واشنطن تعمل لتحسين أوراقها لإدراكها أن إسقاط سورية أصبح من الماضي
معطيات دبلوماسية لا تستبعد تسوية أميركية ـ روسية في الربع الأول من العام المقبل
صحيفة البناء اللبنانية ـ
حسن سلامه:
بات من الواضح أن الحلف المعادي لسورية على إدراك كامل أن انتصاره في هذه المعركة أصبح من المستحيلات، بعد أن جرب كل «سيناريوهات» التآمر باستثناء التدخل العسكري المباشر الذي أصبح من الماضي نتيجة عوامل ومعطيات عديدة، بدءاً من الأوراق التي تملكها سورية، إلى موقع حلفائها في المنطقة مروراً بالموقف الروسي الحاسم في رفض أي تدخل مباشر وانتهاء بالتكاليف الكبيرة لأي عدوان خارجي.
وعلى هذا الأساس يتجه الوضع المتعلق بالأزمة السورية نحو أحد خيارين كبيرين لا ثالث لهما:
ـ الخيار الأول، ويتعلق بإمكان استمرار الأزمة وإطالتها إلى فترة طويلة بانتظار أن تحسم القوات السورية الأمور الميدانية على الأرض بشكل نهائي. وتقول مصادر سياسية واسعة الاطلاع إنه رغم الضربات التي يوجهها الجيش السوري للمسلحين، فإن إصرار حكام الخليج في السعودية وقطر على تمويل وتسليح المجموعات الإرهابية، بالإضافة إلى تآمر بعض العواصم الغربية وبالدرجة الأولى أنقره وباريس ومعهم أدواتهم في دول عربية أخرى والذين يعملون جميعاً على استقدام الإرهابيين من كل أصقاع الأرض إلى سورية سيؤدي إلى مزيد من العنف والإجرام من قبل هذه المجموعات.
ـ الخيار الثاني، أن تحمل الأشهر القليلة المقبلة إمكانية الوصول إلى حلول سياسية لهذه الأزمة، عبر حصول توافق أميركي ـ روسي ليس فقط حول سورية، بل أيضاً حول العديد من قضايا المنطقة والشرق الأوسط، لأنه من دون الوصول إلى هكذا صفقة من غير المرجح انتهاء الأزمة قريباً.
لذلك، فالسؤال، هل ستشهد الأشهر القليلة المقبلة اتفاقاً أميركياً ـ روسياً على هذه القضايا، بدءاً من الوضع في سورية؟
في معلومات للمصادر السياسية أن الوصول إلى هذا الاتفاق أمر ممكن خصوصاً أن هناك الكثير من المعطيات التي لا تستبعد هكذا تسوية في المرحلة القريبة انطلاقاً من الآتي:
ـ أولاً: لقد أظهر الأميركي في خلال تعاطيه مع الأزمة السورية، أنه لا يريد التدخل المباشر خوفاً من الأثمان الكبيرة التي سيدفعها هو وحليفته «إسرائيل» في حال دفع الوضع الإقليمي نحو حرب كبرى، بل أن الأميركي بدأ أخيراً يتوجس كثيراً من سيطرة المجموعات المتطرفة على المجموعات المسلّحة في سورية، بحيث تظهر التقارير أن هناك قلقاً أميركياًً من انتقال الأزمة السورية إلى بعض الدول المحيطة، خصوصاً الأردن وتركيا. وبالتالي لجوء تنظيم «القاعدة» إلى توسيع دائرة أعماله الإرهابية لتشمل هذه البلدان ما سيهدد المصالح الأميركية.
ثانياً: إن كل المعطيات التي تبلغتها الجهات السياسية عن الإدارة الأميركية، تشير إلى أن «البنتاغون» وهو صاحب القرار الأول في اتخاذ القرارات داخل هذه الإدارة يتجنب دفع الأوضاع في سورية، واستطراداً في الشرق الأوسط نحو حرب واسعة، ولذلك فقد يدفع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما نحو السعي لتبريد الأوضاع في المنطقة.
ثالثاً: تؤكد المعلومات أن هناك الكثير من التقاطعات الأميركية ـ الروسية حول الوضع في سورية وحتى حول بعض قضايا الشرق الأوسط. ولذلك فلا يستبعد أن يتم السعي لعقد قمة بين رئيسي البلدين خلال الشهرين المقبلين، علماً أن بعض المعطيات تشير إلى أن مثل هذه القمة قد تحصل نهاية كانون الثاني أو في شباط المقبل.
انطلاقاً من هذه المعطيات، تلاحظ المصادر السياسية أن الفترة الحالية بالنسبة للقوى المؤثرة في الوضع الإقليمي خاصة الأميركي والروسي هي فترة تجميع الأوراق، ولذلك ترجح المصادر أن تستمر الأعمال الإرهابية من جانب المجموعات المسلحة في غضون الأشهر القليلة، وقد يسعى المحركون لهذه المجموعات إلى تصعيد العمليات الإجرامية بالتزامن مع تحريك ما يسمى ائتلاف الدوحة الذي أصبح الأداة الثانية بيد الأميركي بعد المجموعات المسلحة.
وهذا يعني أن الوضع في سورية مرشح حتى نهاية كانون الثاني أو شباط المقبلين لمزيد من أعمال العنف لأن الأميركي يسعى لأن تكون هناك أوراق مؤثرة بين يديه إذا ما اضطر لإجراء صفقة مع الروسي، بينما القيادة الروسية تعتبر أن الموضوع السوري يدخل في سياق المصلحة الاستراتيجية لروسيا. وهو لذلك لن يتساهل أو يتراجع عن مواقفه.