هل يقوى "داعش" على اختراق الأمن الروسي؟
مع انطلاق العملية الجوية الروسية في سوريا، تعاظمت نسبة الروس المتوجسين من خطر الإرهاب، كما ازدادت ثقتهم بقدرة الأجهزة الأمنية والجيش على حماية البلاد.
وفي هذا الصدد، أجرى “المركز الروسي لاستطلاع الرأي العام” استفتاء وقف فيه على آراء المواطنين ومخاوفهم إزاء الآثار الأمنية التي قد تترتب على البلاد مع انطلاق العملية الجوية الروسية في سوريا لمكافحة الإرهاب في 30 سبتمبر/أيلول الماضي.
وخلص تقرير المركز المذكور إلى أن نسبة المرتابين بين الروس من خطر الإرهاب ازدادت مؤخرا قياسا بنهاية العام 2014، وأن 65 في المئة ممن استطلعت آراؤهم يخشون السقوط ضحية للإرهاب، بينما يجمع 7 في المئة فقط من المستطلعين على أنهم لن يتأذوا وأقرباؤهم من الإرهاب أيا كان.
وكشف التقرير عن أن من يخشون الإرهاب أكثر من غيرهم بين الروس، هم من يتابعون التطورات في سوريا وعلى دراية بمجرياتها وتبعاتها.
ويشير كذلك إلى أنه، ورغم التخوف العام السائد في الشارع الروسي على هذا الصعيد، إلا أن أكثر من 75 في المئة من المواطنين على ثقة تامة بقدرة القيادة الروسية على حمايتهم وحماية البلاد من خطر الإرهاب الوافد.
وخلص التقرير إلى أن معظم الروس قلقون حيال خطر “داعش” الإرهابي، بينما يرى 14 في المئة ممن استطلعت آراؤهم أن الولايات المتحدة هي الخطر الأول على روسيا. كما تراجعت حدة المخاوف بين الروس من خطر الإرهاب الذي قد يستهدف بلادهم في القوقاز أو باقي مناطقها، وتعاظمت إزاء احتمال تسلل الإرهابيين إلى روسيا من بلدان الشرق الأوسط على خلفية الفوضى والانفلات الأمني والحروب والأزمات هناك.
وبالتوازي مع بيانات هذا التقرير، تجمع الإحصاءات الرسمية والمستقلة على تعاظم شعبية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل منقطع النظير طوال عام ونصف على التوالي، بينما أشارت آخر الاستطلاعات إلى أن نسبة تأييد بوتين ونهجه وصلت إلى 89,9 في المئة على ضوء العملية الجوية الروسية في سوريا، وقراره الجريء دعم الشرعية في هذا البلد ومؤازرته في مكافحة الإرهاب الذي أدماه على مرأى من العالم.
ففي، الأمس أكد بوتين خلال أعمال منتدى “فالداي” الحواري الدولي أن روسيا تفضل محاربة الإرهاب في سوريا واستباق قدومه إلى أراضيها.
وعبر في هذه المناسبة عن اعتزازه بالطيارين الروس الذين يشاركون في العملية الجوية، وأشار إلى أنهم بقتالهم التنظيمات الإرهابية هناك لا يدافعون عن مصالح الشعب السوري فحسب، وإنما يحرسون بالدرجة الأولى مصالح روسيا والشعب الروسي.
ورغم ثقته بجدوى العملية الجوية في سوريا وأداء طياريه، أكد بوتين أن خطر الإرهاب على روسيا لم يتغير، وأنه ما انفك يحدق بها قبل إطلاق هذه العملية وإبانها.
ومن نتائج الاستطلاع وما تقدم، تأتي ثقة المواطنين الروس بقدرة البلاد وقيادتها على صد الإرهاب وكسر سطوته في الداخل والخارج لتدحض جميع المزاعم التي تروج في إطار الحرب الإعلامية المتحفظة على العملية الروسية في سوريا لأن روسيا، ستغرق في “المستنقع السوري” أولا، وستعاني “هجمات إرهابية انتقامية” ثانيا.
الميدان وخلافا لهذه “النبوءات” يشهد على صواب القرار الروسي في مكافحة الإرهاب بعيدا عن الحدود، ويفند فرضية تصنيف الإرهابيين “بين أخيار وأشرار” والتي طالما حذرت منها موسكو واشنطن وحلفاءها المصممين حتى اليوم على مكافحة الإرهاب بشكل منفرد، وبمعزل عن استصدار أي قرار دولي بذلك، ودون موافقة، أو تنسيق مع السلطات الشرعية في سوريا.
الغارات التي يشنها الطيارون الروس، وهم من يعتز بهم بوتين، أثبتت فعاليتها وقوضت عزيمة الإرهاب، وأحرزت حتى اليوم وبإجماع مراقبين، ما عجز عنه التحالف الدولي في أكثر من عام.
واستمرارا لمواجهة الإرهاب ووأده، وتأكيدا لثقة الروس بقدرة الأجهزة الأمنية على صون البلاد من خطر الإرهاب، كشف جهاز الأمن الفيدرالي الروسي مؤخرا عن خلية إرهابية كانت تنشط في إحدى ضواحي موسكو وأوقفت الشرطة 97 شخصا صدرت أحكام قضائية بحبس 20 منهم على ذمة التحقيق.
نعم، الروس متوجسون من خطر الإرهاب شأنهم في ذلك شأن جميع الشعوب المتحضرة، لكن خوفهم هذا قد فرضه عليهم واقع الفوضى الذي يعم مناطق واسعة في العالم، وسياسات تفريخ الإرهابيين، وبدعة ابتكار مسميات وتوصيفات صارت تختلط على الجميع، تطلق على مسلحين وزمر خارجة عن القانون في هذا البلد أو ذاك، تعود في جذورها إلى حقبة الحرب الباردة والوجود السوفيتي في أفغانستان ومساعي إنهاك قواته وحضوره هناك.