هل سيتحقق الإستقرار بعد مؤتمر باريس؟
صحيفة البعث السورية-
ريا خوري:
ما زالت الأزمة الليبية تسير وفق العديد من الأجندات المطروحة على طاولة أكثر الدول لها مصالح في ليبيا، فقد عقد مؤخراً في العاصمة الفرنسية باريس مؤتمر دعم استقرار ليبيا في محاولة ربما تكون الفرصة الأخيرة أمام هذا البلد العربي الذي تعرّض للدمار والخراب والنهب والإرهاب الدولي المنظم من أجل الخروج من دوامة العنف والصراع والانقسام، والعودة إلى مسار السلام والاستقرار من جديد، واستعادة سيادته، وتوحيد أراضيه ومؤسساته وإداراته.
لقد تمّ عقد العديد من المؤتمرات بخصوص ليبيا، فقد سبق عقد مؤتمر باريس قبل أيام وعلى مدى السنوات القليلة الماضية مؤتمرات عدة تنقلت بين المغرب، والجزائر، وتونس، ومصر، وجنيف، وبرلين، إضافة إلى اجتماعات متعددة لمجلس الأمن تمحورت حول سبل استعادة الأمن والاستقرار والسلام، وصدرت العديد من المقررات تتضمن خارطة طريق للتسوية السياسية، ومعظمها تؤيد إجراء الانتخابات في موعدها، وتطالب بانسحاب كل القوات الأجنبية والمرتزقة والإرهابيين، وحلّ الميليشيات المحلية، وإجراء مصالحة وطنية حقيقية وتوحيد القوات الأمنية.
لكن لم يتمّ تنفيذ معظم القرارات التي تمّ اتخاذها في السابق على الرغم من إجماع العديد من الدول حول تحقيقها، لأن بعض الدول التي لها مصالح في ليبيا أكانت مباشرة أو غير مباشرة تعمل بكل إرادتها وقوتها على توسيع مناطق نفوذها وسيطرتها، وبالتالي الحصول على حصتها كاملة في التسوية نظراً لما تتمتع به ليبيا من موقع جيواستراتيجي، ووجود الثروات النفطية الهائلة. إضافة إلى أن القرارات لم تترافق مع وجود ضغوط فعلية وعملية تجبر الأطراف المعنية في الداخل والخارج على الامتثال لتلك القرارات، لذلك بقيت القرارات مجرد حبر على ورق.
إن استحقاق الانتخابات الليبية على الأبواب، ومن الصعب أن يجري في موعده المفترض والبلاد تعج بالمرتزقة والإرهابيين والقوات الأجنبية والميليشيات المتنقلة بين المدن والقرى والبلدات الليبية، وما زالت الصراعات السياسية المحتدمة بين القوى السياسية والأحزاب، وبين الحكومة والمجلس الرئاسي.
وجاء مؤتمر باريس ليخرج بالعديد من القرارات التي تعتبر نسخة طبق الأصل عن القررات السابقة، لكن الجديد فيها أنها هدّدت بشكلٍ جديّ بفرض عقوبات دولية على من يعرقل إجراء الانتخابات والانتقال السياسي. من جهتها قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: “من المهم جداً تطبيق خطة انسحاب المرتزقة والإرهابيين والقوات الأجنبية من كافة مدن وقرى وبلدات ليبيا”.
من المقرّر أن تجرى الانتخابات الليبية في 24 كانون الثاني المقبل، فهل هذه المدة كافية لاستعادة السيادة الوطنية الليبية، ووحدة الأراضي والانسحاب النهائي للقوات الأجنبية والمرتزقة والإرهابيين، وفقاً لقرارات مؤتمر باريس الحالي؟.