هؤلاء هم المطلوبون والدولة لا تُحرّك ساكناً

 

hirmel - infijar 1
حدّدت الأجهزة الأمنية اللبنانية المشتبه فيهم بالتخطيط لعمليات التفجير. تعرف هوياتهم وعناوينهم، بعدما أمسكت بأدلة واعترافات أدت إلى الاشتباه في تورّطهم، ليس فقط في تلك التي استهدفت الضاحية الجنوبية، بل في معظم التفجيرات التي ضربت لبنان أخيراً. لم يبق أمام الأجهزة سوى جلبهم إلى المحاكمة، أو، على الأقل، ملاحقتهم. لكنّ أسباباً مجهولة تحول دون ذلك!

«اعرف عدّوك»، عبارة باتت بعض الأجهزة الأمنية تتخذها شعاراً تكتفي به. ربما، لم يعد يعنيها توقيف هذا العدو أو حتى قتله إذا استلزم الأمر لوقف إراقة دماء الأبرياء. لم تعد تكفيها إفادات الشهود والمخبرين واعترافات الموقوفين وداتا الاتصالات والتحقيقات الأمنية التي أدت إلى الاشتباه في تورّط مجموعة أشخاص، معروفين بالأسماء والعناوين، في معظم التفجيرات التي استهدفت لبنان.

لم يدفعها ذلك إلى تحريك ساكن لتوقيف أحد أو الضغط لتسليمه. بل، وأحياناً عدة، تواطأت للتغطية على مشتبه فيهم أو لتهريبهم. يسري ذلك على فرع المعلومات الذي لم يُقرّر القيّمون عليه معاودة العمل جديّاً في تعقّب منفذي التفجيرات إلا بعد عملية السفارة الإيرانية الانتحارية، من دون أن يرفع ذلك المسؤولية عن كاهل الأمن العام والجيش على حدٍّ سواء. فأيدي الأمن العام باتت مكبّلة بعدما أجهضت الدولة، بسياسييها وقضائها، باكورة أعماله الأمنية عند توقيف شادي المولوي في طرابلس. أما الجيش، فلا يسلم بدوره من الهجمات المذهبية والسياسية منذ أن نُفّذت برجاله مقتلة في جرود عرسال قبل عام، خلال محاولتهم توقيف مطلوب بجرم الانتماء إلى تنظيم «القاعدة».

الحكاية تبدأ مع المطلوب الفلسطيني الأبرز توفيق طه، الرجل الذي بات أشهر من نار على علم. يحتمي «رجل الظل» بفصائل مخيم عين الحلوة التي توفّر الغطاء له، علماً بأنه مطلوب بأكثر من 25 مذكرة توقيف وبلاغ وإلقاء قبض، وقد لمع اسمه بعد تفجيري البحصاص والتل (طرابلس) اللذين استهدفا الجيش وتسبّبا باستشهاد وجرح عشرات العسكريين والمدنيين صيف 2008.

برع طه المعروف بـ«أبو محمد» (مواليد 1962) في تجنيد عشرات الخلايا خارج عين الحلوة من داخل وكره في المخيم. لم يكن آخرها كشف اختراقه لمدرسة الضبّاط في الكلية الحربية في آذار عام ٢٠١٢، محاولاً تجنيد أحد تلامذتها لتنفيذ تفجيرات داخل ثكن الجيش. الرجل الأكثر قرباً من أمير «كتائب عبدالله عزام» الراحل ماجد الماجد، وأحد أبرز قياديي هذا التنظيم الذي تبنّى استهداف السفارة الإيرانية في بيروت، لا يزال يتجوّل بحرية في أزقة المخيم. بل إنّ فاعليات المخيم، لدى ذكره، تنتفض مستنكرة لـ«إقحام المخيم وتصويره على أنه بؤرة للإرهاب»، فيما يوفّر قادة الفصائل الحماية للمطلوبين.

ليس طه الوحيد على لائحة القتلة هؤلاء. يليه نعيم عباس (مواليد ١٩٧٠) المعروف بـ«أبو إسماعيل»، أحد أبرز العقول في تنظيم «كتائب عبدالله عزام» المقيم في حي حطّين، والذي تبيّن أخيراً أنه ضالع في التخطيط والتنفيذ اللوجستي في الهجمات الانتحارية التي ضربت الضاحية الجنوبية، حاملاً لقباً جديداً هو «أبو سليمان» (راجع المقال أدناه).

إضافة إلى طه وعباس، ترد أسماء كل من زياد أبو النعاج (مواليد 1975)، المعروف بـ«أبو أسامة»، وهيثم مصطفى المعروف بـ«هيثم الشعبي». الأول معروف لدى الأجهزة الأمنية بصفته التنفيذية، فيما ورد اسم الأخير بصفته متسلّم السيارة المفخخة التي استُخدمت في اغتيال الوزير محمد شطح.

وهناك أيضاً الشيخ بهاء الدين الحجير، المشتبه فيه الرئيسي بالتنسيق بين منفّذي عملية السفارة الإيرانية الانتحارية. وهو يتّخذ من المخيم نفسه ملجأً له. وقد رصدت الأجهزة الأمنية رسائل نصية له مع خطيبة أحد انتحاريي السفارة، معين أبو ظهر، تؤكد أنّه كان على علم بالعملية الانتحارية قبل تنفيذها، إضافة إلى رصد تواصل بينه وبين الشيخ سراج الدين زريقات الذي أعلن عن العملية والموجود خارج الأراضي اللبنانية.

هؤلاء يرتبطون بنحو مباشر بناشطين تنفيذيين ومخططين موجودين في بلدتي عرسال ومجدل عنجر اللبنانيتين وبعض قرى القلمون السورية، فضلاً عن دور رئيس لسجناء في سجن رومية المركزي ولأسماء قابعة في الظل لأشخاص موجودين في مخيمي برج البراجنة وشاتيلا. وبجردة بسيطة على مضمون اتصالات هؤلاء، يمكن الاطلاع على الدور الخطير الذي يلعبونه في العمليات الأمنية، سواء في لبنان أو سوريا. وفي هذا السياق، يحضر دور كل من الشيخ مصطفى الحجيري المعروف بـ«أبو طاقية» وإبراهيم الأطرش المعروف بـ«أبو حسن»، علماً بأن الأخير هو عمّ الشيخ عمر الأطرش الموقوف في وزارة الدفاع. وإذا كان الحجيري يُعدّ ضابط الارتباط بين «جبهة النصرة» والعناصر الأصولية التي تدخل لبنان، فإن الأطرش هو العقل المدبّر والمصدّر لمعظم السيارات المفخّخة التي تمر إلى لبنان عبر جرود عرسال. وهو رجل خمسيني يتنقل بين عرسال وسوريا، يحمل الفكر الإسلامي، لكنه غير منتم إلى أي من «جبهة النصرة» أو «الدولة الإسلامية». ويرتبط الأطرش بسوري يُعرف بـ«أبو جعفر» يتولّى تجهيز السيارات المفخّخة في كل من يبرود ورنكوس ثم يُسلّمها إليه كي يُدخلها بدوره إلى لبنان، علماً بأنه كان سلّم السيارة المفخخة التي قُتل فيها ابن أخيه عمر الأطرش بعد استهدافها بصاروخ سوري في جرود عرسال، والذي كشفت المعلومات أنه كان ينوي التوجّه بها الى الهرمل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.