هل يبقى ترامب في البيت الابيض حتى انتهاء فترة ولايته؟!
من غير المؤكد ما إذا كان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سيبقى في البيت الأبيض حتى انتهاء فترة ولايته. إذ لا يزال يعيد تشكيل مجلس وزرائه في حين يتم رفض الإصلاحات التي يريد القيام بها في الكونغرس أو إبطالها في المحاكم. فقد قرر ترامب مثلا، فرض حظر على أجهزة الكمبيوتر المحمول من عدد من بلدان العالم، بما في ذلك تركيا، ثم أُلغي ذلك الحظر بعد شهرين فقط. وهو يبيع أسلحة إلى السعودية وقطر في الوقت الذي تباعدت فيه هاتان الدولتان عن بعضهما بعضاً. وهو يحاول تعزيز التعاون مع روسيا، وفي الوقت نفسه يوقع عقوبات جديدة عليها.
يرغب العالم بأسره في أن تكون الولايات المتحدة أكثر قابلية للتنبؤ. وتواجه بلدان كثيرة صعوبات في اتخاذ موقف واضح بشأن الأحداث العالمية بسبب هذا الجو من عدم اليقين. ولا تستطيع البلدان أن تعرف على وجه اليقين أين يتجه النظام الدولي إلى هذه اللحظة.
يعتقد بعض المعلقين أن هذا الشك، هو في الواقع، الإستراتيجية الأمريكية الجديدة. ووفقا لما ذكرته واشنطن، تعتقد واشنطن حاليا أنه من الأدنى تكلفة الانتظار والاطلاع على كيفية تصرف الدول الأخرى بمفردها بدون توجيهات الولايات المتحدة. وبعبارة أخرى، تفضل الولايات المتحدة الآن أن يتخذ الآخرون قراراتهم أولا، قبل أن تتخذ هي أي قرار.
المشكلة هي أنه منذ أن أصبح ترامب رئيسا، لم تتمكن أي دولة من تبني موقف متين حول أي شيء؛ الجميع ينتظر فهم ما ستفعله إدارة ترامب. ومع ذلك، بدأت بعض البلدان تتصرف بمفردها، مما يشير إلى أن هذا الغموض وغياب الولايات المتحدة سوف يسمحان لهم بتنفيذ إستراتيجيتها الوطنية. بيد أن هذا لا يجعل النظام الدولي أكثر استقرارا، إذ قد يرغب الجميع في تعظيم مصالحهم الخاصة بطريقتهم الخاصة وعلى المدى القصير.
ومع ذلك، هناك شيء ما يجري في السياسة الدولية، ومعظمها بمساهمة روسية. في ظل الرئيس السابق باراك أوباما، اختارت القوى العظمى أن تواجه بعضها بعضا من خلال الحروب بالوكالة. وقد استخدموا ودعموا جميع أنواع الجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك المنظمات الإرهابية، لتحقيق أهدافهم. لفهم ما هي تكلفة هذه السياسة، يكفي أن ننظر إلى ما يحدث في سوريا.
طريقة الحرب بالوكالة هذه، لم تستخدمها الولايات المتحدة فحسب، ولكن العديد من القوى العظمى الأخرى، وتسببت في سلسلة من الصراعات التي لم يمكن السيطرة عليها والتي كانت في النهاية غير مثمرة. هم لاعبون من خارج الدول، لديهم أجندتهم الخاصة، لا يفعلون سوى ما يملى عليهم لأن الولاءات تتحول بسهولة مما يجعل من المستحيل تماما أن نفهم لصالح من يقاتلون. ربما هذا هو السبب الذي يجعل ترامب يعتقد أن الحروب بالوكالة يجب أن تنتهي. هذا هو السبب في أنه يتحدث كل وقت عن الدول العدوة والدول الصديقة.
بطبيعة الحال، هو لا يتحدث عن اللاتينيين لكن المكسيكيين، ومحاوره لمعالجة مشكلة الهجرة هي الحكومة المكسيكية. وهو لا يعدد المنظمات الإرهابية لكنه يستهدف إيران كراع لها. كوريا الشمالية هي اسم الخطر، وعندما يتعين القيام بشيء حيال ذلك، فإنه يدعو الصين إلى العمل، كما أنه يتوقع من الحكومة الصينية أن تفعل شيئا حيال التجارة الدولية. باختصار، التهديدات لم تعد مجردة ولا تتعلق بمفاهيم غامضة مثل الإرهاب أو الاحترار العالمي أو الهجرة أو الانتشار النووي، بل تتعلق بإيران وكوريا الشمالية والصين وهلم جرا. هو لا ينتظر لاعبين من غير الدول الفاعلة لتحقيق شيء على الأرض، لكنه يطلب مباشرة من الحكومات ذات الصلة العمل أو وقف العمل.
والخبر السار هو أن الشكوك حول التهديدات وأصولها سوف تنخفض، لكن الأخبار السيئة هي أن خطر الحروب بين الدول سوف ينمو بقوة. بعبارة أخرى، النظام الدولي سوف يتشكل مرة أخرى من خلال الحروب بين الدول بدلا من الحروب بالوكالة التي تخوضها المنظمات الإرهابية.