هل تُراجع الولايات المتحدة حسابات دعمها المباشر للعدوان على غزة؟
موقع العهد الإخباري-
زكريا حجازي:
رأى محلّل الشؤون الأميركية علي رزق أن الموقف الأميركي الداعم للعدوان الصهيوني المتواصل على الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة، بات في حال تراجع، خشية توسّع الحرب من جهة وتبدّل المزاج الأميركي حيال هذا العدوان الذي يستهدف المدنيين على وجه التحديد، ويرتكب المجازر بحق الأطفال والنساء، من جهة أخرى. ولفت إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن بات يتحدث عن “الحاجة لهدنة”، بعدما كان يدعم استمرار النار وعدم إعطاء المقاومة الفلسطينية فرصة للتنفّس.
وقال رزق، في حديث لموقع “العهد” الإخباري، إن: “تراجع الموقف الأميركي الداعم المطلق مع بداية العدوان على غزة، إلى الحديث عن الحاجة لهدنة مرتبط بموقف داخلي له علاقة بما يُسمّى بـ”المعسكر التقدمي داخل الحزب الديمقراطي وموقف آخر له علاقة بالضغط الشعبي الذي كان مفاجئًا للرئيس الأميركي جو بايدن، وهو ناجم عن مشاهد المجازر الوحشية التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة”.
وأضاف رزق: “هناك عامل آخر، وهو الخشية من اتساع رقعة الحرب لتشمل أطرافًا أخرى، بعدما أدركت إدارة بايدن بأن القضاء على حماس ومنع توسّع الحرب هما هدفان لا يمكن تحققهما معًا. إذ إنّ هزيمة حماس بالمطلق سيؤدي حتمًا إلى توسّع الحرب لتشمل محور الإقليم كلّه، ولذلك اضطرت إدارة بايدن لوضع بعض القيود على الدعم الذي تقدمه لـ”إسرائيل”.
وعن مطالبة يهود أميركيين بوقف إطلاق النار والعمل على صفقة لتبادل الأسرى، أوضح رزق أن الموقف اليهودي الأميركي المؤيّد لوقف النار والتوصل إلى هدنة يقف خلفه “تيار يهودي صاعد في الولايات المتحدة، وخاصة عند جيل الشباب، فهو ليس لديه هذا الدعم العقائدي لــــــ”إسرائيل”، والذي كان موجودًا عند الأجيال السابقة التي كانت تربطها علاقات إيديولوجية داعمة لـــــ “إسرائيل””.
وأكد رزق أن الجيل اليهودي الجديد في الولايات المتحدة، فيه نسبة كبيرة تنظر إلى الكيان الصهيوني على أنه “الجلّاد” ونسبة كبيرة من هؤلاء تدعم تقليديًا الحزب الديمقراطي. ورأى أن بايدن ربما وجد في حساباته أنه مضطر لتغيير في نبرته، وحتى أن يدعو لوقف إطلاق النار تحت مُسمى “هدنة إنسانية” أو “غير إنسانية”، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة باتت تُدرك أكثر فأكثر أن هذه مصلحتها، فبرأيه أن السؤال المطروح حاليًا هو: “هل أن نتنياهو مستعدّ لتجاوز الموقف الأميركي والمضيّ قدمًا بالحرب؟”.
وعن الحديث الحالي في الولايات المتحدة عن موقف أميركي لإضعاف نتنياهو والقول إن أيّامه معدودة في السلطة، أوضح رزق أن هذا هو موقف الحزب الديمقراطي، وليس موقف الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن نتنياهو كان في مواجهة دائمة مع بايدن وقبله مع الرئيس الأسبق باراك أوباما، وإعلان معارضة الشديدة للاتفاق النووي الإيراني، مذكّرًا بأن نتنياهو حاول جاهدًا أن يخرب الاتفاق الأميركي مع إيران في هذا المجال.
وأكد رزق أن: “هذه الأضرار التي لحقت بالعلاقة ما بين نتنياهو والحزب الديمقراطي الأميركي لمّا تُرمّم حتى الآن، وهي ما تزال مستمرة”.
وقال: “الحزب الجمهوري الأميركي بالمقابل يتجه أكثر فأكثر نحو اليمين، حيث ينسجم مع الرؤية اليمينية الموجودة في إسرائيل”، مكررًا بأن عدم تأييد نتنياهو هو تحديدًا موقف المعسكر الديمقراطي وليس موقف الولايات المتحدة، مستدركًا بالقول: “طبعًا هذا الموقف يؤثر على نتنياهو؛ لأن الحزب الديمقراطي هو الحزب الحاكم في الوقت الحاضر”.
ولفت رزق إلى حاجة الكيان الصهيوني اليوم للولايات المتحدة بعدما بات معرّضًا أمام الخصوم، سواء من المقاومة الفلسطينية، أو من أطراف محور المقاومة. ورأى أن حاجة “إسرائيل” لأميركا، في هذا الظرف، ربما يعزز تأثير النفوذ الأميركي أكثر على “إسرائيل”، ويجعلها بالتالي تخضع للرؤية الأميركية بعدما كانت ترفضها.
وختم رزق مؤكدًا أن الموقف الأميركي الراهن له: “تأثير كبير على صناعة القرار والتوجّه الإسرائيلي”.