هولاند والهوة السعودية
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
يربط المسؤولون الفرنسيون مصير علاقتهم بالمنطقة بمستقبل العدوان الفاشل على سوريا وقد انتقلت إدارة الرئيس فرانسوا هولاند من الشراكة مع إمارة قطر التي ميزت عهد ساركوزي إلى شراكة معلنة مع المملكة السعودية التي تجاهر مؤخرا بالخيبة الهستيرية بعد ردع قرار أوباما بالعدوان على سوريا .
أولا تكفل كل من الرئيسين ساركوزي وهولاند بتدمير الصورة الافتراضية للدولة الفرنسية كقوة عظمى مستقلة وظهرا تابعين كليا للأوامر الأميركية بينما شابت حماسهما للعدوان العالمي على سوريا شبهات مالية مباشرة تتصل بالعلاقة مع قطر والسعودية وهو ما تداولته الصحافة ووسائل الإعلام الفرنسية خلال السنوات الأخيرة وبغض النظر عن هذه الزاوية من الموضوع فقد ظهر الرئيس هولاند في الأسابيع القليلة الماضية مهتاجا وموتورا في الدعوة لضرب سوريا ثم لم يتمكن من مواكبة التراجع الذي فرض نفسه على الإدارة الأميركية وتشارك مشاعر الخيبة مع المملكة السعودية التي تبدو في وضع صعب بعد تلاحق الضربات على رهاناتها نتيجة انقلاب متدرج في المناخ الدولي لصالح الرئيس بشار الأسد وبفعل بدء مسيرة الحوار الأميركية الإيرانية .
ثانيا حول هولاند فرنسا إلى دولة فاشلة في بناء وتكوين سياسة خارجية مرنة ففي عهود سابقة من الحكم الفرنسي ورغم الخضوع المستمر للقرار الأميركي توافرت مخيلة لدى بعض المسؤولين الذين حرصوا على التمايز ولو لفظيا عن المواقف الأميركية للاحتفاظ بهوامش للمناورة وبالقدرة على لعب أدوار الوساطة حين تطلب واشنطن ذلك بعد فشل مخططاتها الهجومية وهذا ما سعى إليه ساركوزي في علاقته بسوريا ورئيسها للمساهمة في احتواء الفشل الأميركي ونتائجه وخصوصا هزيمة إسرائيل في حرب تموز .
الاقتران المصيري بالمملكة السعودية يعني دعم المعكسر الخاسر في المنطقة والانحياز إلى خنادق تمويل القاعدة في سوريا ومجاراة الغضب السعودي من صعود القوتين الروسية والإيرانية باعتراف أوباما ومن انتصار الرئيس بشار الأسد الذي بات إعلانه مسألة وقت هذا ما سيقود إلى العزلة الفرنسية الكلية عن استثمار التحولات الجديدة في المنطقة والعالم وحيث لا يعوض الرضى السعودي كل ذلك الفشل المشين لأجل شريك لا يمكن الدفاع عن صورته كنظام استبدادي متحجر وعاجز عن التطور مقابل صورة الأسد الحضارية والعلمانية في مجابهة الإرهاب العالمي الذي يدعمه آل سعود.
ثالثا من وصمات العار التي راكمها ساركوزي وهولاند على جبين فرنسا في سياق الموضوع السوري خيانة مسلمات السياسة الخارجية الفرنسية التقليدية المعلنة وأبرزها الحرص على حماية وجود المسيحيين في الشرق وعلى دورهم في بلدانهم .
لقد سلحت فرنسا ودعمت سياسيا جماعات إرهابية قامت بارتكاب جرائم ضد المسيحيين وممتلكاتهم واماكن عبادتهم في جميع انحاء سوريا وتكفلت بتغطية تلك الجرائم تحت غطاء ثورة مزعومة لم تكن سوى عدوان استعماري شاركت فيه حكومتا ساركوزي وهولاند إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وحكومات تركيا والخليج بل إن مسؤولين فرنسيين كبارا جاهروا بالضلوع في مؤامرة تهجير المسيحيين من سوريا ولبنان وما نقل عن لقاء البطريرك بشارة الراعي مع نيكولا ساركوزي يكفي بذاته في التعبير عن حقيقة الموقف الفرنسي غير الآبه بمصائر مسيحي الشرق الذين حفظوا للدولة الوطنية السورية ولرئيسها شرف الموقف الوطني والخيار العلماني في شرق متعدد يهدده التكفيريون وحلف العدوان على سوريا بحمامات دماء وبمشاريع اقتلاع وتهجير جماعي للمسيحيين الذين قاوموا وصمدوا مع الجيش السوري والدولة السورية وحفظوا سطور العار الفرنسي والغربي بالتآمر عليهم .