هل عادت السعودية لتمويل حلفاءها؟
وكالة أنباء آسيا:
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في مايو / آيار القادم، عادت بعض القيادات السياسية المحسوبة على المكون السني لمغازلة المملكة السعودية من جديد.
حيث ناشد سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، كلا من السعودية ودول الخليج كافة أن تعود إلى لبنان، موضحا: ” الشعب اللبناني بأمس الحاجة لمساعداتهم لاجتياز هذه المرحلة العصيبة”.
وفي تصريح له، رأى جعجع أن “الوضع في لبنان معقد للغاية أصلا وجاءت أزمة أوكرانيا الأخيرة لتزيده تعقيدا وصعوبة لجهة زيادة الأسعار في الكثير من المواد الاستهلاكية وفي طليعتها المحروقات، والخبز ومواد معيشية أساسية أخرى، والكل يعرف أنه وبالرغم من المحادثات التي تجرى في الوقت الحاضر مع صندوق النقد الدولي، فإن لا نتائج ترجى إلا بعد انتخابات 15 أيار”.
واعتبر أن “هناك حلا واحدا وحيدا وهذا ما كان ينقذ لبنان تاريخيا في كل أزمة يمر بها وهو مساعدة الأشقاء الخليجيين وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية”، مناشدا، القيادة السعودية والقيادات الخليجية كافة “أن تعود إلى لبنان، لأن لبنان الشعب متروك فعليا في الوقت الحاضر، ولأن الشعب اللبناني بأمس الحاجة لمساعداتهم المعهودة لاجتياز هذه المرحلة العصيبة”. في خطوة يراها البعض بأنها ربما جاءت بتشجيع من السعودية.
وحاز المكون السني بتمويل سعودي خلال السنوات الماضية، من خلال دعمهم لرئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري ومن بعده نجله رئيس وزراء لبنان السابق سعد الحريري. وبدأت الدولة الخليجية رفع الدعم عن الحريري في نوفمبر/تشرين ثاني عام 2017، بعدما احتجزته بالقوة وأجبرته على الاستقالة من رئاسة الوزراء، قبل أن يتراجع عنها فور عودته إلى أرض الوطن.
ومع إعلان الحريري قبل أكثر من شهرين رسميا الانسحاب من المشهد السياسي وعدم خوض الانتخابات النيابية القادمة، بدء المكون السني يلملم أشلاءه في محاولة لتصدر المشهد من جديد بدعم سعودي.
وبحسب مصادر مطلعة لوكالة أنباء آسيا فأنه حتى الآن لا توجد شخصية سنية جديدة تتمتع بالدعم السعودي لوجودها السياسي، لكن المصادر تشير إلى أن جعجع (مسيحي) ربما يلقى التشجيع السعودي لملء الفراغ، وخاصة أن المكون السني يعاني من حالة تشرذم وتصدع.
يتمثل هذا في عدم وجود أي ردة فعل داخل الساحة السنية على إعلان رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي عزوفه عن الترشّح للانتخابات، في وقت قالت فيه أوساط سياسية لبنانية إن الأمر كان متوقعا خاصة بعد إعلان سعد الحريري انسحابه من قبل، وإن الرهان الآن هو أن يوفر هذان الانسحابان مناخا ملائما لصعود قيادات سنية جديدة تكون قادرة فعلا على تعديل الكفة لفائدة الطائفة المهمشة سياسيا.
وقال ميقاتي في كلمة وجّهها من دارته في طرابلس (شمال) عشية إقفال باب الترشيحات “أعلن عزوفي عن الترشّح للانتخابات النيابية، متمنيّا التوفيق للجميع”.
وفي وقت سابق، سارع أحمد الحريري، أمين عام تيار المستقبل، إلى انتقاد مغازلة الحليف السابق جعجع للسنة وقال “إنها ليست المرة الأولى التي يحاول فيها رئيس حزب القوات سمير جعجع الفصل بين الأكثرية السنية وبين قيادتها السياسية، إذ يعتبر أن الأكثرية السنية حلفاء له على المستوى الشعبي وليس على المستوى القيادي”، ودعا أمين عام تيار المستقبل جعجع إلى “ترك الأكثرية السنية بحالها والتوقف عن سياسة شق الصفوف بينها وبين قيادتها السياسية”.
وكان الحريري الذي حظى بدعم سعودي لسنوات قد أعلن قبل أكثر من شهرين “تعليق” عمله السياسي وعدم خوضه مع حزبه تيار المستقبل الانتخابات البرلمانية، معتبرا أن “لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبّط الدولي والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة”.
وانسحب الحريري من الحياة السياسية بعد توتر العلاقات على مدى سنوات مع السعودية الداعم السابق للبنان في المنطقة بسبب ما اعتبرته المملكة ضعفا منه في مواجهة جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران، والتي زاد نفوذها في لبنان.