هل طلب أردوغان من القيادة الإيرانية الوساطة مع الأسد؟
موقع النشرة الإخباري ـ
ماهر الخطيب:
على الرغم من غياب الخطاب السياسي المباشر عن زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، هناك تأكيدات بأنّ الأزمة السورية لم تكن غائبة عن لقاءات أردوغان مع المسؤولين الإيرانيين، لا سيما أن الخلاف في وجهات النظر بين الجانبين أدى إلى فتور كبير في العلاقات الثنائية.
وفي ظل ما يجري من تحولات على الصعيدين الإقليمي والدولي، يتحدث البعض عن تراجع في الموقف التركي من ملفات عدة، لا سيما بعد بروز الأزمة الداخلية التي تضغط على حكومة حزب “العدالة والتنمية”، فهل طلب أردوغان في طهران الوساطة مع الرئيس السوري بشار الأسد؟
الملفات السياسية على طاولة المباحثات
لا يمكن فصل العلاقات الإقتصادية عن السياسية بأي شكل من الأشكال، هناك علاقة جدلية بين الأمرين، ولا يمكن تصور تعزيز الأولى في ظل خلافات كبيرة جداً في الثانية حول مجمل الملفات، وبالتالي لا يمكن القول أن الشأن السياسي لم يكن حاضراً على طاولة المباحثات الإيرانية-التركية.
وفي هذا السياق، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي الإيراني حسن زاده أن الزيارة جاءت في ظروف إستثنائية، في ظل المفاوضات القائمة بين الحكومة السورية والمعارضة في العاصمة السويسرية، ويشير إلى أن الجانب السياسي أخذ حيزاً واسعاً من المباحثات.
ويشير زاده، في حديث لـ”النشرة”، إلى أن العلاقات التركية-الإيرانية شابها في السنوات الأخيرة نوع من الفتور بسبب موقف حكومة رجب طيب أردوغان من الأزمة السورية، لا سيما على صعيد دعم المجموعات المسلحة، الأمر الذي أثار استياء القيادة الإيرانية التي كانت تدعو بشكل دائم إلى الحوار السياسي والحل السلمي.
في الجهة المقابلة، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غول أن أهداف زيارة رئيس حكومة بلاده كانت إقتصادية بامتياز، ويشير إلى أن الجانبين يرغبان في رفع حجم التبادل التجاري، بالإضافة إلى رفع مستوى التعاون في أكثر من مجال.
ويرى غول، في حديث لـ”النشرة”، أن ما جرى يؤكد أن العلاقات الإيرانية التركية سوف تستمر بالرغم من الخلافات الكبيرة حول الملف السوري، ويشدد على أن الحديث عن تراجع الموقف التركي على هذا الصعيد عار من الصحة، ويلفت إلى أن موقف وزير الخارجية خلال مؤتمر جنيف الثاني يؤكد ثبات الموقف من النظام السوري.
العلاقات السورية التركية
منذ أشهر قليلة، يتحدث بعض المتابعين عن تغيير حصل في الموقف التركي من الأزمة السورية، لا سيما بعد بروز الجماعات الإرهابية المتطرفة في صفوف قوى المعارضة، لكن هذا الأمر لم يظهر بشكل واضح حتى الآن.
في هذا الإطار، يرى زاده أن الحكومة التركية تمر بأوقات صعبة بسبب الأزمة الداخلية، بالإضافة إلى خسارتها جميع أوراقها على الساحة السورية، ويشير إلى أن الكثيرين يتحدثون عن دخولها في عزلة دولية، خصوصاً بعد الخلاف مع السعودية حول الأزمة المصرية، ويكشف أن أردوغان طلب من القيادة الإيرانية التوسط لدى الحكومة السورية من أجل طي صفحة الماضي القريب، بعد أن أدرك أن الرئيس السوري بشار الأسد باق في الحكم، ويرى أن الأسابيع المقبلة قد تشهد إتصالات غير مباشرة بين الجانبيين، لا سيما أن إيران ترحب بكل خطوة من شأنها أن تساعد على معالجة الأزمة السورية.
ويؤكد زاده أن بلاده وعدت بالقيام بالمساعدة في هذا المجال، ويعتبر أن القصف الذي تعرض له أحد مراكز تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” في سوريا من الجانب التركي بادرة حسن نية.
من جانبه، يُصر غول على نفي هذا الأمر بشكل مطلق، ويعتبر أن الحكومة التركية تستطيع طي صفحة الماضي مع دمشق من خلال تصريح واحد بحال أرادت ذلك، لكنه يشير إلى أن مشكلة القيادة السورية مع شعبها لا مع تركيا، خصوصاً أن هذا النظام مستمر في عملية قتل شعبه.
أما بالنسبة إلى الضربة العسكرية على موقع “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، يشدد غول على أن هذا الأمر يأتي في سياق رد الفعل بعد تعرض دورية من الجيش التركي لاطلاق نار من قبل عناصر التنظيم، ويشير إلى أن الحكومة التركية أعلنت في وقت سابق أنها سترد على أي إستهداف تتعرض له من الجانب السوري أياً كان مصدره، وبالتالي ليس هناك من جديد بالموقف ينبغي البناء عليه، ويضيف: “ما حصل يأتي في سياق الدفاع عن النفس لا أكثر”.
في المحصلة، ستظهر الأيام القليلة المقبلة حقيقة ما طلبه أردوغان من القيادة الإيرانية، لا سيما مع تسارع وتيرة الأحداث في المنطقة، ولكن السؤال الأبرز سيبقى عن مدى تجاوب الحكومة السورية مع هكذا وساطة بحال حصولها.