هل يُكرّرُ التركيُّ سيناريو 2011 مع مدينةِ رأسِ العين الحدوديّة
تُعدُّ مدينةُ رأس العين السوريّة 80 كم غربَ مدينةِ الحسكةِ حَلبةَ الصِّراعِ الأُولى بين المسلّحينَ والدولةِ السوريّة، وكشفت بشكلٍ واضح الدورَ التركيّ البارز في تأجيجِ الأوضاعِ داخلَ الأراضي السوريّة عندما سهّلت دخولَ العشراتِ من المسلّحينَ المتشدّدينَ إلى المدينةِ، فسيطروا على أجزاء منها شتاءَ 2011 .
المدينةُ التي يقطنها نحو 35 ألف نسمةٍ من المكوّن العربيّ والكرديّ والمسيحيّ، شَهِدَت اشتباكاتٍ داميةً بين المتشدِّدينَ المدعومينَ من تركيا، والمفارز الأمنيّة ضمنَ المدينةِ، وانتقلت الاشتباكاتُ إلى المجموعاتِ الكرديّةَ التابعة لحزبِ الاتّحادِ الديمقراطيّ من جهة والمسلّحينَ من جهةٍ أُخرى، واستمرّت لأكثر من سنتين، لتنتهي بإعلانِ سيطرةِ الكردِ بشكلٍ كاملٍ على المدينة.
رأس العين من المدنِ الحدوديّةِ المُلاصقةِ للحدودِ التركيّةِ، ولا يفصلها عن مدينةِ جيلان بينار التركيّة سِوى سكّةُ قطارٍ وبوّابةٌ حدوديّة، وكانت خطوةً لاستكمالِ التمدّدِ باتّجاهِ وصلِ الكونتوناتِ الثلاثة التي تُشكّلُ “روجا افا”، ومع تطوّراتِ الأحداثِ الأخيرة “غصن الزيتون” باتت المدينةُ إلى جانبِ مدينةِ تل أبيض الحدوديّة شمال الرقّة نُقطتَي ضعفٍ قد تدفعُ الأتراكَ لتكرارِ سيناريو 2011 .
وحداتُ حماية الشعبِ “الكرديّة” كثّفت من تواجدِها في مدينةِ رأسِ العين مع التحرّكاتِ العسكريّة على الجانبِ التركيّ وحدثت مناوشاتٌ متقطِّعةٌ بين الطرفين أسفرت عن مقتلِ عددٍ من وحداتِ حمايةِ الشعبِ في الصوامعِ وعندَ البوّابةِ الحدوديّةِ وشرق المدينةِ عندَ “علوك”، وسحبت عناصرَ من مناطقِ السيطرةِ داخلَ محافظةِ الحسكة إلى داخلَ مدينةِ رأس العين.
وقالت مصادرُ داخلَ مدينةِ رأسِ العين لوكالةِ آسيا إنَّ الأوضاعَ داخلَ المدينةِ متوتّرةٌ، وهناكَ قلقٌ لدى الأهالي جرّاءَ ما يحدثُ على الشريطِ الحدوديّ الفاصلِ بين الطّرفين، وغالبيّة الأهالي نزحوا من منازلِهم وأُجبِرَ آخرونَ على تركِها، واستولى عناصرُ الوحداتِ على “ﻣﺨبز ﺍﻟﻌﺒو ﻭﺑﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﺤﺒﺎﻟﺸﺔ” لتكون خطوط مواجهةٍ في حال هاجمَ الجيشُ التركيُّ المدينةَ .
وأضافت المصادرُ أنَّ الوضعَ في مدينةِ رأسِ العين ينطبقُ على كاملِ مدنِ الشريطِ الحدوديّ، إذ أخلت الوحداتُ الكرديّةُ كافّة المخافرِ بين مدينتي رأس العين والمالكيّة مروراً بعامودا والدرباسيّة والقامشلي، وسحبت عناصرها إلى داخل القُرى والمدنِ، وفتحت عدداً من الفتحاتِ في الجدارِ الإسمنتيّ الفاصل بين الحدود، وأجرت تحصيناتٍ مختلِفة تزامناً مع تكثيفِ الجانبِ التركيّ للطلعاتِ الجوّية الاستطلاعيّة على الشريطِ الحدوديّ.
مصدرٌ مطّلعٌ اعتبرَ ما يحدثُ على الحدودِ السوريّة التركيّة بمثابةِ عمليّات إشغالٍ للجيشِ التركيّ من قِبَلِ الوحداتِ الكرديّة لتخفيفِ الضغطِ العسكريّ على قُرى عفرين، ولا سيّما أنَّ الجيشَ التركيّ خلالَ الفترةِ الماضية كانَ يقومُ بالردِّ على مصادر إطلاقِ النارِ من الأراضي السوريّة .
وقلّلَ المصدرُ من المخاوفِ الناتجةِ عن الإشاعاتِ التي تتحدّثُ عن نيّةِ التركيّ الدخول إلى المدينةِ واستباحتِها مرّةً أُخرى كما فعلَ عام 2011، معتبراً أنَّ الموضوعَ مُختلفٌ تماماً عن عفرين؛ فالأتراكُ لا يفتحونَ أكثر من جبهةٍ على سلسلةٍ حدوديّةٍ تمتدُّ على طولِ 700 كم تقريباً، وأنَّ ما يحدثُ في الجانبِ التركيّ من استقدامِ تعزيزاتٍ عسكريّةٍ وتحرّكاتٍ وتحليقٍ للطيرانِ أمورٌ احترازيّةٌ لضمانِ أمنِ وسلامةِ الحدود .