هل تقرأ طهران رسائل أوباما؟
وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية ـ إرنا ـ
بقلم: ماجي حاتمي
الكثير من الايرانيين يشككون كثيرا في إمكانية ان تغير الولايات المتحدة الامريكية سلوكها العدائي ازاء الجمهورية الاسلامية في ايران بمجرد اعتراف الرئيس الامريكي باراك اوباما بإرساله رسائل الى الرئيس حسن روحاني.
الحقيقة ان الشكوك الايرانية تستند الى تجربة تاريخية مؤلمة ومُرة عاشها الشعب الايراني مع التدخلات الامريكية في شؤونه الداخلية قبل وبعد انتصار الثورة الاسلامية ، ووصلت هذه التدخلات ذروتها عندما اقدمت امريكا قبل الثورة الاسلامية على اسقاط حكومة الدكتور محمد مصدق الوطنية عام ۱۹۵۳بعد اقدامها على تأميم النفط الايراني.
اما بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران عام ۱۹۷۹ جندت الولايات المتحدة الامريكية كل امكانياتها لوأد هذه الثورة ، بدءا من اثارة القلاقل القومية والمذهبية واغتيال رجالات الثورة ومحاولات قلب النظام عبر عملائها، ومرورا بالحرب الظالمة التي فرضها النظام الصدامي على الجمهورية الاسلامية والتي استغرقت ثماني سنوات بتحريض ودعم امريكي، وانتهاء بالحظر الظالم الذي تفرضه امريكا على ايران واغتيال علمائها على خلفية برنامجها النووي السلمي.
ان ما يؤكد هذه الشكوك هو ان العداء الامريكي للجمهورية الاسلامية لم يتغير بتغير الحكومات الايرانية التي قادتها شخصيات من مختلف المشارب، معتدلة واصلاحية ومحافظة، بل على العكس تماما ان العداء الامريكي اصبح اكثر شراسة في ظل حكومة الرئيس محمد خاتمي، المعروف باعتداله ودعوته للحوار بين الحضارات، حيث وضع الرئيس الامريكي حينها، جورج بوش، ايران على محور الشر، ولم تُفلح اجراءات خاتمي في وقفه لتخصيب اليورانيوم على مدي عامين، ولا توقيعه على البرتوكول الاضافي طواعية، في تغيير السلوك العدائي الامريكي ازاء ايران.
في مقابل هذا الرأي ، هناك رأي اخر ، ورغم انه لا يبتعد كثيرا عن الرأي السابق ، يقول ان الوقائع على الارض تغيرت كثيرا خلال العقد الفائت، فلم تعد امريكا، من وجهة نظر انصار هذا الراي، القوة العظمى الوحيدة في العالم التي تفرض ارادتها على الاخرين دون رادع، والدليل على ذلك الفوضى التي سادت امريكا، على مستوي القيادة والنخب السياسية بسبب الازمة السورية وكيفية التعامل معها، كما لم يعد الشعب الامريكي ولا الشعوب الاخرى تنطلي عليها حكاية المعلومات السرية للاستخبارات الامريكية والتي كانت سببا في احتلال دول والعدوان على اخرى، وهي مغامرات كلفت امريكا وشعبها واقتصادها ونفوذها في العالم أثمانا باهظة.
ويرى أصحاب هذا الرأي انه بالاضافة الى ما تقدم، فان التراجع الامريكي الواضح عن نهج المواجهة العسكرية لحل الازمات الدولية، بغض النظر عن الاسباب التي وراء ذلك، اذا ما اُسند الى التصريحات الامريكية الباحثة عن مقاربة مشرفة مع ايران وآخرها رسائل الرئيس الامريكي اوباما الى الرئيس حسن روحاني في ذروة الازمة السورية، كل ذلك يضع الجانب الايراني في موقف يفرض عليه اتخاذ ما من شانه يسحب البساط من تحت اقدام الجهات التي تحاول دائما ان تُظهِر الجانب الايراني بانه الجانب الذي يرفض الحوار ولا يغتنم الفرص المتعددة التي تظهر في افق العلاقة الامريكية الايرانية، وان مثل هذه الجهات ليست قليلة في امريكا والعالم ولا تخلو ايران منهم ايضا.
يبدو ان اصحاب الرأيين ورغم الاختلاف الظاهر بينهما الا انهما ينطلقان من مقولة قائد الثورة الاسلامية سماحة اية الله السيد علي الخامنئي التي اكد فيها سماحته انه ليس متفائلا بالحوار مع امريكا الا انه لا يعارضه في الوقت نفسه، فالحوار اذا ليس خطا احمر في ايران، بل الخط الاحمر هو مبادئ واهداف الثورة الاسلامية، التي لا يمكن لاية حكومة ايرانية ان تتخطاها ابدا في اي حال من الاحوال، اما التفاؤل البعيد المنال، فلن يكون عائقا امام هذا الحوار.
انطلاقا من هذا المبدأ اعتبر الكثير من العقلاء في ايران ومن بينهم كبير مستشاري قائد الثورة الاسلامية في الشؤون الدولية الدكتورعلي ولايتي، اعتبروا انتخاب الرئيس حسن روحاني فرصة لقياس مدى صدقية الغرب ازاء ايران، وعلى الغرب الا يُفوّت هذه الفرصة ، واكدوا على استعداد ايران للدخول مع الجميع في حوارات متعددة او ثنائية الاطراف، ودون اي شروط مسبقة، للوصول الى حلول مشرفة للجميع، شريطة ان يثبت الغرب انه يعمل على تغيير موقفه المعادي لايران.
اخيرا على الرئيس الامريكي باراك اوباما ، الا يُكلف نفسه عناء إرسال الرسائل الخطية الى طهران ليبرهن انه ينوي تغيير سياسته ازاء الشعب الايراني ، يكفي ان يغير سلوك ادارته المعادي لهذا الشعب عبر اجراءات عملية ملموسة ، فمثل هذه الرسائل فقط تُقرأ في طهران.