هل يقترب لبنان من تسمية رئيس حكومة جديد خلفا للحريري؟
أشارت مصادر سياسية لبنانية الثلاثاء إلى إحراز تقدم في المحادثات الجارية لتشكيل حكومة جديدة بعد أكثر من شهر على استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري في 29 أكتوبر/تشرين الأول وتعثر المحادثات بين الأحزاب الرئيسية المتناحرة تحت وطأة الاحتجاجات التي يشهدها لبنان منذ 17 أكتوبر، على خلفية مطالب معيشية.
وكان قد تم التوصل إلى اتفاق سابق الشهر الماضي لكنه فشل بعد انسحاب الوزير السابق محمد الصفدي كمرشح لرئاسة الحكومة.
ففي بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، الأربعاء، بعد ساعات من بيان أصدره رؤساء حكومات سابقة، انتقدوا فيه المشاورات الجارية لتسمية رئيس وزراء جديد خلفا لسعد الحريري، دون مراجعة البرلمان.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن رئاسة الجمهورية أن الرئيس ميشال عون سيستقبل ممثلي الكتل البرلمانية الإثنين، في قصر بعبدا، كل على حدة.
وفي وقت سابق الأربعاء، أصدر رؤساء الوزراء السابقين، نجيب ميقاتي، وفؤاد السنيورة، وتمام سلام، بيانا، قالوا فيه إن “إهمال إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف، مع إنكارٍ متمادٍ لمطالب الناس المستمرة على مدى قرابة خمسين يوماً، يُعد استخفافاً بمطالب اللبنانيين، وتجاهلاً لإرادتهم من قبل رئيس الجمهورية”.
وردت رئاسة الجمهورية على البيان بالتأكيد على أن المشاورات التي أجراها عون، “لا تشكل خرقا للدستور، ولا انتهاكا لاتفاق الطائف”.
وأضافت أنه “لو أدرك الرؤساء السابقون للحكومة ما كان سيترتب على الإسراع في إجراء الاستشارات النيابية الملزمة من انعكاسات سلبية على الوضع العام وعلى الوحدة الوطنية، لما أصدروا البيان وما تضمنه من مغالطات، ولكانوا أدركوا صوابية القرار الذي اتخذه الرئيس عون”.
ويفرض الدستور اللبناني على رئيس الجمهورية إجراء “استشارات نيابية ملزمة” مع جميع الكتل البرلمانية والنواب المستقلين، قبل تسمية أية شخصية لتأليف الحكومة.
واتفاق الطائف وثيقة الوفاق الوطني التي وضعت في 30 أيلول/سبتمبر 1989 في مدينة الطائف السعودية بين الأطراف المتنازعة لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت لـ15 عاماً.
وبات رجل الأعمال اللبناني سمير الخطيب، المرشح الأبرز لرئاسة الوزراء، خاصة بعد إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، الثلاثاء، دعمه له لترؤس الحكومة المقبلة.
ويدعو “حزب الله” الى تشكيل حكومة “تكنوسياسية” تجمع بين اختصاصيين وسياسيين برئاسة سعد الحريري، إلا أن الأخير رفض ذلك الطرح ففي وقت يعيش اللبنانيون فيه أزمات متتالية تطال قدرتهم على توفير قوت يومهم، بدءًا بقيود النقد والمصارف مرورا بالارتفاع الجنوني لأسعار السلع وصولا الى أزمة المحروقات الأخيرة، يعتكف الحريري في قصره، غير آبهٍ بأيّ مواطن. الحريري أدار أذنه الصماء، واختار المراوغة واللعب بالأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة المقبلة، دون ان يولي حاجة الناس أقلّ اهتمام يتوجب عليه.
كل ما يجري في الشارع اللبناني لا يستفز الحريري حتى الآن، فإهانة الناس وإذلالهم من أجل الحصول على لقمة عيشهم لا يعنيه، وغيابه عن الاجتماع المالي لا يعني سوى استخفافه بالشأن المالي والأزمات المعيشية خاصةً في الأيام الأخيرة.
وفي هذا السياق، تعتبر عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر رندلى جبور في حديث لموقع “العهد” ان “ما يمارسه الحريري خلال الآونة الأخيرة، هو أكثر من مجرد استخفاف، فهو تخلٍّ عن مسؤولياته، للظهور بصورة “البطل”، وتضيف أن هذا التنصل يدين الحريري، لأن استقالته لا تنفي وجوب دعوته إلى جلسات حكومية مكثفة لإنقاذ الوضع.
واضاف ان “الحريري يعيش ازدواجية حقيقية ويتعاطى بخبث تجاه الأزمة، وهذا ما تظهره تصريحاته وبياناته الأخيرة، فما يهمّه الآن كيفية تنفيذ الأجندة أو المشروع الذي لا نستبعد ان يكون للخارج يد فيه.
وبحسب مصادر “العهد”حتى الآن لا خيارات بالنسبة للتسمية وما سيعمد النواب الى “تسميته” سيكون الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة”. وفي هذا الصدد، تلفت المصادر الى أن هناك اهتماماً خارجياً بالأوضاع في لبنان. فزيارة موفد الجامعة العربية الأمين العام المساعد للجامعة السفير حسام زكي تصب في هذا الإطار. الأخير نقل رسالة دعم من الجامعة العربية وفيها الرغبة بتأكيد التضامن مع لبنان، وقد أثنت الرسالة على حكمة الرئيس عون للمضي بإيجاد مخرج وحلول للأزمة.
وفي السياق الحكومي، تلفت المصادر الى أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اطلع من زائره المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش على مداولات مجلس الأمن والبيان الذي صدر وركز على تشكيل الحكومة، كما تطرق لموضوع “سيدر” وتنفيذ إصلاحات اقتصادية.
وقد شدد الزائر على أن مجلس الأمن يبدي اهتماماً بالشق الاقتصادي في لبنان، ويؤكد ضرورة الاسراع في مساعدته. كما لفت الى أن هناك توجها لدى مجموعة الدول الداعمة في لبنان الى عقد اجتماع موسع يضم ممثلين عن المؤسسات المالية الدولية ودول أخرى لتأكيد الدعم للبنان فور تشكيل حكومة جديدة.
ويمكن اختصار الأجواء المحيطة بالملف الحكومي بالتالي: سلسلة اتصالات على أكثر من صعيد. لا شيء محسوماً ولا خيار محددًا حتى الساعة فيما يتعلق باسم الرئيس المكلف. الرئيس عون حسم خياره بالدعوة الى استشارات نيابية الاثنين، لتتضح معالم الصورة الحكومية أكثر، عسى ولعل تأتي الساعات المقبلة باتفاق جامع يقي لبنان شر الذهاب الى خطوات مجهولة النتائج.