هل يغامر أوباما قبل مغادرته البيت الأبيض بحرب ساخنة في سورية؟!
صحيفة القدس الصادرة في فلسطين المحتلة عام 1948 ـ
الدكتور خيام الزعبي:
سأل صحافي القائد حافظ الأسد، ماذا لو هاجمت الطائرات الإسرائيلية الأراضي السورية ؟، فأجابه قائلاً : دعهم يهجمون لكن إن هاجموا أقسم لك إن الطيارين لن يرو مطار تل أبيب بعد ذاك اليوم، ثم إنتقل الصحافي لسؤال آخر: لكن سيادتك الجميع ضدك ؟، فقال الأسد : إذا حاصرت قطة في زاوية غرفة ماذا ستفعل ؟ فقال الصحفي متعجباً : سوف تهجم وتبدأ بالضرب. الأسد : نعم كنا نتحدث عن القطة ” فما بالك بالأسد ” ، لذلك فإن سورية تعرف كيف ترد بكل قوة وحزم ضد كل من يريد أن يتحداها ويريد المساس بأمنها.
كشفت تقارير صحافية دولية عديدة كـ”نيويورك تايمز” و”وول ستريت جورنال” وجود وثيقة وضعت في الخارجية الأمريكية تحتوي على نداء لبدء القصف ضد الجيش السوري، وأكدت بأن أكثر من 50 مسؤولاً في وزارة الخارجية الأمريكية دعوا لتوجيه ضربة عسكرية موجعة لسورية، بل يؤكد بعضها أن العد التنازلى لهذه العملية ربما يكون قد بدأ بالفعل، ولأن هذا النوع من التكهنات تكرر كثيراً على مدى السنوات الخمس الماضية، فمن الطبيعي أن يصبح عرضة للتشكيك، ومن المعروف أن ردود الفعل المحتملة من جانب حلفاء سورية “روسيا وإيران وحزب الله و…” تشكل أحد كوابح ردع أمريكا وحلفاؤها عن توجيه ضربة عسكرية لسورية، وجعلهم يفكرون ألف مرة قبل الدخول في جبهة حرب جديدة ترهقهم مادياً ومعنوياً.
كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن قرب إندلاع مواجهة عسكرية بين أمريكا وروسيا فوق الأراضي السورية، وقد استند هؤلاء الى معطيات عدة أهمّها ما صدر في وسائل الاعلام الروسيّة عن إمكان حصول مثل هذه المواجهات، وما أعلنه رئيس أركان الجيش الاميركي بتهديده بإلحاق هزيمة قاسية لروسيا، بالإضافة الى إرسال القوات الروسيّة منظمّة الدفاع الجوي المتطورة “أس 300” وطرّادين حربيّين الى سورية. في وقت سابق قررت واشنطن وقف التنسيق مع روسيا بشأن الأزمة السورية بعد عدة أسابيع من توقيع اتفاق بين الجانبين اعتبره كثير من المراقبين للشأن السوري خطوة مهمة على طريق إنهاء الأزمة، ولكن أمريكا عادت لتؤكد من جديد أن الإتصالات بين الجانبين “الأمريكي والروسي” ستستمر لمنع وقوع حوادث فى الأجواء السورية، لكن، وبعد التأمل، نجد أنه من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار أن أمريكا قصفت قوات سورية فى دير الزور يوم 17 سبتمبر الماضى بعد 5 أيام من دخول الإتفاق الروسى الأمريكى حول سورية حيز التنفيذ مما أسفر عن إستشهاد جنود سوريين، ولكن واشنطن قالت إن ما حدث تم عن طريق الخطأ، وتغاضت دمشق وموسكو عن الحادث فى ذلك الوقت، رغم الشكوك حول مصداقية ما أعلنته واشنطن تبريرا للهجوم، ولكن تجميد هذا الاتفاق بين الطرفين مما يعزز هجمات مشابهة في المستقبل فوق الأراضي السورية، فالتساؤل الذي يفرض نفسه هنا بقوة هو، هل تريد أمريكا تكرار القصف الجوي للجيش السوري؟ وهل ستتصدى لها المضادات الأرضية؟ .
بينما تظهر المزيد من الإشارات الدالة على أنّ واشنطن وحلفاؤها يتوجّهون نحو تسديد ضربة ما الى سورية، تبرز روسيا حيث أكدت أن إستهداف القوات السورية يعد إستهدافاً لقواتها، وأضافت أن صواريخها المضادة للطائرات والصواريخ لا يمكنها تمييز أماكن إنطلاقها، وذكرت وزارة الدفاع الروسية في بيان أن على الولايات المتحدة أن تدرس ملياً عواقب إستهداف مواقع الجيش السوري”، مضيفة أن ضربات من هذا القبيل “ستهدد بوضوح الجنود الروس، وأضافت على أنظمة الدفاع الجوي الروسية اس”300” التي نشرت في سورية في الآونة الأخيرة، أن طواقمها لن يكون لديها الوقت الكافي لرصد مسارات الصواريخ بدقة أو من أي اتجاه تم إطلاقها.
برغم من كل تلك الردود التي تدق طبول المعركة والجلسة العاجلة المقرر عقدها لمجلس الأمن لبحث تطور الأوضاع، فالواقع على الأرض والذي يقرأه المحللين الدوليين يقول إن إحتمالية وقوع حرب واسعة النطاق بين الطرفين صعبة وأن كل طرف من الطرفين لديه العديد من الأسباب التي تمنعه من خطوة البدء في حرب واسعة ضد سورية وحلفاؤها، وأهم الأسباب التي تمنع أمريكا وحلفاؤها من الإقدام على هذه الخطوة، أنه في حال أي عمل عدواني من قبل أمريكا ضد سورية سيدفع دمشق، على الأرجح، إلى القيام بردود أفعال وضرب حليف أمريكا الرئيس في المنطقة وهو إسرائيل، ما سيؤدي إلى كارثة حرب جديدة في المنطقة وخارجها، كما أن حزب الله سيدافع بكل قوته عن النظام السوري، ويمكن أن يصل الأمر إلى تنفيذ هجمات في إسرائيل وأمريكا، ومن الممكن أن تسفر الحرب عن مواجهة بين القوات الأمريكية والروسية هناك، بالإضافة إلى أن ذلك سيؤدي إلى تدهور شديد في العلاقات بين أميركا والصين واشتعال حرب عالمية، وهذا ما لن يفعله الرئيس أوباما، فضلاً عن أن الجيش السوري لديه أسلحة متطورة قادرة على تدمير الأهداف الطافية على سطح الماء بما فيها السفن الحربية الأمريكية مما يجعل خسائر القوات الأمريكية يثير غضب الرأي العام في البلاد.
في النتيجة، الحجج الواهية التي ساقها أعداء سورية لتبرير عدوانهم وحربهم على سورية، ترجمت عملياً بإخفاق واضح للمحور الأمريكي وأحلافه، في مقابل إثبات وصلابة وقدرة الجيش السوري على مواجهة القوى المتطرفة، والمحافظة على القيادة والسيطرة، وإخفاق واشنطن في إستدراج جيوش أو إستئجارها فبقيت عاجزة و وحيدة في عدوانها على سورية، فالحملة لم تحقق أي من أهدافها المعلنة، وإنما تم العكس، فالجيش السوري أحكم قبضته على مساحات واسعة من المناطق السورية التي كانت تحت قبضة داعش وأخواتها.
بكل بساطة هذه معادلة الصمود مقابل الإنكسار التي تكرسها قوات الجيش السوري وحركات المقاومة في كل أنحاء العالم، ستحصد أمريكا وأعوانها ما زرعوا، وها هي هزيمتهم بدأت، فلم تحصد أمريكا من عدوانها على سورية غير الهزيمة والعار، كما خسرت سمعتها في الشرق الأوسط أكثر فأكثر، ومن هذا المنطلق يجب على واشنطن أن تتأهب لمرحلة جديدة، فإضطراب الأوضاع في أمريكا وحلفاؤها مسألة وقت، وان النار تحت الرماد، وبإختصار شديد، إن الحرب على سورية لها آثار مدمرة متى إشتعلت وإستعرت لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي، وأن هذا العدوان سيكون كارثياً على مستقبل المنطقة بأكملها.