هل يستطيع الأمريكي الخروج من المأزق؟
موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:
المأزق الأمريكي قد بلغ الذروة، الولايات المتحدة الأمريكية تعاني من انتكاسات كبيرة على المستويين الإقتصادي والسياسي في السنوات الأخيرة، وهي ما زالت تشعل في المنطقة حرائق كبيرة، هي نفسها قد لا تكون تعرف كيف تطفئها، المهم أن تشعلها كي لا يقوم للدول العربية قائمة، سواء كان الأمر يتعلق بأحلافها أو أعدائها، فالأمر سيان بالنسبة لها، وهي لا تعبأ بأحد سوى بمصالحها وبالكيان الصهيوني الغاصب، وما عدا ذلك فهي تستغل ما تستطيع استغلاله من ضعف بعض العرب، ومن تشبث بعض العرب بها تحت مسميات عديدة (ديمقراطية وحقوق انسان وغير ذلك)، وهم يدركون أنهم يكذبون على أنفسهم بكل تلك المسميات قبل أن يكون هذا كذباً على العالم، لأن كل الأمور باتت مكشوفة وواضحة.
ولكن الأمريكي عندما يصيغ قراراته يصيغها بصفة الآمر الناهي الذي لا يرى إلا أفكاره مهما ابتعدت عن المنطق أو التصديق، وعلى العالم أن يرضخ له. الحلفاء يرضخون بصفة التبعية والمحافظة على المصالح، وغالباً ما تكون ضيقة وشخصية (للمحافظة على السلطة وإن عارضت الشعوب)، والخصوم والأعداء ـ بتفكير الأمريكي ـ يجب أن يخضعوا له أيضاً لأنه لا يريد أن يعترف بهزائمه المتتالية، وبأنه لم يعد قطباً أحادياً في العالم، وبأن الأمور تتغير والأحوال تتبدّل. لا يريد الأميركي أن يرى كل ذلك، ولا زال يمضي في رهاناته المدمّرة للعالم، وبحبائله الشيطانية التي لا تأبه لأي دماء تسيل، سيما وأن هذه الدماء بمعظمها هي دماء عربية، سواء حالفته أم عادته، لا فرق.
التردّد ـ في الإقدام على الضربة التي يهدّد بها سوريا ـ الذي أبداه أوباما مؤخراً، سببه تخوفه من الخوض في مثل هذه الحرب، ومن حقه أن يخاف لأن التجربة ـوإن كانت مصغرة بالنسبة له ـ واضحة، فهو يعرف من خلال نتائج العدوان الصهيوني في تموز 2006 على لبنان أن المقاومة إن قالت فعلت، ولا شيء يثنيها عن الفعل، وأن أهل المقاومة مؤيدون لها بالأرواح والدماء فضلاً عن الممتلكات. النتيجة أن محور المقاومة هو محور مواجهة حقيقية، ومبدأها يقول”إن كنتم تألمون فهم يألمون ولكنكم ترجون من الله ما لا يرجون” وبالإيمان والتوكل على الله تستطيع فعل المعجزات رغم اختلال ميزان القوى، وأن المقاومة استطاعت أن توظف إمكانياتها التي قد تكون متواضعة أمام جيش يعتبر نفسه من أقوى جيوش العالم (الجيش الصهيوني) وقد أخرجته من لبنان مدحوراً مذعوراً …
كل هذا يجعل أوباما يقف مرة ومرتين قبل تجرع الكأس المر ة التي لا يريدها، وكان يظن أن بعنترياته يستطيع توهين محور المقاومة، وبجرائمه الفظيعة على يد مرتزقته في سوريا قد يقلب المعادلة. وبعد أكثر من سنتين يجد بأن الأمور تزداد سوءاً، ويجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر، فهو إما عليه الإنكفاء وترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي بحيث تعيد الدولة السورية بقيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد بناء نفسها لتكون أقوى مما كانت عليه قبل الأزمة، وإما التدخل العسكري الذي لن يستطيع التكهن بمجرياته ولا بنهاياته، والذي يمكن له من خلال إجراء مقارنة بسيطة بما جرى في عدوان تموز 2006 أن يتخيل ـ نوعاً ما ـ ما يمكن أن تؤول إليه الأمور، عندها من حقه أن يخاف من إيمان قوة المقاومة الذي يمكن أن يصنع المعجزات.
التهور الأمريكي ـ ومثله الصهيوني ـ بطبيعته مندفع نحو الجرائم، ويبدو أن الأزمة في المنطقة بين محور الشيطنة الأمريكية وبين محور المقاومة وصلت إلى ذروتها، بانتظار لحظة الصفر!
أوباما يعرف أن نتيجة هذه المواجهة مكلفة وغير محدودة النتائج، ولعل هذا الأمر هو الذي جعله يصر على أخذ موافقة الكونغرس، لأنه لن يستطيع وحده تحمل تبعات النتائج الوخيمة لهذه الخطوة المتهورة، ربما لأن العنجهية الأمريكية ترفض الإعتراف بقوة الآخر، بل ترفض الإعتراف حتى بوجود الآخر، وما تعرفه هو أنه عليها سحق كل من يقول لها “لا” ، ولذا قد لا يكون مستبعداً عنها ارتكاب هذا الجنون.
ولكن، ربما على الإمريكي أن يعيد حساباته، فمع احترامنا لكل الدول ومقاوماتها لما حصل عليها من عدوان، من أفغانستان إلى ليبيا، فإن ما ستواجهه أمريكا في عدوانها على سوريا هو ما لم تره قبل الآن، ولا يمكن لها توقعه ولا تخيّله، فسوريا المقاومة أمر آخر قد لا تنفع معه أية حسابات أمريكية، وإن غداً لناظره قريب.