هل بدأ الجيش السوري معركة القلمون من قارة؟
في ظل حراك دولي محموم لعقد جنيف 2، الجيش السوري يفتح معركة القلمون المنتظرة، ويبدؤها من بلدة قارة؛ الخاصرة الشمالية للقلمون، وشريان حياة المعارضة السورية البديل بعد سقوط مدينة القصير.
كثُر الحديث عن معركة القلمون الكبرى.. وتحضيرات كل من الجيش السوري وكتائب المعارضة المسلحة لهذه المعركة المفصلية، ولكن تأخُّر المعركة، والحديث عن قرب عقد جنيف 2، وإمكانية عرقلة المؤتمر في حال البدء بها، ولّد لدى البعض قناعةً بأن المعركة ربما لن تحدث أو أنها تأجلت.. ولكن ما يجري الآن في القلمون يشي بأن المعركة بدأت بالفعل..
يوحي مجرى الأحداث أن الجيش السوري لم يكن البادئ بالمعركة، حيث كانت جبهات القلمون كلها هادئة، حتى دخول مسلحي جبهة النصرة إلى بلدة صدد في 23 تشرين أول الماضي، وسيطرتهم على المدينة المسيحية وتهجير أهلها، ومخطئ من يظن أن الهدف كان صدد بحد ذاتها، بل كانت أهمية صدد وقوعها على الطريق باتجاه مهين؛ البلدة التي تبعد عن صدد مسافة ثلاثة كيلو مترات وتبتعد مئات الأمتار عن واحدة من أهم مستودعات الجيش السوري في القلمون والتي تضم ذخيرة خفيفة، بعد أن تم سحب الصواريخ والذخيرة الثقيلة منها.
إذاً كان الهدف من الأساس هو مستودعات مهين.. حيث اعتقدت الكتائب المقاتلة أن هذه المستودعات من شأنها أن تعوض النقص الكبير في الذخيرة التي تأتي من الخارج وتكون عوناً لها في المعركة المقبلة.
لاحق الجيش السوري كتائب داعش والنصرة من صدد إلى مهين.. وسيطر على البلدتين وعدة قرى صغيرة مجاورة، ولم يترك للمسلحين إمكانية الإستفادة الكبيرة من الأسلحة التي استولوا عليها من مستودعات مهين، بل كبدهم الطيران الحربي السوري خسائر كبيرة ظهر بعضها في الفيديوهات التي نشرتها مواقع المعارضة.
ويبدو أن الجيش السوري قرر خوض معركة القلمون إنطلاقاً من خاصرته الشمالية، خلافاً للتحليلات التي كانت تتحدث عن بدء المعركة إنطلاقاً من الزبداني أو يبرود.. أكبر معاقل المعارضة المسلحة في ريف دمشق الغربي والشمالي.
استفاد الجيش السوري من التقدم الكبير الذي يحققه في ريف دمشق الجنوبي، مستخدماً الخطة ذاتها في الهجوم، التي تعتمد على الكثافة النارية بالقصف المدفعي والجوي لمواقع المعارضة وتدمير تحصيناتهم، ومن ثم الهجوم الكاسح المعتمد على المدرعات ووحدات النخبة من الجيش السوري والدفاع الوطني.
مصادر الجيش تحدثت عن هروب المسلحين من مهين باتجاه قارة؛ البلدة التي تقع على الطريق الدولية بين دمشق وحمص، وتقابل بلدة عرسال اللبنانية، وهي كانت بعد سقوط القصير الممر البديل للمعارضة السورية من لبنان باتجاه غوطة دمشق وباتجاه أطراف حمص وأحيائها التي لا تزال في قبضة المعارضة.
التحضير للمعركة وحشد متبادل
استقدم الجيش السوري تعزيزات كبيرة إلى مشارف قارة، استخدم مواقع كان يسيطر عليها على مشارف البلدة، ونتحدث هنا عن موقع جنوبي البلدة، وآخر في الشرق عند “مارصوفيا” وهي تلال مرتفعة تطل على البلدة وقريبة من أحيائها المتطرفة.. وتقع مباشرة على الأوتستراد الدولي.
بالمقابل علمت الكتائب المتمركزة في قارة أن الجيش يحضر لاقتحامها من خلال رصدها للقوات المحتشدة، ومن خلال معلومات ربما تقصدت القوات النظامية تسريبها إلى البلدة حتى يغادرها المدنيون، وعملت الكتائب على استقدام تعزيزات من البلدات المجاورة، وعملت على توحيد صفوفها..
أحد المدنيين الواصلين إلى عرسال تحدث للميادين نت عن أن المقاتلين من أهالي البلدة لا يتجاوزون بضع مئات، بينما يتوزع العدد الأكبر من المقاتلين على كتائب أخرى قوامها المقاتلون الفارون من معارك ريف حمص ولا سيما القصير والضبعة وبابا عمرو.. وهي كتائب “أهل الأثر” (تتبع جبهة الأصالة والتنمية ومقاتلوها يحملون فكر القاعدة)، كتائب تابعة للواء الإسلام، وباقي المقاتلين يتبعون جبهة النصرة.
بدأ الجيش السوري على مدى اليومين الماضيين بقصف مواقع المعارضة في البلدة، بعد أن غادرها غالبية سكانها الذين توجهوا عبر الجبال إلى بلدة عرسال اللبنانية، كما نفذ في الوقت ذاته قصفاً مركزاً على عدد من البلدات والقرى في القلمون.
تعلم كتائب المعارضة أن سيطرة الجيش السوري على قارة تعني انهياراً في باقي البلدات، وخصوصاً بعد أن انسحب لواء الإسلام من يبرود كبرى مدن القلمون وأكبر تجمع للجيش الحر في المنطقة، لذلك فقد أخذت على عاتقها الدفاع عن البلدة بكل الإمكانيات، ولا تريد أن يتكرر سيناريو القصير في القلمون.
أين وصلت المعارك في البلدة؟
بدأ الجيش السبت التقدم إلى محيط البلدة بعد قصف مواقع المعارضة، وخصوصاً من الجهة الشمالية والشرقية، واستطاع تخطي الخط الأول لدفاعات المعارضة، واضطرته حدة المعارك لقطع الطريق الدولية.. تنسيقيات المعارضة في قارة اعترفت بسقوط 6 قتلى لها في اليوم الأول غالبيتهم من قرى حمص، بينما تحدثت مصادر إعلامية سورية أن العدد أكبر من ذلك وأن الساعات القادمة ستشهد إنهياراً للمسلحين داخل البلدة.
الطيران الحربي نفذ السبت مايقرب من 10 طلعات جوية، كما شهد صباح الأحد غارات مكثفة على وسط البلدة بعد أن كانت الغارات تتركز على الأطراف في اليوم السابق، وتحدثت مصادر المعارضة عن استخدام الجيش السوري لنوع جديد من الطائرات غير معروف لها، وتتميز الطائرات الجديدة أنها أكبر من طائرات الميغ 21 المستخدمة وصوتها أعلى، بينما تحدث ناشطون عن استخدام الجيش السوري لطائرات ميغ 29 لأول مرة في القلمون.
المصدر: الميادين