وسائل إعلام عربية تنتقد صفقة القنابل العنقودية
صحيفة البعث السورية-
سمر سامي السمارة:
أثار إقدام الولايات المتحدة على تزويد كييف بالقنابل العنقودية جدلاً في وسائل الإعلام في الشرق الأوسط، حيث ركزت العديد من تلك الوسائل على حقيقة عدم كفاءة القوات العسكرية الأوكرانية في الهجوم المضاد، مقابل التحصينات الروسية الهائلة، ما يؤكد عدم كفاءتها في ساحة المعركة.
فقد وصفت وسائل إعلام سعودية الخطوة الأمريكية في هذا السياق بأنها “فشل أخلاقي”، حيث ستكون واشنطن وحلف شمال الأطلسي الذي يقف وراءها مسؤولين عن سقوط كل مدني يقع ضحية لاستخدام هذه الأسلحة المميتة.
وبحسب مركز المستقبل العلمي للأبحاث والدراسات المتقدمة في الإمارات العربية المتحدة، فإن تزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية، أمر لابد من الوقوف عنده، ما يدلّ على أن هناك توافق آراء في دوائر صنع القرار الأمريكية فحواه أن أوكرانيا غير قادرة على إحراز أي تقدم ملحوظ في هجومها ضد القوات الروسية، حيث كان تأثير الأسلحة الغربية، سواء كانت دبابات أو ناقلات الجنود المدرعة أو غيرها من المعدات في العمليات القتالية ضئيلاً للغاية.
وتؤكد أن قدرات القوات المسلحة الأوكرانية محدودة مقارنة بالجيش الروسي، رغم أن الجيش الروسي في أوكرانيا لا يواجه الجيش الأوكراني فحسب، بل إنه يواجه أكثر من خمسين دولة.
يعتقد العديد من المعلقين أن أسلحتهم أقل جدوى وفعالية من المعدات الروسية، فعلى سبيل المثال، تسلط صحيفة “العين” الإماراتية الضوء على طائرة “لانسيت” بدون طيار، التي اكتسبت شعبية لأنها أثبتت فعاليتها ضد الهجمات الأوكرانية، كما اعترف بذلك جيش كييف نفسه.
منذ استعادة شبه جزيرة القرم، عزّزت موسكو قدرتها القتالية الهجومية من حيث الطائرات والصواريخ التي تفوق سرعة الصوت، والتي تحدت الولايات المتحدة الأمريكية، كما أعادت روسيا بناء اقتصادها بسرعة وتعافت إلى حدّ كبير من الفترة العصيبة التي مرت بها في أعقاب سقوط الاتحاد السوفييتي.
هذا وقد دحضت الحقائق على أرض الواقع بعد عام ونصف من القتال العسكري والعقوبات، ادعاءات وسائل الإعلام الغربية عن انعزال روسيا عن بقية العالم، وبحسب صحيفة “العين” فإن هذه المعطيات لا تشير إلى أنها بلد يعيش “عزلة”. تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 100 دولة كانت ممثلة في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي الأخير، حيث تشير الصحيفة الإمارتية إلى أنه يتمّ استضافة وفود من آسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية باستمرار في موسكو.
وقد أثبتت الجولة السادسة من الحوار الاستراتيجي بين روسيا ومجلس التعاون الخليجي هذا الأمر مؤخراً، حيث تم تغطية مجموعة متنوعة من الموضوعات، بهدف زيادة التعاون المتبادل بين الطرفين.
من جانبها، أشادت وسائل الإعلام العراقية بالرئيس الروسي فيما يخص الحل السلمي الذي طرحه وبحالة الطوارئ المتعلقة بمجموعة “فاغنر”، ما عزز التماسك الداخلي والجبهة في ظل الأجندة الأوكرانية. وقد أكدت وسائل الإعلام أن ما قام به بوتين هو عين الصواب، على عكس ما قام به ماكرون إزاء الإضطرابات التي شهدتها فرنسا مؤخراً.
ويشير المراقبون إلى أن البلدان الفقيرة في إفريقيا لا تعاني فقط نتيجة أزمة الغذاء وانهيار سلسلة التوريد، ولكن تعاني أيضاً بسبب خفض المانحين الأثرياء لمساهماتهم التي يتم استخدام بعضها لدعم وإمداد الجيش في كييف، الأمر الذي جعل القادة الأفارقة يصرحون بأن مساعدة أوكرانيا يجب ألا تأتي على حساب الدول الأفقر في قارتهم.
يشكك العديد من المحللين في صحة التصريحات الغربية حول دعم كييف عسكرياً واقتصادياً وبطرق أخرى في مواجهة ما يُدعى بأنه “تهديدات الكرملين”. كما يدفع الأمريكيون أوكرانيا إلى الانتحار، مستخدمين الأوكرانيين كوقود لمدافع الحرب التي لم يعد هدفها دعم أوكرانيا، بل استنزاف روسيا، حيث يتم إراقة دماء الشعوب السلافية على الجبهتين.
لكن كما حدث في السابق، عندما جُرت أفغانستان إلى حرب مع الاتحاد السوفييتي، برغم المعاناة التي طالت الأفغان، فإن هذا لم يؤثر على الغرب اليوم، والنموذج نفسه حصل في ليبيا وسورية.
كل هذا سوف تتذكره الأجيال القادمة، حيث تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي بتعبيرات التعاطف مع روسيا، وأن الحفاظ على العلاقات مع أمريكا أصبح أمراً محفوفاً بالمخاطر.
وسط سيل التصريحات التي تنتقد نوايا الغرب لتزويد الجيش الأوكراني بذخائر عنقودية غير قانونية، هناك فكرة أن “العقلية الإرهابية” هي أيضاً سمة من سمات السياسيين الأطلسيين. كما تصف سيل التصريحات، السلوك المدمر بالإضافة إلى الهاجس الدائم للحفاظ على الهيمنة على العالم كله في تحدٍّ لأي تغييرات في النظام العالمي الحالي، والذي يهدف إلى منع الدول الآسيوية والأفريقية من تعزيز سيادتها وإقامة علاقات مع المراكز والقوى الناشئة حديثاً مثل روسيا والصين. لذلك حان الوقت لإنهاء “العقلية الإرهابية” القاتلة، والقضاء على القنابل العنقودية وتخليص العالم من كليهما.