هل نجحت إيران في فرض أجندتها على قمة مصر؟
صحيفة العرب الصادرة من لندن:
دعا قادة الدول الإسلامية في ختام قمة في القاهرة أمس إلى “حوار جاد” بين الحكومة والمعارضة في سوريا لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ نحو عامين.
يأتي هذا في ظل مخاوف لدى فصائل المعارضة السورية من أن تكون القمة قد تبنت المقاربة الإيرانية لحل الأزمة والتي تهدف إلى ضمان بقاء الأسد في السلطة.
وجاء في البيان الختامي للقمة أن منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 عضوا تؤيد مبادرة تقدمت بها مصر وتركيا وإيران والسعودية لرعاية مفاوضات لوقف إراقة الدماء، وهي الدول التي تشكل اللجنة الرباعية التي سبق أن دعا الرئيس المصري محمد مرسي إلى توليها الملف السوري.
وأهابت القمة بأطراف الأزمة مثلما تضمن ذلك البيان الختامي “أن تسرع في تشكيل حكومة انتقالية تمثل كافة أطراف وطوائف شعبها دون تمييز أو إقصاء”.
وحذر قادة الدول الإسلامية “من أن استمرار التصعيد العسكري سيجر إلى مخاطر جسيمة تهدد السلم والأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة بأكملها”، داعين إلى “الوقف الفوري لأعمال العنف والقتل والتدمير”، كما أكدوا مجددًا “دعمهم لحل سياسي سوري للأزمة”.
وقال مراقبون، بالقاهرة، إن موقف القمة كان متوقعا في ظل تغير المواقف الدولية من الأزمة والانحياز الكامل للحل السياسي بما يعنيه من حوار مباشر بين النظام والمعارضين.
وعقدت على هامش القمة الإسلامية قمة ثلاثية جمعت رؤساء مصر “محمد مرسي” وتركيا “عبد الله غول” وإيران “محمود أحمدي نجاد”، وهي الدولة المشكلة لحلف الإسلام السياسي الذي حاول نجاد إقناع إخوان مصر بالانضواء تحته، لكنه لاقى معارضة قوية من الجيش المصري.
ولم يستبعد مراقبون أن تكون طهران قد حاولت إغراء إخوان مصر لتغيير موقفهم العدائي تجاه نظام الأسد، خاصة بعد الخطاب القوي الذي ألقاه مرسي في قمة عدم الانحياز بطهران في أغسطس الماضي.
وقال المراقبون إن إيران لم تستفد فقط من هشاشة موقف الإخوان الذي تغير من النقيض إلى النقيض، وإنما استفادت خاصة من تبدل الموقف الأميركي تجاه المعارضة السورية، وهو موقف أثّر على مواقف الدول الأوروبية وجعلها مجبرة على أن تدعم الحوار بين الأسد والمعارضة.
يشار إلى أن الولايات المتحدة قد طالبت بوقف تزويد المعارضة السورية بالأسلحة التي كانت تحصل عليها من دول إقليمية بينها قطر، في ظل مخاوفها من أن يؤدي سقوط الأسد إلى صعود الإسلاميين إلى السلطة، وخاصة في ظل القوة التنظيمية والعسكرية لجماعة النصرة المقربة من “القاعدة”، وهي المرشحة لملء الفراغ.
وقالت تقارير في واشنطن إن إدارة أوباما قررت عدم تكرار تجربة الإطاحة بصدام حسين في العراق وما تبعها من حل للجيش وتسريح منتسبي الأمن والشرطة، ما أحدث حالة من الفراغ ملأتها الأحزاب الطائفية المرتبطة بطهران.
وكشفت مصادر مقربة من القمة أن موقف طهران كان قويا في قمة القاهرة، خاصة أن الرياض، التي مثلها ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز، لم تعد متحمسة للحسم العسكري في سوريا، وذلك تحسبا للتداعيات الإقليمية لـ”ربيع سوري” يكون شبيها بما يجري في مصر وتونس من فوضى.
بالتوازي، يقول المحللون إن طهران لم تجد صعوبة في إقناع أنقرة بدعم خيار التفاوض بين الأسد وخصومه، والسبب أن الأخيرة تريد أن تتدارك نتائج خطاب رئيس وزرائها المنفلت والمتحمس، والذي تورط في دعوات الإطاحة العسكرية بالأسد.
وتحدث دبلوماسيون شاركوا في القمة عن وجود استعداد لدى الوفد التركي للاستجابة لـ”وساطة” إيرانية تخفف التوتر مع دمشق.