هل تغدو قطر حليفا لتركيا وروسيا؟
ولكن هذه التهمة تنطبق على السعودية ذاتها والولايات المتحدة الاميركية وغيرهما من الدول، مثلما تنطبق على قطر وربما اكثر. وان اطلاق هذه التهمة بالذات، وتخصيص قطر بالذات، بهذه التهمة يدل على الامور التالية:
ـ1ـ الفشل الذريع للمشروع الارهابي الذي كان يهدف الى ضرب مختلف الدول العربية وغيرها واقامة دولة داعشية على انقاضها، يتم من خلالها استثمار الغاز والنفط في شرقي المتوسط خاصة، وفي الشرق الاوسط الكبير عامة.
ـ2ـ انقلاب السحر على الساحر فى موضوعة دعم الارهاب ماليا او عسكريا او امنيا او سياسيا، وسعي بعض الدول الراعية للارهاب الى رمي التهمة عن نفسها والصاقها بقطر وحدها.
ـ3ـ انه توجد اسباب اخرى، ستكشفها الايام، للخلاف بين قطر والسعودية واخصامها الاخرين.
ـ4ـ ان هذه الازمة، الى جانب طاعون “الربيع العربي”، ستساهم في تغيير الستاتيكو الجيوسياسي في المنطقة العربية وفي العالم بأسره.
وفي هذا السياق نشرت جريدة برافدا ـ رو الالكترنية الروسية تعليقا بقلم الصحفي الروسي آيدن ميختييف، بعنوان “الازمة حول قطر: هل ستصبح الدوحة حليفا لموسكو وانقرة؟”، وجاء في المقال:
في الازمة حول قطر توجد ميزة غامضة. في الوقت ذاته الذي تشتد فيه الحرب الاعلامية بين حلف بعض الدول العربية بزعامة المملكة السعودية وبين الامارة الصغيرة قطر، فإن سوق النفط العالمية ظلت هادئة تماما، بل ان سعر برميل النفط انخفض تحت عتبة الـ 50 دولارا وبلغ 48،28 دولارا. وهذا التفصيل الصغير ولكن المهم، يعني انه يمكن وصف هذه الحرب العربية الداخلية باحدى مسرحيات شكسبير: ضجة كبيرة للا شيء.
وبكلمات اخرى، انه لا يوجد خطر حرب فعلية في الخليج، والموجة الحالية من الانفعالات تذكر بالخلاف الكبير داخل العائلة الاسلامية الكبيرة والغنية، حيث يشتبك الاخوة بعراك بالايدي، ولكنهم في النهاية يتصالحون.
ان عدم ميل سوق النفط لرد فعل حيال الخلاف الحالي للدول العربية مع قطر هو مقياس دقيق لعدم جدوى انتظار معرفة اسباب هذا النزاع.
ومع ذلك فإن هذا النزاع سيؤدي الى حدوث تغيير في وضعية القوى في منطقة الخليج.
وقد اتضح انه ظهر تعاطف فوري مع قطر في ثلاث عواصم هي موسكو، انقرة وطهران. وعبرت تركيا عن دعمها للدوحة باكثر ما يكون من الوضوح. وصادق برلمان هذه الدولة على قرار بارسال وحدات من الجيش التركي الى قطر. وفي حين ان هذا القرار له معنى رمزي، الا انه في الوقت ذاته يحمل معنى رسالة من انقرة موجهة الى الممالك العربية وعلى رأسها السعودية مغزاها: اذا بدأ اي عدوان ضد قطر، فإن تركيا لن تسمح بانتهاك سيادة هذا البلد وسوف تقدم له المساعدة العسكرية الضرورية. وفي افطار يوم الجمعة الماضي، فإن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، القى كلمة دعا فيها قادة وشعوب بلدان الخليج “لان يتجنبوا حرب الاخوة، التي يمكن ان تؤدي الى زعزعة الاستقرار وتصعيد التوتر في الاقليم”. وحسب كلمات الرئيس التركي، لا يجب اضاعة الجهود حول المشكلات الداخلية، في حين تطرح في جدول الاعمال مسائل مستقبل الاقليم. وقال اردوغان “ان تركيا ستواصل تقديم كل اشكال الدعم لقطر”، واكد ان الوضعية الراهنة القت بظلال قاتمة على فرحة شهر رمضان. وحسب كلماته، فإن المسلمين في الاقليم والبلدان الاخرى يمضون شهر رمضان على امل تحقيق السلام، والاستقرار والخبز اليومي. وعبر الرئيس التركي عن الاسف لزيادة التوتر بين البلدان الشقيقة في الخليج.
ويذكر الخبراء ان تحسين العلاقات بين تركيا وقطر بدأ قبل سنة من وصول حزب اردوغان الى الحكم: ففي سنة 2001 قام امير قطر حمد بن خليفة آل ثاني بزيارة رسمية الى انقرة. وخلال هذه الزيارة وضع الطرفان اطارا قانونيا للتعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين. وبعد اربع سنوات، في نيسان 2005، قام رئيس الوزراء التركي حينذاك رجب طيب اردوغان بزيارة الى الدوحة، حيث تم الاتفاق على التعميق اللاحق للتعاون.
ومن جهة ثانية فإن موسكو ايضا ترغب في مساعدة الدوحة. وفي الايام القليلة الماضية قام وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بزيارة الى موسكو، حيث التقى زميله الروسي سيرغيي لافروف. وحسب تعبير رئيس الدبلوماسية الروسية، فإن موسكو استقبلت “بقلق” عزل قطر وتدهور العلاقات بينها وبين شركائها. ومع ذلك، يضيف لافروف، فإن روسيا مبدئيا لن تتدخل في الحالة الناشئة، ولكنها تدعو الى حل التناقضات على طاولة الحوار. ومن جانبه فإن رئيس الدبلوماسية القطرية شكر روسيا على مساهمتها في التغلب على العقوبات التي فرضت على بلاده، واكد ان الدوحة “تثمّن هذا التعاون”. ومن ثم يذكـّر الخبراء بأنه منذ سنة 2000 فإن العلاقات بين روسيا وقطر كانت متوترة جدا. وفي اذار 2004 اعلنت قطر ان السكرتير الاول في السفارة الروسية في الدوحة الكسندر فيتيسوف هو شخص غير مرغوب فيه. وتم هذا التدبير على خلفية التحقيقات في مقتل الارهابي الشيشاني زيليمخان اندربايف، الذي تم تفجير سيارته في 13 شباط 2004 في الدوحة. وفي مجرى التحقيقات في الحادث قامت اجهزة الامن القطرية ايضا باعتقال مواطنين روسيين في قطر. وحينذاك اتهمت موسكو الدوحة بدعم الانفصاليين الشيشانيين.
ولكننا نعود الى النزاع الناشب حاليا حول قطر. وفي هذا الوقت، فإن ايران، التي تؤيد الاتهامات التي وجهت الى قطر، اتخذت موقفا متحفظا ولم تنجر الى طرح تصريحات عاطفية، حول الصداقة مع امير قطر، في حين ان واشنطن لم تستطع ان تحتفظ بضبط النفس وادلت بتصريحات شديدة. واقدم دونالد ترامب على اتهام قطر “بتمويل الايديولوجية الراديكالية”. وطلب الرئيس الاميركي من الدوحة “ان توقف فورا دعم التطرف”. اما وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون فدعا المملكة السعودية والدول الاخرى في الخليج الى تخفيف الحصار على قطر، لانه قد يؤدي الى عواقب غير متوقعة على الصعيد الانساني ويؤثر على صراع الحلف الذي تقوده اميركا ضد داعش. “نحن ندعو هذه البلدان لان تتخذ فورا خطوات لوقف تصعيد الوضع ولبذل الجهود لحل النزاعات فيما بين الاطراف”، حسبما اعلن تيلرسون في تصريح صحفي. ويتبين من ذلك مغزى المسرحية الجارية الان في الخليج.
[ad_2]