هل وصل “داعش” إلى اليمن؟!
موقع إنباء الإخباري ـ
زينب حمود:
تثير حادثة ذبح أربعة عشر جنديا يمنيا في وادي حضرموت بدم بارد على أيدي عناصر تابعة لتنظيم القاعدة تساؤلات عديدة. هل تجسد الحادثة فصلا آخر من فصول الصراع بين القوى السياسية؟ هل هي رد حزب الإصلاح اليمني على كسب الحوثيين معركة عمران باعتبار الجنود جميعهم من المحافظة؟ أم أن جناح التنظيم الإرهابي المدعوم من الإصلاحيين اتخذ من أسلوب “داعش” الإجرامي نهجا لخوض معاركه؟.
تفاصيل الحادثة تؤكد أنها ليست اعتراضية أو اعتباطية، بل هي نتاج خطة محكمة وضعها الإصلاحيون ونفذها الإرهابيون. أبرز تلك التفاصيل، أن المسلحين كانوا يسرحون ويمرحون في المدينة وينصبون النقاط الأمنية، في وقت أعلن فيه الجيش اليمني سيطرته عليها. إضافة إلى ذلك، هم لم يأسروا الجنود من ساحة معركة، بل خطفوهم من حافلة نقل كانت تقلهم ومواطنين آخرين، كما أكد شهود عيان أن المسلحين نادوا على الجنود الأربعة عشر بالإسم، ووصف أمير القاعدة في حضرموت جلال بلعيدي الجنود بالروافض، وقال للركاب إنهم جاؤوا من عمران لقتال أهل السنة في حضرموت، حد تعبيره.
وتأتي الحادثة بعد أيام على تهديد رئيس حزب الإصلاح اليمني محمد اليدومي، جماعة أنصار الله، بظهور داعش في اليمن، ردا على سيطرتها على محافظة عمران. وفي تصريحه، دعا اليدومي اليمنيين إلى تقبل داعش برحابة صدر والتعاون معه لبناء دولته الإسلامية المفترضة.
وعلى الرغم من إصدار حزب الإصلاح بيانا، إستنكر فيه الجريمة، إلا أن أصوات إصلاحيين علت لتبرر الحادثة. إذ قال عضو البرلمان اليمني عن حزب الإصلاح شوقي القاضي، “هؤلاء قتلوا الضباط والجنود في حضرموت بِحُجَّة أنهم حوثيون ومتواطئون مع الجماعة، وأولئك قتلوا الضباط والجنود في عمران بِحُجَّة أنهم قاعدة وتكفيريون ودواعش”.
وعلى تصريح القاضي، رد القيادي في جماعة أنصار الله علي البخيتي بالقول:” القاعدة هي الجناح المسلح لإخوان اليمن”، وأضاف البخيتي أن الدليل على ذلك تبرير القاضي ذبح الجنود المخطوفين الأبرياء بالسكاكين “على اعتبار أن تلك العملية صراع مسلحا على شاكلة بقية الصراعات، وهو بذلك ساوى بين الارهاب وبين الحرب.”
وقال البخيتي “هُزموا في عمران والآن يبررون ذبح الجنود في حضرموت على اعتبار انهم حوثيون، ولم يفرق هذا بين معارك سياسية ومواجهات مسلحة وجهاً لوجه، بغض النظر عن المخطئ والمصيب، وبين عمليات ذبح لأسرى ومختطفين.”
وفي السياق نفسه، اتهمت الجماعة، على لسان الناطق باسمها محمد عبد السلام، زعماء جماعة الإخوان المسلمين في اليمن بدعم وتبني عناصر تنظيم القاعدة في البلاد.
واعتبر عبد السلام أن “مواجهة ما يسمى بالقاعدة تبدأ من العاصمة صنعاء بوضع تلك القوى الداعمة والمفرخة للتكفيريين بأشكالها السياسية والعسكرية والقبلية خارج إطار النفوذ والتأثير على السلطات المركزية، وأن يقف الجميع لمواجهة هذه العناصر، وما عدا ذلك فهو زج بالجيش في معارك خاسرة وإضعاف لمعنوياته وإهدار لكرامته وحقوقه”.
وقال: “ليعرف الجميع أن المواجهات التي حصلت في السابق في كل من دماج وكتاف وحوث وحرض وعمران وارحب والآن في الجوف هي معركة مع هذه العناصر التكفيرية بدءا من الداعم الرئيسي حزب الاصلاح وعلي محسن وآل الأحمر ولم يكن هناك خيار آخر، إما الدفاع عن النفس بكل كرامة وفخر وإعتزاز أو الذبح كالنعاج في ظل تصديق أن هناك دولة تحارب ما يسمى بالإرهاب وهي تحتضن الإرهاب والتكفير بكافة أشكاله في مراكز الدولة العليا”.
من جهة ثانية، وجد حزب الإصلاح في الحادثة فرصة لإستكمال هجومه على وزير الدفاع محمد ناصر أحمد، إذ شنت وسائل الإعلام التابعة له هجوما على أحمد، وصفته فيه بالفاشل، وغير القادر على قيادة المؤسسة العسكرية. واعتبرت أن الوزير خلق بيئة مناسبة لتمدد العناصر الإرهابية، واستنكرت تنقله بين عمران وحضرموت لتسويق إنتصارات إعلامية لا قيمة لها.
هذه الإتهامات المتبادلة والتراشق الإعلامي بين القوى السياسية، ضيعت أحلام الرئيس عبد ربه هادي الوردية بإقامة مصالحة وطنية شاملة على أنقاض الحروب والمعارك والضحايا. والمواجهات الميدانية المستمرة في محافظة الجوف بين الإصلاحيين والحوثيين، بعد خرق إتفاق وقف إطلاق النار، تؤكد أن أية مصالحة لن تلوح في الأفق القريب، إذا ما استمر الإصلاح في نهجه، وإذا ما اتجهت المعارك نحو منحى ” داعشي” في الجوف، وامتد إلى بقية المحافظات، بما فيهم العاصمة اليمنية صنعاء.