هل الدور على الجزائر؟
صحيفة الخليج الإماراتية ـ
عبدالله السويجي:
يعتقد محللون أن الجزائر مرشحة لأحداث تشبه ما حدث في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن، وجهات غير عربية تؤجج هذا المنحى، ولكنها، كما يبدو، تنتظر الانتهاء من سوريا حتى توجه اهتمامها إليها، والغريب في الأمر أن وسائل الإعلام العربية لديها معلومات عن حراك ما يتم التحضير له، إلا أنها تتجاهله خبراً وتحليلاً .
والجزائر ليست كأي بلد عربي آخر، وجميعنا يتذكر أحداث العنف الدموية التي شهدتها عقب إلغاء الانتخابات التي فاز بها حزب جبهة الإنقاذ في 12 يناير/كانون الثاني ،1989 وكان يترأسها آنذاك الشيخ عباس مدني، وتميزت تلك الأحداث بالشراسة والدموية إلى درجة أن بعض المحللين اتهم استخبارات أجنبية بالضلوع فيها، فضلاً عن أن أي أحداث واشتباكات عرقية ومذهبية ستودي بعدد هائل من الأرواح .
بتاريخ 28 نوفمبر/تشرين الثاني2012 نقلت وكالة الأنباء الألمانية (د .ب .أ) بياناً أصدره الشيخ د . عباس مدني، رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، الموجود في قطر، حذّر فيه من “انفجار وشيك في الجزائر، تتحمل السلطة وحدها مسؤوليته”، ودعت الجبهة الشعب الجزائري إلى مقاطعة الانتخابات البلدية قبل أن تجري في الجزائر “مقاطعة حضارية واعية”، وقال البيان على لسان الشيخ مدني “آن الأوان كي يهب الشعب هبة رجل واحد ليبرهن للعالم أنه مايزال شعب التحدي وليس شعب التردي، وأن شبابه بات لزاماً عليه تحمل مسؤولياته لينجز ما عجز عنه المجاهدون الأبرار والشهداء الأخيار وذلك بتحريره للشعب بعد أن تحرر الوطن”، و”مأساة الجزائريين تتعاظم وأزمتهم تتفاقم ومواردهم تنهب، وأموالهم تسرق” .
أما الأكثر خطورة، فهو ما جاء على لسان من أطلق عليه (مهندس الثورات العربية) الفيلسوف الفرنسي اليهودي الصهيوني برنارد ليفي، في محطة تلفزيونية عربية، من أنه “يأمل ويدعو كي تتحقق أحلام الحرية في الجزائر” . وتحدث ليفي عن الرئيس بوتفليقة قائلاً: “نظام بوتفليقة هو نظام البيروقراطية الذي يسد الأفواه، ويمنع حرية التعبير” .
ومن يسمع باسم ليفي لأول مرة عليه أن يعرف أنه ولد في الجزائر لعائلة يهودية ثرية في العام 1948 إبان الاحتلال الفرنسي، وشوهد في ميدان التحرير في مصر خلال انتفاضة الشعب المصري ضد الرئيس السابق حسني مبارك، كما شوهد في ليبيا وألقى خطاباً في بنغازي أمام “الثوار”، وحضر مؤتمراً للمعارضة السورية في باريس، وفي يناير ،2010 دافع ليفي عن البابا بنيديكت السادس عشر في وجه الانتقادات السياسية الموجهة إليه من اليهود، معتبراً إياه صديقاً لليهود . وخلال افتتاح مؤتمر “الديمقراطية وتحدياتها” في “تل أبيب” في مايو/أيار ،2010 امتدح برنار ليفي “جيش الدفاع الإسرائيلي” معتبراً إياه أكثر جيش ديمقراطي في العالم . وقال: “لم أر في حياتي جيشاً ديمقراطياً كهذا، يطرح على نفسه هذا الكم من الأسئلة الأخلاقية . فثمة شيء حيوي بشكل غير اعتيادي في الديمقراطية الإسرائيلية” .
وبلغت به الوقاحة أنه طلب من المناضلة الجزائرية “زهرة ظريف” اعتبار نضالها جريمة، ونقلت صحيفة “الخبر” الجزائرية بتاريخ 11 إبريل/نيسان 2012 خبراً يقول: “اعترف المفكر برنارد هنري ليفي بفشله في المناظرة التي جمعته مع المجاهدة زهرة ظريف، الأسبوع الماضي، خلال منتدى “حرب التحرير بعد 50 سنة”، الذي نظمته صحيفة “ماريان”، بالتعاون مع يومية “الخبر”، وكتب ليفي في ركنه الأسبوعي “بلوك نوت” بمجلة “لوبوان”، أنه عجز عن دفع زهرة ظريف في اتجاه الاعتراف بما يعتبره “جريمة”، في حق المدنيين الفرنسيين، خلال تفجيرها قنبلة بحانة “ميلك بار” بالجزائر العاصمة في سبتمبر ،1956 في محاولة لتسخيف نضال جبهة التحرير الوطني الجزائرية، بل وصف ما فعلته زهرة بالسلوك الإرهابي” .
وكان ليفي قد تحدث في وقت سابق عن التركيبة السكانية في الجزائر، عازفاً على وتر الأمازيغ، وفسره المحللون أنه يشجع على وجود كيان أمازيغي في الجزائر، دون أن يعرف أو ربما يتجاهل أن الأمازيغ ينتشرون في مناطق جغرافية كثيرة وليس في منطقة واحدة، ويشكل الناطقون باللغة الأمازيغية من 40-50% من الشعب الجزائري البالغ تعداده 37،1 مليون نسمة، ما يعني أن أي لعب على وتر العرقية والأصل سيشعل حرباً أهلية تأكل الأخضر واليابس، ولاسيّما أن حدود الجزائر مترامية ومساحتها شاسعة، فهي أكبر بلد إفريقي وعربي من حيث المساحة، والعاشرة عالمياً، وتقع في شمال غربي القارة الإفريقية، وتطل شمالاً على البحر الأبيض المتوسط ويحدها من الشّرق تونس وليبيا ومن الجنوب مالي والنيجر، ومن الغرب المغرب والصحراء الغربية وموريتانيا، أي أنها تشترك بحدود مع دول تعيش فوضى واضطرابات، (تونس، ليبيا، مالي)، ما يسهل دخول السلاح إليها، وقدوم ما يسمى “المجاهدين” لمحاربة “الديكتاتورية”، وبسبب المسافات الطويلة التي تفصل بين المدن الرئيسة (الجزائر العاصمة، قسنطينة في الشرق، ووهران في الغرب)، فإنه يسهل انشقاقها وخروجها عن الحكومة المركزية .
والجزائر مستهدفة داخلياً وخارجياً، فما حدث في نهاية الثمانينات خير دليل على وجود أرض خصبة للعنف، فضلاً عن أن الشعب الجزائري شعب محافظ وإسلامي، وهناك جهات كثيرة طامعة بالجزائر لأنها بلد نفطي وغني بالفوسفات، وهناك من يجادل في مسألة النزاع بين الجزائر والمغرب على خلفية النفط الذي يقال إن الجزائر تستخرجه من أرض مغربية .
كما يرشح ظهور أكثر من 15 دولة مستقبلاً بالمغرب العربي، تساعد على ظهورها الظروف الداخلية وتداعيات المناخ الدولي ونزعة الانفصال التي ستحل علينا بالكوارث إن لم يتم تدارك الأمر بالوحدة والتفاهم الداخلي بين شعوب المنطقة وبالاستفادة الجماعية من الثروات المغاربية .
ويقول الكاتب الصحفي أنور مالك وهو ضابط سابق في الجيش الجزائري في حوار مع “موقع الحوار المتمرن” تم في العام ،2008 “يمكن التأكيد أن الشمال الإفريقي عموماً مقبل على هزات عنيفة لا تحمد عقباها، مادامت ثروات النفط تسيل الدم واللعاب، فحيثما يكون النفط كنا نرى الاحتلال، واليوم نجد ما يسمى بالإرهاب، وغدا بلا شك سنعيش الحروب الأهلية والنزعات الانفصالية . . أقول إن الحدود الموجودة اليوم هي استعمارية، وترسيمها وفق أجندة الخارج سيعيد الاستعمار من النافذة، وترك الحبل على الغارب سيعيده من السقف، أما الهروب إلى الأمام فسينبته كالفطر من الأرض، إن لم يتم تدارك الأمر قبل فوات الأوان، وطبعاً، فإن الشعوب هي التي ستؤدي الثمن في الأخير” .
وكأني بهذا الضابط يستشرف المستقبل، وتوصيفه دقيق ورؤيته واضحة، وكل ما نتمناه أن تعي الأطراف في المغرب العربي أبعاد الأزمة، لأن المنطقة كما يبدو تقف على كف عفريت أو فوهة بركان، وإذا صدقت رؤيته فإن الأمر سيكون كارثة محققة .
سيدي الكريم إن الجزائر ورغم كل المعاناة التي يعيشها شعبها الابي إلا أنها سوف لن تسمح لامثال اليهودي النجس بأن يلطخ الارض التي راح قرابة المليون والنصف من أبنائها الابرار لكي تتنفس عبق الحرية ورغم كل ماقيل ويقال من هنا وهناك فإن الجزائر عصية على كل المتامرين والحاقدين وفي الاخير حفظ الله الجزائر وطنا وشعبا