هل ستنعكس قروض مصرف الإسكان الموعودة إيجابًا على القطاع العقاري؟
موقع العهد الإخباري-
فاطمة سلامة:
لا يُشبه حال القطاع العقاري في السنوات الثلاث الماضية مراحل “العزّ” التي مرّت عليه سابقًا. ثمّة ركود كبير يشهده هذا القطاع مع اشتداد التدهور الاقتصادي. سوق العقارات كان واحدًا من ضحايا الأزمة الأكبر في تاريخ لبنان. وعليه، لم تعد حركة البيع والشراء كسابق عهدها. يخيّم الجمود على حركة المبيعات، ولهذا الأمر عوامل عدّة جعلت عملية شراء شقة سكنية بمثابة حلم للمواطن الغارق بالأزمات. انهيار القدرة الشرائية لدى المواطنين أحد الأسباب. احتجاز الأموال في المصارف قضى على أي أمل بالتملك. توقُّف القروض السكنية فاقم المسألة أكثر. أما ارتفاع سعر صرف الدولار فكان بمثابة الضربة “القاضية” ليقتصر شراء العقارات على ميسوري الحال ممّن يمتلكون مصادر دخل بالدولار.
قبل أيام، أعلن مصرف الإسكان عن حزمة جديدة من القروض سيُطلقها بعد نحو 45 يومًا. تلك الحزمة تستهدف -وفق ما ذكر بيان المصرف- الجيل الشاب في القرى والمناطق النائية والبعيدة عن بيروت لمساعدتهم على شراء عقار أو تشييد بيت أو ترميم منزل. قيمة القرض تتراوح بين الـ400 مليون ليرة والمليار ليرة. فهل تُعد هذه الخطوة بارقة أمل جديدة تسهم في تنشيط القطاع العقاري؟.
لا عمليات عقارية الا لدى الميسورين والمحتاجين فعلًا لشراء منزل
نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان وليد موسى يشدّد في حديث لموقع “العهد” الإخباري على أنّ القطاع العقاري يشهد جمودًا كبيرًا والحركة تراجعت بنسبة 50 بالمئة. لا عمليات عقارية الا لدى الأشخاص الميسورين والمحتاجين فعلًا لشراء منزل أو الذين لديهم أموال خارج لبنان فيبادرون لشراء عقارات توصف بـ”اللقطة”. هذا الأمر لا يتعارض مع حقيقة أنّ الطلب على العقار والاهتمام بالسوق العقاري موجود دائمًا، لكن ثمة تراجعًا كبيرًا بالعمليات العقارية يقول موسى الذي يلفت الى أنّ توقف عمليات الشراء عبر “الشيك المصرفي” ساهم في إبطاء الحركة بعد أن باتت عمليات البيع والشراء تتم عبر الدفع “الكاش” بعيدًا عن سياسة “الشيك” أو التقسيط وهو أمر غير متوافر سوى لدى اللبناني المقتدر أو من يعمل في الخارج.
ويشدّد موسى على أنّ العقارات المتبقية للبيع اليوم هي في أغلبها بحوزة ميسوري الحال، لذلك لا يضطر هؤلاء لبيعها بأسعار “محروقة” جدًا تشجّع على الشراء. من كان مضطرًا للبيع باع في بداية الأزمة وعليه لم نعد نرى أسعارًا “لقطة”. لكنّ موسى يرى في هذا الصدد أن ثمة مرحلة جديدة قد تأتي ويلجأ بموجبها البعض لبيع عقاراته ليتمكّن من العيش. وفق موسى، اذا تفاقمت الأزمة الاقتصادية في مرحلة ما بعد الانتخابات وارتفع سعر الصرف الرسمي عن الـ1507، حينها قد ننتقل الى مرحلة جديدة يتعثّر بموجبها من اقترض سابقًا قروضًا سكنية بالدولار عن السداد خاصة في ظل دولرة مختلف القطاعات وارتفاع الأقساط المدرسية وانهيار القدرة الشرائية ما قد يدفع بأشخاص كثر للبيع بأسعار منخفضة جدًا خاصة أنّ العام القادم وبحسب المؤشرات سيكون صعبًا وعنوانه “الدولار”، فمن أين سيأتي الناس بالدولار؟ يسأل موسى.
ويوضح نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين أنّ حركة الشراء تراجعت بنسبة 50 بالمئة رغم أنّ معدّل أسعار العقارات انخفض عما كان عليه في السنوات السابقة بمعدّل 50 بالمئة. بعض المناطق لم تتجاوز فيها نسبة الانخفاض الـ25 بالمئة كبيروت مثلًا، وبعض المناطق انخفضت فيها 70 بالمئة كالأرياف والمناطق التي يتقاضى قاطنوها أموالًا بالليرة اللبنانية وتتراجع فيها القدرة الشرائية.
القروض الموعودة لن يكون لها تأثير كبير على القطاع العقاري
من الوضع العقاري العام الذي يسوده الجمود ينتقل موسى الى مبادرة مصرف الإسكان. يشدّد على أّنّ أي خطوة في اتجاه دعم القطاع السكني والعقاري هي خطوة مشكورة ومقدّرة، ولكنه يتحدّث بصراحة فهذه القروض لن يكون لها تأثير كبير على القطاع العقاري والحركة العقارية. وفق حساباته، ستبلسم هذه المبادرة بعض حاجات الشباب التي تعيش في القرى والأرياف، وسيكون لها انعكاسات على قطاعات أخرى تدخل في عملية البناء والترميم لكنها غير كافية.
لماذا تستهدف القروض الأرياف فقط؟ يجيب موسى على هذا السؤال بالقول: “رئيس مجلس إدارة مصرف الإسكان المدير العام أنطوان حبيب أوضح لي خلال لقائه أمس الجمعة أنّ نظام مصرف الاسكان لا يجيز منح القروض سوى للأرياف، وبالتالي فإنّ إعطاء المصرف سابقًا القروض لشراء شقق سكنية في المدن كان بمثابة تجاوز للنظام”. وهنا يشير موسى الى أنّ ثمّة دورًا يجب أن تلعبه المؤسسة العامة للإسكان -حين تتلقى قروضًا- في المدن.
يعيد موسى ويكرّر أنّ هذه الخطوة لن يكون لها تأثير على القطاع العقاري ولكنها بالتأكيد خطوة إيجابية ستنمّي بعض القطاعات، مطالبًا بضرورة تأمين الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي “لتأتينا القروض السكنية من الخارج”.
وفي معرض حديثه، يلفت موسى الى أنه وكما بات معلومًا فإن هذه القروض التي أتت لمصرف الإسكان ستكون مخصصة لبناء أو ترميم منزل أو زيادة طابق، وتتراوح بين 400 مليون ليرة للترميم ومليار ليرة أي 37 ألف دولار للبناء أو الشراء، و50 مليون ليرة لتركيب طاقة شمسية (5 أمبير)، و75 مليون ليرة لـ(10 أمبير)، أما السداد فسيكون على مدى 30 عامًا والفائدة 5 بالمئة، على أن تكون الدفعة ثلث الدخل العائلي الشهري، أي أنّ كلّ سند لا يجب أن يتعدّى ثلث الدخل العائلي، وهو مجموع رواتب أعضاء الأسرة. وهنا يوضح موسى أنّ من ضمن الشروط لمنح القرض أن لا يتخطى سعر البناء أو الشراء أسعار العقارات في الريف فالطلب لن يُقبل اذا لم تكن الأسعار معقولة.
مقبلون على أزمة سكنية إسكانية
وفي الختام، يقول موسى: “مقبلون على مرحلة حرجة جدًا وأزمة سكنية إسكانية ليس فقط في ما يتعلق بالشراء بل بالإيجار أيضًا”. وعليه، يشدّد موسى على ضرورة أن يعمل مجلس النواب الجديد على إنشاء وزارة للإسكان تضع خطة سكنية إسكانية وتنظّم كل المهن العقارية لمساعدة المواطن اللبناني على النهوض.