وحدة المسار والمصير
صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
عندما تغيب الواقعية السياسية ويحل الغضب مكانها، يصبح الفهم مقيدا بضبابية مفروضة. فما يقوله الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، لن يتفهمه الآخرون، بل هم لايريدون فهمه، بل رفضه قبل ان يقال كما ثبت في كل المرات التي يردد فيها نصرالله كلامه ويعيده على الملأ.
فمنذ ان خرجت الى النور معلومات عن مشاركة حزب الله في منطقة القصير، قامت الدنيا ولم تقعد، اعلن تيار ” المستقبل ” الذي ليس فيه مستقبليون ، بل متلبسون للاسم، استنكاره للمشاركة، وعلت اصواته ومن معه من قوى 14 آذار مطالبين بخروجه من سوريا..وهكذا بقدرة قادر، تحول هؤلاء الذين التزموا دائما مطلب نزع سلاح حزب الله الى المطلب الجديد بالانسحاب من القصير .. لكن الحزب كان قد أوغل سريعا في تقديم نفسه كجزء من الميدان القومي الذي يضمه والجيش العربي السوري ..لم يكن امامه سوى القيام بما قام به، فسوريا الأسد، تخوض معركة قومية عن سوريا وعن لبنان وعن عرب آخرين وعن فلسطين .. إذ بات واضحا، ان اي اختفاء للرئيس السوري بشار الاسد سوف يعني حربا داخلية سورية هائلة لاتبقي ولا تذر، لكن الاهم ان صفحات مدوية من القضية الفلسطينية لن تجد لها مطرحا، كما ان حزب الله سيكون محاصرا ومنتظرا من سيأتي لفرض القتال عليه، وقلما اخفت العصابات السورية المسلحة نواياها بالتحول للقتال ضد حزب الله اذا ماتسنى لها ” التغيير “في سوريا، كما ان ابرز قادة المعارضة امثال برهان غليون تحدثوا علنا عن التعامل مع اسرائيل من اجل هذا الغرض، ويفترض بهذا ” المثقف”الذي تأثر به عديدون من خلال أفكار كتبه ان لايكون مستعجلا في مد اليد الى العدو قبل ان يتأكد من انه باق وجماعته وعصابته المسلحة في الميدان، فيما هو وائتلافه ومن لف لفهم، سيظل حلمهم بالعودة الى سوريا حلم ابليس بالجنة.
بالأمس أعاد نصرالله القول انه لن يقايض وجوده في سوريا ببضع وزارات لاتغني ولا تثمر .. ماذا يفعل حزب الله بوزارات والوجود الوطني والقومي السوري كما هو وجوده بات على المحك، ولطالما كانت المعركة في ابعادها تخص سوريا ولبنان، فهي بالتالي ذات مصير واحد يحق لنصرالله حتى مباهاة الانخراط بها،
فالعصابات المسلحة في سوريا وان تحدثوا العربية فهم اكثر قذارة من الاسرائيلي، بل هم الاخطر على مستقبل سوريا ولبنان اللذين يشكلان في نهاية المطاف حلبة واحدة تتشارك المصير والمسير.
هل فهم “المستقبليون “ما اعاده نصرالله من اثبات قتاله الى جانب الجيش العربي السوري .. اعرف انهم يعرفون التفاصيل، لكنهم بعدما قيدوا اسماءهم في السجل المضاد المتمايز بحقده الشخصي اضافة الى صهيونيته المعتمدة، فهم سيعيدون المطالبة بانسحابه من اجل تشكيل وزارة ضرب بها نصرالله عرض الحائط اذا كانت مقايضة بوجوده في العرين السوري الذي هو عرينه.
صار مفهوما اذن ان حزب الله شريك سوريا في معاركها يوم كانت سوريا ايضا شريكته في معاركه وفي مصيره الوطني.. مايجمع الطرفان اكبر من ان يستوعبه ” المستقبل ” وغيره .. هو ماتعرفه اسرائيل بدقة وتخافه، وتحسب له ألف حساب.