هكذا يتطور التطبيع العربي المخزي مع الاحتلال

 

يتواصل التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما من خلال الخطوات المخزية التي تقوم بها الدول الخليجية؛ كالسعودية والبحرين والإمارات. فاذا أردنا أن نلقي نظرة سريعة على ما جرى ويجري في الدول العربية من تطبيع ومحاولات لتعزيز التطبيع والعلاقات مع الكيان الغاصب، فلابد أن نبدأ من زيارة المطبع السعودي، محمد سعود، الذي قوبل بإهانة كبيرة من قبل الفلسطينيين، في يوليو الماضي، عندما زار المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة.

ثم عاد نفس الشخص ليروج للتطبيع في العاصمة الرياض؛ إذ نشر مؤخراً صوراً له بصحبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، أبرز المسؤولين عما يسمى “صفقة القرن”، الرامية الى تصفية القضية الفلسطينية، ورد الأخير معبراً في تغريدة عن سعادته بصداقة سعود، وأنهما سيتحدثان عن “إسرائيل” والتطبيع مع العرب.

وبعيداً عن المطبع سعود، فإن تطبيعاً من نوع آخر بادرت به السعودية، من خلال الرياضة؛ وذلك حين زار وفد المنتخب السعودي لكرة القدم فلسطين، أكتوبر الماضي.

كذلك، كشفت وكالة “قدس.نت” للأنباء السبت الفائت، عن لجوء مؤسسات حكومية سعودية إلى التعاون مع شركات إسرائيلية في مجال الترجمة من العربية إلى الإنجليزية والعكس.

ونقلت الوكالة عن مصادر، قولها إن المؤسسات الحكومية تقدمت بطلب إلى شركات إسرائيلية، لترجمة تقارير حكومية في عدة مجالات تتعلق بالمحافظات السعودية.

وأوضحت أن المملكة طلبت من إحدى الشركات الإسرائيلية ترجمة تقرير بيئي لمحافظة الرياض، يتكون من 132 صفحة، بواقع 31.800 كلمة من الإنجليزية إلى العربية، ناشرةً وثيقة تؤكد صحة ما نشرته.

وتثير هذه التحركات السعودية تساؤلات حول الهدف من اللجوء إلى شركات إسرائيلية، رغم انتشار آلاف الشركات العربية العاملة في مجال الترجمة بالسعودية ومنطقة الخليج الفارسي والعالم.

ولم تكن البحرين أقل حظاً في التطبيع من السعودية، فهي التي استضافت، في يونيو الماضي، الورشة الاقتصادية الخاصة بـ”صفقة القرن”، في حين أن بادرة التطبيع كانت سبقت هذه الورشة؛ حين زار وفد بحريني ضم 24 شخصاً من جمعية “هذه هي البحرين”، فلسطين المحتلة.

وفي الأشهر الأخيرة، ثمة نشاط لافت لوزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، مطلِقاً سلسلة تصريحات يؤيد فيها حق “إسرائيل” في “الدفاع عن نفسها”.

ويعتبر “آل خليفة” المسؤول البحريني والعربي الوحيد الذي عزز من تحركاته ولقاءاته مع الإسرائيليين بشكل علني وواضح، وتصدَّر مشهد التطبيع مؤخراً داخل البحرين وفي المنطقة.

ولم تكن الإمارات أفضل حالاً من البحرين؛ حيث شهد تطبيعها مع “إسرائيل” تصاعداً غير مسبوق في الفترة الماضية، كان آخر مظاهره احتفاء رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بمشاركة كيانه في معرض “إكسبو الدولي 2020″، المقررة إقامته بالإمارات.

الترحيب والاحتفاء الإسرائيليان بخطوات الإمارات نحوها ترافقا مع دعوة وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، في مارس المنصرم، إلى الانفتاح العربي على “إسرائيل”، ونقلت صحيفة “ذا ناشينال”، التي تصدر من أبوظبي، عن قرقاش قوله: “إن العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل بحاجة إلى تحول من أجل تحقيق تقدم نحو السلام مع الفلسطينيين”، حسب تعبيره.

الى ذلك، احتفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، يوم أمس، بمشاركة شخصيات إماراتية بارزة لمقطع فيديو أنتجته وزارة الخارجية الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، ظهرت فيه فتاتان يهوديتان يتحدثن عن القواسم المشتركة بين اللغتين العبرية والعربية.

وقال رئيس القسم العربي في الدبلوماسية الإعلامية بوزارة الخارجية الإسرائيلية “يوناتان غونان” إن “العام الأخير شهد زيادة ملحوظة في عدد المتابعين من المثقفين والسياسيين من دول الخليج الفارسي ممن يشاركون نشر هذه المنشورات والمواد الإعلامية لوزارة الخارجية الإسرائيلية على صفحاتهم بالعربية، وهناك أهمية لتعميم مثل هذه المشاركات، خاصة حين يصدر عن شخصية كبيرة”.

ولفتت “يديعوت أحرنوت” إلى أن (إسرائيل) والإمارات ليس بينهما علاقات دبلوماسية رسمية، لكن هناك علاقات اقتصادية وثيقة بينهما، موضحة أن الإسرائيليين يحق لهم دخول الإمارات من خلال جوازات سفر أجنبية، أو جواز سفر إسرائيلي بعد حصوله على تأشيرة خاصة.

وأوضحت أن الفترة الأخيرة شهدت ظهور عدد من الرياضيين الإسرائيليين في حدث رياضي في الإمارات، مع إظهار رموز الكيان مثل علم الاحتلال الإسرائيلي والنشيد الوطني، وفي العام القادم من المتوقع أن تشارك (إسرائيل) في معرض “إكسبو” الدولي في دبي.

والعام الماضي، اعترفت الإمارات رسميا بمجتمعها اليهودي الصغير، كجزء من سكان دبي. وفي مارس/آذار الماضي، دعا وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إلى تسريع وتيرة التطبيع بين الدول العربية و(إسرائيل).

وفي سياق متصل، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن أن مجموعة عربية وصفتها بـ”المفكرين العرب ذوي الميول الليبرالية”، من جميع أنحاء الشرق الأوسط يدفعون مساعي الانخراط مع “إسرائيل”، بزعم أن ذلك سيساعد مجتمعاتهم، ويدعم القضية الفلسطينية.

وتزعم هذه المجموعة أن مقاطعة “إسرائيل” فاشلة، في الوقت الذي ألحقت فيه الضرر بالدول العربية التي لطالما تجنبت الكيان اليهودي”.

وتقول الصحيفة إن المجموعة تضم “صحافيين وفنانين وسياسيين ودبلوماسيين، وغيرهم ممن يشاركونهم الرأي القائل بأن عزل “إسرائيل” وشيطنتها كلف الدول العربية مليارات الدولارات في التجارة”.

وتقول “نيويورك تايمز” إن المجموعة التي تطلق على نفسها اسم “المبادرة العربية للتكامل الإقليمي”، يتبنى أعضاؤها “وجهة نظر غير صحيحة سياسيا في بلدانهم الأصلية، لقد تم نبذ البعض منهم بالفعل لدفاعه عن التواصل مع إسرائيل”، بينما قال آخرون “إنهم يخشون الانتقام منهم عند عودتهم” إلى بلدانهم، بحسب الصحيفة.

وتشير الصحيفة إلى أن المجموعة تضم عددا قليلا من الشخصيات المعروفة في أماكن بعيدة، مثل المغرب وليبيا والسودان ومصر ولبنان والعراق والخليج الفارسي، الذين بدأ الكثير منهم في التحدث، بدرجات متفاوتة، لصالح التواصل مع إسرائيل”.

وقالت الصحيفة إن وسائل الإعلام والترفيه العربية كانت منذ فترة طويلة “تجهز الناس نحو هذا العداء” تجاه “إسرائيل” واليهود، في حين أن الزعماء السياسيين العرب كانوا “يهددون الناس ويخيفونهم لإظهار ذلك” العداء.

وتقول الصحيفة إن الحاضرين تلقوا تشجيعا متواضعا من توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، الذي أثنى عليهم للتحدث بصراحة. وقال “إن تعزيز العلاقات العربية- الإسرائيلية القوية أمر حيوي “لأي إمكانية واقعية لسلام دائم” وحل الدولتين.

وقد ترأس وزير الإعلام الكويتي الأسبق، سامي النصف، عددا من جلسات المؤتمر التأسيسي للمجلس العربي للتكامل الإقليمي في لندن. ولفت في أكثر من مرة إلى ضرورة إيجاد السبل للتعاون والاتصال بين جميع سكان منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بما في ذلك “إسرائيل”.

بومبيو يدعو الدول العربية للتطبيع مع الاحتلال والعمل معه

الى ذلك، دعا وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أمس الاثنين، الدول العربية إلى التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وعدم مقاطعته، زاعما أن ذلك يهدف إلى “الاستقرار الإقليمي”.

جاء ذلك في تصريحات له كتبها على “تويتر” ردا على إعلان وزراء خارجية العرب في ختام اجتماع طارئ لهم، رفضهم القرار الأمريكي المتعلق بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، مؤكدين أن تأييد واشنطن لها مخالف للقانون الدولي.

وكتب بومبيو في تغريدته: “الوقت قد حان للدول العربية للتخلي عن المقاطعة والعمل مع إسرائيل. الانقسامات في الشرق الأوسط تساوي عدم الاستقرار. لا ينبغي أن يواجه المفكرون العرب الذين يخاطرون بحياتهم للدفاع عن رؤية إقليمية للسلام والتعايش بشجاعة الانتقام. نحن بحاجة إلى الحوار”.

فاذا كانت محاولات التطبيع في السابق وفي السنوات الماضية، محاولات صعبة وخجولة وتحت الطاولة، وكانت مستنكرة ولم تجاهر بها الدول العربية، واتسمت في غالبها بالسرية، (عدا الدول التي تربطها معاهدات سلام مع الكيان)، أما في أيامنا هذه، لم يصبح التطبيع علنيا فحسب، بل صار يتفاخر به العرب والخليجيون، ويتسابقون ويتنافسون في الهرولة نحو الكيان الغاصب للأراضي الفلسطينية المحتلة، ضاربين بعرض الحائط القضية الفلسطينية، وصارت القضية الفلسطينية عنوانا يكررها المطبعون في مؤتمراتهم لحفظ ماء الوجه.

[ad_2]

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.