هل حققت “داعش” الهدف المطلوب منها؟
في ظل التحليلات والقراءات المتعددة التي تتناول ظاهرة إعلان “الدولة الإسلامية” ومبايعة الخليفة إبراهيم، هناك أسئلة تُطرح حول مستقبل الأوضاع في المنطقة، لا سيما أن تنظيم “داعش”، أو من يقف خلفه، لم يكن ليقدم على هذه الخطوة من دون أن يكون قد حدّد مجموعة من الأهداف التي يريد الوصول إليها بأي ثمن.
قد يكون السؤال الأبرز المطروح على الساحتين الإقليمية والدولية في هذه المرحلة، هو النتيجة التي ستفضي اليها المناقشات والمفاوضات القائمة بين القوى المؤثرة على الساحة العراقية بشكل خاص، لا سيما أن “داعش” تمكنت من خلق واقع جديد، لا يمكن تجاوزه في أي بحث يتناول مستقبل بلاد الرافدين أو المنطقة، يتمثل بإعلان دولة على الحدود العراقية السورية تمكنت من قطع الطريق البري بين طهران ودمشق إلى حد بعيد.
في هذا السياق، تشير مصادر متابعة لهذا الملف إلى أن دراسة هذه الظاهرة بشكل موضوعي، تفترض البحث في الأسباب التي سمحت لها بالتمدد على هذا النحو خلال فترة قصيرة جداً نسبياً، خصوصاً أن إعتمادها التطرف كنهج سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى إنقلاب البيئة التي وجدت بها “المخلص” كمقدمة للقضاء عليها أو إعادتها إلى حجمها الطبيعي، وتلفت على سبيل المثال إلى ظاهرة “الإخوان المسلمين” في مصر التي سرعان ما إنقلب عليها الشعب نتيجة الممارسات الخاطئة التي قامت بها، بالرغم من تأكيدها أن هناك فوارق كبيرة في الظروف والمعطيات بين الظاهرتين.
وتوضح هذه المصادر، في حديث لـ”النشرة”، أن الإحتضان الذي حظيت به هذه الظاهرة من قبل بعض الفئات العراقية لم يكن نتيجة إقتناع بالأفكار التي تحملها، بل بشكل أساسي ردة فعل على الممارسات التي تلت الغزو الأميركي لبلاد الرافدين في العام 2003، والتي تفاقمت مع وصول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى الحكم بشكل لافت، وبالتالي تبدأ المعالجة الفعلية من خلال إزالة المسببات، وتؤكد أن الجانب الإيراني بات يدرك فعلياً أن التمسك بورقة المالكي لم يعد مجدياً لا سيما بعد أن تخلت عنه أغلب المرجعيات العراقية الشيعية السياسية والدينية.
على هذا الصعيد، تلفت المصادر المتابعة إلى أن المحور المعارض لنفوذ إيران المتعاظم في المنطقة، يعتبر أن “داعش”، رغم الخطر الذي تشكله على بعض أركانه، يمكن أن يكون ورقة رابحة بالنسبة له من الممكن الإستفادة منها إلى حد بعيد، عبر تحويل الدولة التي أعلن عنها التنظيم إلى قاعدة مزعجة لكل من القيادتين الإيرانية والسورية في المستقبل، خصوصاً في حال نجاح تثبيت هذا الواقع الذي يجد له أرضية خصبة في العراق، والذي من الممكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تكريس التقسيم القائم على أرض الواقع، وهو في مطلق الأحوال لا يصب في مصلحة المحور الذي تقوده طهران بأي شكل من الأشكال.
وتوضح المصادر نفسها أن هناك 3 دول، على الأقل، ترسم حدودها فعلياً على أرض العراق في هذه المرحلة، الدولة الكردية التي وجد زعيمها مسعود البرزاني أن الفرصة مؤاتية من أجل طرح مشروع الإستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد، الدولة السنية التي أسس لواقعها “داعش” عبر إعلانه “دولته” ومبايعته “خليفة”، والدولة الشيعية التي ستكون الحلقة الثالثة لهاتين الدولتين.
على هذا الأساس، لا يكون ما قام به تنظيم “داعش” حدثاً عابراً، بل عبارة عن خطوة ضمن مشروع قائم بحد ذاته سيترك نتائج ضخمة على صعيد المنطقة، الأمر الذي من المتوقع أن يدفع بالجانب المقابل إلى القيام بخطوات مضادة، لكن في ظل التأكيدات بأن القيام بأي عملية عسكرية مباشرة في العراق سيكون بمثابة مغامرة غير محسوبة النتائج في الوقت الحالي، قد يكون تحريك الأوضاع في ساحات جديدة بارقة الأمل الوحيدة بالنسبة له.
ماهر الخطيب – موقع النشرة الإخباري