واشنطن تطرح على لبنان رسم خط ازرق بحري غير نهائي مع “اسرائيل”
داود رمال –
صحيفة السفير اللبنانية:
رغم الانشغال الاميركي المكثّف في القضايا المشتعلة على مساحة الوطن العربي، ومعها التحولات الاقليمية والدولية المرتبطة بالموقف والتوجهات من ملفات حساسة مطروحة، كان من أبرزها الملف النووي الايراني الذي وضع على سكة «الصفقة الكبرى»، إلا ان الادارة الاميركية لا تهمل تفصيلا حيويا يدخل في إطار مصالحها الاستراتيجية على صعيد المنطقة، ومنها الملف النفطي والغازي في مياه المتوسط قبالة قبرص وسوريا ولبنان وفلسطين المحتلة.
وفي هذا الإطار تأتي الزيارات الدورية التي يقوم بها نائب مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الطاقة آموس هوشتين الى المنطقة، وحرصه الشديد على أن يكون لبنان محطة أساسية في أي جولة يقوم بها، وكانت آخرها زيارته الى بيروت في التاسع عشر من الشهر الجاري حيث التقى كبار المسؤولين اللبنانيين والجهات المعنية بالملف النفطي، من مدنية وعسكرية، ولم يعقد لقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لوجوده في زيارة الى الخارج.
كانت تلك هي الزيارة الثالثة التي يقوم بها آموس هوشتين، وهو ليس مكلفاً بمهمة تفاوض حول الملف النفطي والخلاف المستحكم مع العدو الاسرائيلي حول الحدود البحرية، لا سيما في المنطقة الاقتصادية الخالصة، بل يتولّى مهمة الوساطة حول هذا الأمر عبر طرح أفكار حلول على الجانبين في سبيل تأمين تفاهم ما يؤدي الى البدء الآمن بالتنقيب واستخراج النفط والغاز، لذلك تأتي زيارته في إطار السعي الديبلوماسي الأميركي لتسهيل مسألة مساعدة لبنان على استخراج هذه الثروة وتحديد حدوده، بعيدا من التوترات والمشاكل المتواصلة.
ويرى بعض الذين تابعوا لقاءات آموس أن مهمته تأتي بالتالي «استكمالا لمهمة سلفه الموفد فريدريك هوف الذي أشبع هذا الملف تمحيصا وتنقيبا وكوّن عنه إطارا متكاملا، وهو الذي سبق له أن تواصل مرارا وتكرارا مع وزارة الطاقة والجيش اللبناني والامم المتحدة، قبل أن يتقاعد من هذه المسؤولية لتناط بخلفه آموس الذي يحمل مبادرة يعمل على تدوير الزوايا بشأنها، بما يؤمّن الانتقال من حالة المراوحة الى مرحلة عملية جديدة تتيح البدء بعملية الاستثمار بلا عوائق».
فما هو جوهر مبادرة الموفد الأميركي؟
يوضح مصدر مواكب لزيارة آموس أنه «خلال المناقشات معه برزت لديه فكرة ظهّرها تباعا، وهي مستقاة ممّا يشبه صيغة الخط الازرق الذي رسمت بموجبه الحدود البرية عقب الاندحار الاسرائيلي عن معظم الارض اللبنانية باستثناء مزارع شبعا اللبنانية وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر ونقاط التحفظ المشار اليها في الوثيقة الموجودة لدى الأطراف المعنية، لا سيما الأمم المتحدة. وخط بحري كهذا في حال ترسيمه سيعتبر انه غير نهائي، وبالتالي نبقي المساحة المتنازع عليها بمحاذاة الخط، من الجهتين، خارج عملية الاستثمار، ولا يحق لأي من الجانبين القيام بعمليات تنقيب فيها الى حين حسم الترسيم بشكله النهائي، بينما يتم البدء بعملية الاستثمار في بقية المناطق غير المتنازع عليها وفق إطار التفاهم أو الاتفاق على الخط الأزرق البحري الذي سيرسّم».
يؤكد المصدر «أنه على المستوى اللبناني، هذا الأمر يحتاج الى توافق يعبّر عنه عمليا بقرار يصدر عن مجلس الوزراء، وهو غير متوافر حتى الآن. وحتى قبل مسار مجلس الوزراء فإن هذا الأمر بحاجة الى موافقة من الوزير المعني وتبنّيه، أي وزير الطاقة. ناهيك عن الوزارات والادارات والمؤسسات الاخرى المعنية. كما ان هذا الامر يعني مباشرة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وحتى رئيس مجلس النواب الذي قد يقال انه ليس جزءا من السلطة التنفيذية لكنه حكماً هو جزء أساسي من الدولة اللبنانية. لذلك نجد أن الموفد الأميركي كلما حضر الى لبنان يلتقي دائما كلاً من رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ووزير الطاقة وقيادة الجيش».
ويشير المصدر إلى أن «رئاسة الجمهورية عقدت عدة اجتماعات بهذا الخصوص، وهي مفتوحة لتنسيق المواقف بين كل الوزارات والإدارات المعنية، كما تم تشكيل لجنة برئاسة رئيس الحكومة لمتابعة هذا الملف عن كثب».
هل أثمرت زيارة آموس الأخيرة؟
يكشف المصدر المواكب عن أن «ما يمكن الإفصاح عنه في هذا المجال هو أن زيارة الموفد الأميركي الأخيرة أثمرت نوعاً من الموافقات المبدئية الأولية مع الذين التقاهم على مسألة الخط البحري الشبيه بالخط الأزرق البري. إلا ان الجدل القائم، والذي يحتاج الى حسم لبناني اولا، هو حول ما إذا كانت الموافقات المبدئية الأولية التي سمعها آموس في لبنان كافية للقول بحصول تفاهم أو اتفاق، ام أن الأمر بحاجة لتأكيد عبر قرار من مجلس الوزراء».