوكشتاين يحمل طرحاً جدياً، إذا ما وافق اللبنانيون عليه، بإمكانهم بعض التنقيب”. وفي حال وضعنا هذا التصريح مع مقترحات هوكشتاين عن غاز مصري، بتمويل البنك الدولي، مع اشتراطات لإعفاء لبنان من قانون “قيصر”، بالإضافة لتصريحات الخارجية الأمريكية عن ضرورة الحلول الدبلوماسية، والّا طريق سوى التفاوض، نستطيع القول إنّ زيارة هوكشتاين هي زيارة جس نبض، أكثر منها زيارة وساطة حقيقية.
يبدو أنّ غرور هوكشتاين وصلفه، المستمد من عمله السابق في “جيش” الكيان، لا يتناسب مع قوى الكيان الخائرة، أو أنّه غير مدركٍ لحجم المخاطر المحيطة بكيانه، في حال اعتماده سياسة التسويف، اتكاءً على التشرذم المفتعل حول حقوق لبنان الخالصة، أو أنّه لا زال تلميذاً أبلهَ في السياسة، ويصدق تهريج وزير الحرب الصهيوني، عن اجتياح صيدا وصور وصولاً لبيروت، وهنا يكون المبتدئ الغرّ الجاهل، والسياسي بمحض الصدفة جاريد كوشنير، مقارنة بهوكشتاين، فذاً وألمعياً “كيسنجرياً”.
إنّ الفيديو الذي نشره الإعلام الحربي، يعني أنّ كل شيء جاهزٍ للعمل، باستثناء أمر الإطلاق، بمجرد صدوره ستصبح منطقة تواجد سفن العدوان كتلة من لهب، وحينها سنرى ترجمةً عملية لإجابة السيد حسن نصر الله في لقائه على قناة الميادين، عن سؤال ماذا ستفعلون؟ قال “بكرا بتشوفوا شو بدنا نعمل”.
ومن الملاحظ أنّ السيد نصر الله حين تحدث عن السفينة قال إنها “إسرائيلية”، و”إسرائيل” في عقيدة الحزب والقانون اللبناني كلها عدو، أيّ أنّه لا وجود لطرفٍ ثالث يحتمي به الكيان كجنسية السفينة وعلمها، بمعنى ليس هناك من محاذير سياسية أو إنسانية للتعامل مع السفينة، سوى ما تمليه أخلاق الحرب على الحزب، وهي الأخلاق التي يتفوّق بها، وتفوّق بها حتى مع ألدّ أعدائه.
لا زال هناك متسعٌ من الوقت على ضيقه، أمام الكيان المؤقت، ليعطي هوكشتاين خلاصة هواجسه الوجودية، ويخبره بأنّ الكيان قرر التخلي عن فكرة نهب الثروات اللبنانية، ليس خشيةً من تهديدات السيد نصر الله، بل تعاوناً مع لبنان، وتقديراً إنسانياً لظروفه المعيشية الصعبة، وأنّ الكيان جارٌ طيب، ولكن سلاح حزب الله هو ما يخفي طيبته.
يمتلك لبنان اليوم، قوة لم تمتلكها جميع الجيوش العربية منذ بدء الصراع العربي-“الإسرائيلي”، وهي قوة الرعب التي رسختها المقاومة، وأرست دعائمها بالحنكة والدم، ودفعت قادة العدو لغلّ اليد، لأنّها لو مُدت ستُقطع، وجعلتهم يعتبرون أنّ الانزلاق لحربٍ مع المقاومة في لبنان، هو بمثابة يوم القيامة، وهذه القوة المرعبة للكيان، لا يمكنه محاصرتها عبر فتنٍ داخلية، كما يسعى الكيان، لأنّها أشدّ بأساً من الدخول في مهاتراتٍ “زواريب” عفا عليها الزمن.
الخلاصة أنّ الكيان أمامه ثلاثة خيارات ليس رابعها التسويف، أن يستخرج لبنان ثرواته، أو أن يُمنع من ذلك، والمنع بالمنع، أو أن يذهب لخيار يوم القيامة.