هكذا انضمّ "غوغل" الى التحالف الدولي ضدّ "داعش"
لا يزال أمام القوّات الدوليّة التي تشنّ ضربات جوّيّة ضد تنظيم الدولة_الاسلاميّة طريق طويل للقضاء عليه نهائيّاً. فالاعداد الكبيرة التي تنضمّ سنويّاً الى التنظيم وبُعد القواعد العسكريّة للتحالف عن مراكز العناصر الارهابيّة، بالاضافة الى التمويل الذي يتلقّاه عبر مصادر عدّة، ذاتيّة كانت أم غير ذاتيّة، عوامل تصعّب المهمّة أمام قوّات التحالف.
إلّا أنّ التكنولوجيا التي استغلّ “داعش” قطاعاً كبيراً منها للترويج لعقيدته وبثّ الرعب في صفوف أعدائه، باتت سيفاً ذا حدّين بالنسبة اليه، لأنّ المقاتلين الاكراد صاروا يستغلّونها في ضرب تحصيناته. موقع غوغل العالمي يؤمّن حاليّاً صلة الوصل بين و”حدات حماية الشعب” الكردي والقوّات الاميركيّة في ميدان المواجهة مع داعش.
صحيفة “النيويورك تايمس” الاميركيّة تنسب الى مقاتلين أكراد يستخدمون هواتف وألواحاً بأنظمة تشغيل أندرويد، أنّهم أصبحوا يزوّدون القواعد العسكريّة الاميركيّة بمعلومات عن العناصر الارهابيّة وأماكن تواجدها.
“غوغل أيرث” هو أحد التطبيقات المستخدمة، لتعقّب خطوط انتشار الارهابيّين من أجل مساعدة الطيّارين الاميركيّين في عمليّات قصفهم. النظام العالمي لتحديد الموقع المعروف اختصاراً بال “جي بي أس”، والذي يقدّم معطياته بالاستناد الى الاقمار الاصطناعيّة، يساعد أيضاً في مجال إعطاء الاحداثيّات العسكريّة.
مقاتل كرديّ، بحسب مراسل الصحيفة عينها، تحدّث مع مسؤول عسكري أميركيّ في إحدى غرف العمليّات قائلاً له: “رفاقنا يستطيعون رؤية العدوّ يتحرّك عبر عنوان ال جي بي أس الذي أرسلته إليك توّاً”. ثمّ ما لبثت الطائرات الحربيّة بعدها، أن قصفت تلك المواقع مخلّفة عدداً كبيراً من القتلى والجرحى من مقاتلي “داعش”. هذا بالاضافة الى أنّ الاميركيّين أخذوا مؤخّراً ينبّهون المقاتلين الاكراد الى ضرورة الاحتماء قبل توجّه مقاتلاتهم لضرب صفوف الارهابيّين.
لا يخلو الصراع في سوريا، من بعض الحساسيات السياسيّة والعسكريّة. فمقاتلو “حزب العمال الكردستاني” مصنّفون من الاميركيين نفسهم في خانة الارهاب. لكن يبدو أن الولايات المتحدة تضع على رأس أولويّاتها الآن التخلص من “داعش”. لذلك تعمد الى التعامل مع المقاتلين الاكراد في سوريا بصورة براغماتيّة. فصعود “داعش” غيّر من التحالفات والعداوات بين الدول، أو على الاقل غيّر أولويّاتها العسكريّة. والامر مشابه بالنسبة لانتشار التكنولوجيا الرقميّة واستخدام التطبيقات المختلفة اللذين غيّرا الطريقة الكلاسيكيّة في النظر الى الحروب.
التطبيقات المجانية بمعظمها تسهّل على الاميركيّين التعامل مع حلفائهم الموضوعيّين، خصوصاً أنّ التقنيات المتطوّرة لن يتداولها الاميركيّون أو ينشروها مع منظّمات أو أفراد أو حتى مع دول من خارج حلف شمال الاطلسي. يؤكّد هذا الامر مسؤول في وزارة_الدفاع_الاميركيّة لموقع “كوارتز” حيث يقول إنّ معلومات، بما فيها تلك التي تصل الى الاميركيين من المقاتلين على الارض، أكانت عبر غوغل او “جي بي اس” او غيرهما، تساعد الائتلاف الدولي في شنّ ضرباته بطريقة تؤمّن حماية أكبر للمدنيّين. وهذا ما سهّل أكثر استعادة مدن مثل كوباني، وتل ابيض ومناطق أخرى.
عندما تمتّع المواطنون بخدمة نظام “جي بي أس” مع تطوّر الهواتف الخليويّة، لم يكن أحد ليتخيّل أن يتخطّى استخدامها الاطار المدني ليصل الى المدى العسكري بتلك السرعة ومن قبل مواطنين اضطرّوا أن يحملوا السلاح. لذلك شكّلت هذه المزايا نقلة نوعيّة في مقاربة بعض القضايا خصوصاً أنّها قرّبت المسافات كثيراً بين المجالين المدني والعسكري، لدرجة أنّهما أصبحا يتقاطعان في أحيان كثيرة، كما حصل في الميدان السوري، حيث تبيّن أنّ التعاون بين العسكريّين والميليشيات قابلٌ لأن يكون أمراً واقعاً في بعض الاحيان، حتى ولو بطرق غير تقليديّة وبوسائل بسيطة ورخيصة نسبيّاً، لكن فعّالة جدّاً وحاسمة في مرّات غير قليلة.