هل لدى بايدن ما يكفي من الحكمة والشجاعة؟
صحيفة البعث السورية-
عائدة أسعد:
في تغريدة مفاجئة، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الولايات المتحدة في وضع اقتصادي أقوى من أي دولة أخرى، وادّعى أن الخبراء المستقلين توقعوا أن الاقتصاد الأمريكي يمكن أن ينمو بأسرع من الصين هذا العام، وهو ما لم يحدث منذ عام 1976.
إن تغريدة بايدن تهدف بوضوح إلى صرف الانتباه عن الانتقادات المحلية لسوء إدارته للاقتصاد، والتي أدّت إلى ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع أسعار الغاز والغذاء. ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسّسة “غالوب” في أيار الماضي، قال 16 بالمائة فقط من المستطلعين إنهم راضون عن الطريقة التي تسير بها الأمور في البلاد، بينما قال 83 بالمائة إنهم غير راضين.
لقد غرد بايدن مرات عديدة مشيداً بإنجازاته، لكن استخدام الصين كمقارنة يعكس اعترافه اللاواعي بالنمو الاقتصادي الهائل للصين على مدى العقود الماضية، والذي تحدث عنه علناً قبل خمس سنوات عندما كان نائباً لرئيس الولايات المتحدة.
وإذا نظرنا إلى الوراء فإن السنوات الثماني التي مرّت على إدارة باراك أوباما بدت وكأنها فترة شهر عسل للصين والولايات المتحدة على الرغم من العديد من القضايا الشائكة بينهما. وخلال تلك السنوات، عزّزت الصين والولايات المتحدة التعاون بشأن تغيّر المناخ مما أدى إلى توقيع اتفاقية “باريس”، ومنع الانتشار النووي، والأمن السيبراني، وكذلك في معالجة تفشي فيروس إيبولا في غرب إفريقيا، كما سعت الولايات المتحدة إلى الاستثمار الصيني في قمة “سيليكيت أمريكا”، وشجعت تعلم اللغة الصينية في معاهد “كونفوشيوس” المنتشرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وكان ذلك على النقيض من استراتيجية إدارة بايدن الحالية لاحتواء الصين بأي ثمن، وتفكيره غير السليم بأنه إذا لم تستطع الولايات المتحدة اللحاق بالصين فعليها محاولة كبح جماح صعودها باللجوء إلى جميع الوسائل العادلة والخطيرة.
إن إعلان البيت الأبيض الأسبوع الفائت أنه سيعفي الخلايا والوحدات الشمسية المستوردة من كمبوديا وماليزيا وتايلاند وفيتنام -ولكن ليس من الصين- من الرسوم العقابية يعكس مثل هذه العقلية السامة، وبسبب هذه العقلية أيضاً لم يرفع بايدن رسوم الحرب التجارية التي فرضها سلفه دونالد ترامب عن البضائع الصينية على الرغم من وعده خلال حملته الرئاسية بالقيام بذلك.
بهذا الشأن، يقول نيال فيرغسون، الباحث البريطاني المقيم في الولايات المتحدة، إنه مندهش لرؤية سياسة بايدن الخارجية، وجادل بأن سياسة بايدن لا تساعد في تخفيف التضخم في الولايات المتحدة، وانتقد استمرار تعريفات ترامب الجمركية، ومحاولات الانفصال عن الصين، وأن هناك شيئاً واحداً يخيفه أكثر وهو إجماع الحزبين على ضبط صعود الصين كأساس للسياسة الخارجية الأمريكية. وقدّم نصيحة أن يحشد بايدن ما يكفي من الشجاعة مثل ما فعله الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون في أوائل السبعينيات للتواصل مع الصين، لكنه شكّك في أن بايدن لديه ما يكفي من الحكمة والشجاعة للقيام بذلك.