هل ستفضي البوادر الإيجابية للحراك العماني لإنهاء معاناة الشعب اليمني؟
موقع قناة العالم:
استمرت المباحثات التي يجريها وفد الديوان السلطاني العُماني، الزائر للعاصمة اليمنية، صنعاء، مع قيادة حركة أنصار الله، لليوم الثالث على التوالي. وفي هذا الإطار، تحدثت مصادر سياسية، عن “بوادر إيجابية يُحتمل أن تفضي إلى إنهاء معاناة الشعب اليمني، وأن تؤسس لوقف شامل لإطلاق النار”.
وبحسب جريدة “الاخبار”، توقعت المصادر أن يحدث الوفد العماني “اختراقا كبيرا”، أشارت إلى أن “صنعاء تحرص على عدم تفويت أي فرصة دولية أو إقليمية من شأنها أن تقود إلى حل شامل ينهي العدوان والحصار”. ويبدو، بحسب المصادر، أن المباحثات حققت تقدما كبيرا في مسار الملف الإنساني، فيما تستمر النقاشات الهادفة إلى وضع خريطة طريق للانتقال إلى الملفيْن العسكري والاقتصادي.
ووفق أكثر من مصدر، فإن الوفد العماني قد يحمل مقترحات جديدة من طرف صنعاء إلى دول التحالف السعودي – الإماراتي، كون المؤشرات الأولية تفيد بأن الوفد يحاول إنقاذ المملكة من ورطتها في اليمن، وهو ما كشفته تنازلات من جانب الرياض قد تصل إلى تخليها عن دعم الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، وحكومته، في حال التوصل إلى اتفاق. ولكنها تحاول، في موازاة ذلك، تبرئة نفسها من تبعات العدوان، عبر تقديم أكثر من عرض لصنعاء، من مثل استعدادها لتقديم مساعدات اقتصادية لليمن، والإسهام الفاعل في إعادة الإعمار.
وفي أول لقاء رسمي، التقى رئيس المجلس السياسي في أنصار الله “مهدي المشاط”، مساء أمس، وفد الديوان السلطاني العماني، بحضور كل من الناطق باسم الحركة، رئيس وفدها المفاوض محمد عبد السلام، ونائب رئيس الوفد جلال الرويشان، وعضو الوفد عبد الملك العجري، ونائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ حسين العزي، ورئيس جهاز الأمن والاستخبارات اللواء عبد الحكيم الخيواني.
ورحب المشاط بالوفد الزائر، مؤكدا أنهم “في بلدهم الثاني وسط إخوانهم من أبناء الشعب اليمني الذي يكن للشعب العماني وقيادته كل الاحترام والتقدير”.
وناقش رئيس “المجلس السياسي” مع زواره الجهود التي تبذلها مسقط بهدف التخفيف من المعاناة الإنسانية التي يكابدها أبناء الشعب اليمني، معبرا عن أمله في أن تكلل تلك الجهود بالنجاح. وكان وفد المكتب السلطاني قد التقي عبر دائرة تلفزيونية، صباح أمس، زعيم أنصارالله، السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي، الذي رحب في بداية اللقاء بالوفد، وناقش معه الرسائل المتبادلة المتعلقة بالقضايا الإنسانية والقضايا الأخرى ذات الصلة.
وثمن السيد الحوثي في ختام اللقاء “المواقف الإنسانية والحكيمة للسلطنة قيادة وشعبا”.
وأرجع مراقبون سرية المباحثات الجارية بين الوفد العماني وأنصار الله إلى طبيعتها وتوقيتها، اللذين يتطلبان التكتم على نتائجها، حتى يتم التوصل إلى اتفاق.
وبحسب هؤلاء، سبق للجانب العماني أن التقي وفد صنعاء المفاوض عدة مرات في مسقط الشهر الماضي، ولكن نتائج تلك اللقاءات ظلت سرية، وهو ما يعكس حرص السلطنة على إنجاح مساعيها.
وإزاء الجهود المبذولة، توقع وزير الخارجية اليمني الأسبق، أبو بكر القربي، نجاح المساعي العمانية في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية، معتبرا، في تغريدة، أن “زيارة الوفد العماني لصنعاء تحمل ثلاث رسائل: أولاها الاعتراف بدبلوماسية عمان الرصينة، وثانيتها أن عمان لا تتحرك إلا إذا رأت أن أطراف الصراع جاهزون للحل، وثالثتها أن التدخل الأممي جاد في وقف الحرب ولن يقبل العرقلة”.
وبالتزامن مع استمرار المباحثات العمانية في صنعاء، واصل وزير خارجية هادي “أحمد عوض بن مبارك”، زيارته لسلطنة عمان، التي بدأها مطلع الأسبوع الجاري بضوء أخضر سعودي، حيث التقى، أمس، وزير الديوان السلطاني، وناقش معه جهود الدفع بالتسوية السياسية.
وقال “بن مبارك” إن زيارته تأتي في إطار دعم الجهود العمانية لإحلال السلام، مشيرا إلى أنه سلم رسالة خطية من هادي إلى السلطان هيثم بن طارق.
من جانبها، توقعت صحيفة عمان الرسمية حدوث انفراجه وشيكة في اليمن. وذكرت صحيفة “العمانية”، في مقالتها الافتتاحية، أن الأيام المقبلة حبلى بالكثير من المفاجآت التي قد تنهي معاناة الشعب اليمني.
وأوضحت الصحيفة أن الملف الإنساني، بما فيه السماح بدخول المساعدات عبر ميناء الحديدة لنحو 80% من السكان المحاصرين، يعد على رأس أجندة الحراك العماني، كما أكدت وجود توافق إقليمي ودولي على ضرورة إنهاء الحرب على اليمن ضمن متغيرات ستشهدها المنطقة خلال الأشهر المقبلة.
وعلى رغم الأجواء الإيجابية، شنت الطائرات الحربية السعودية، خلال الساعات الـ48 الماضية، سلسلة غارات تجاوزت الـ40، استهدفت خمس محافظات يمنية، هي: مأرب والجوف وحجة والحديدة وصعدة. وكنتيجة لعدم ربط الوفد العماني الملف الإنساني بالملف العسكري، وتركيزه على تفكيك الملفات، كما تراه السلطنة مناسبا، وليس استنادا إلى المطالب الأميركية والسعودية، فإن الوفد لم يلح على صنعاء بوقف هجومها على مأرب، لكون تلك الحلول جزئية، وسبق لصنعاء أن رفضتها خلال الزيارة الأخيرة للمبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، الأسبوع الماضي.
لذلك، تعمدت حكومة هادي وميليشيات “الإصلاح” إثارة الرأي العام المحلي والدولي بقضية قصف طاول القاعدة الإدارية لقوات هادي وميليشيات “الإصلاح” في حي الروضة الواقع في نطاقه عدد من المعسكرات، منها معسكر المغاوير، والدفاع الجوي، وقيادة المنطقة العسكرية الثالثة، ومدرسة الحرس الجمهوري غرب مأرب، وأدى إلى مقتل أكثر من 20 مدنيا.
وعلى رغم نفي صنعاء استهداف محطة وقود غرب مدينة مأرب، وتأكيد أكثر من مصدر في المدينة أن محطات الوقود التسع الموجودة في الجانب الغربي من المدينة لم تتعرض لأي قصف خلال الأيام الماضية، حاولت وسائل إعلام محسوبة على “الإصلاح” وحكومة هادي الترويج للعملية على نطاق واسع بهدف إثارة قضية مأرب على المستويين الدولي والإقليمي، في محاولة منها لإعادة الضغوط الدولية على صنعاء لفرض وقف إطلاق النار في محيط المدينة. وإلى حكومة هادي، دان الحادثة المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ، والسفير البريطاني مايكل أرون، اللذان طالبا صنعاء بإنهاء هجومها على مأرب.