نُذر مواجهة جديدة بين أميركا وروسيا: أسلحة فتّاكة لأوكرانيا
موقع العهد الإخباري-
د. علي دربج:
يبدو أن الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة ضد روسيا بأدوات أوكرانية قد دخلت منعطفًا خطيرًا، بعدما أطلقت واشنطن العنان لدعمها التسليحي غير المحدود لكييف، وشرّعت أبواب مخازن الجيش الأميركي على مصاريعها أمام أوكرانيا، عبر مدّها بالأسلحة الفتاكة (التي تجنبت سابقًا تسلميها لها)، بهدف تغيير الوقائع الميدانية على الأرض لصالح الجيش الأوكراني.
اللافت أن القرار الأميركي جاء قبل ساعات من إلقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خطابًا افتراضيًا أمام أعضاء الكونغرس، ناشد فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن، والمشرعين، تنفيذ منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، وتزويد بلاده بالمزيد من العتاد الحربي.
كان سبق ذلك، تقديم أوكرانيا لائحة بأنواع مختلفة من الأسلحة، طلبتها تحديدًا من الولايات المتحدة وحلفائها (بحسب دبلوماسي غربي مطلع على طلبات أوكرانيا التسليحية)، وقد تضمنت الآتي: المزيد من أنظمة الدفاع الجوي المحمولة من طراز Stingers و Starstreak، صواريخ من طراز Javelins وغيرها من الأسلحة المضادة للدبابات، أنظمة دفاع جوي ـ أرضي متنقلة، طائرات بدون طيار مسلحة، إضافة الى صواريخ مضادة للسفن طويلة المدى، وقدرات للحرب الإلكترونية “الجاهزة”، ومعدات تشويش على الاتصالات، وأنظمة ملاحة عبر الأقمار الصناعية.
ماذا عن الاستجابة الأميركية لهذه اللائحة؟
وفقًا للنائب الجمهوري عن ولاية تكساس مايك ماكول فإن واشنطن سترسل 100 طائرة بدون طيار من طراز Switchblade إلى أوكرانيا، كجزء من حزمة الأسلحة الجديدة لإدارة بايدن والتي تبلغ 800 مليون دولار.
وتشمل المساعدات الأميركية أيضًا، حوالي 800 نظام “ستينغر” المضاد للطائرات، و 2000 سلاح مضاد للدروع، و1000 قطعة سلاح خفيف مضاد للدروع، و 6000 سلاح مضاد للدروع من طراز “AT-4 أنظمة” وهي بندقية خفيفة الوزن عديمة الارتداد تستخدمها بالفعل قوات العمليات الخاصة الأمريكية.
وتعقيبا على ذلك قال الرئيس الاميركي جو بايدن “إن الولايات المتحدة وحلفاءنا وشركاءنا ملتزمون تمامًا بزيادة أسلحة المساعدة للأوكرانيين”، مشيرا الى انه “سيأتي المزيد، بينما نصدر مخزونًا إضافيًا من المعدات التي نحن على استعداد لنقلها”.
ماذا عن مميزات طائرات Switchblade؟ وما هي مخاطرها على الجيش الروسي؟
إن إدراج الطائرات بدون طيار “التكتيكية” ـــ ضمن لائحة مساعدات الادارة الاميركية لواشنطن ـــ التي تصطدم بأهدافها الروسية المفترضة كالمركبات والاليات وحتى التجمعات البشرية، يشكل مرحلة جديدة من الأسلحة الاميركية المرسلة إلى أوكرانيا، والتي اقتصرت بمعظمها في الماضي على أسلحة مضادة للدبابات والطائرات.
من الناحية التقنية، فإن Switchblade عبارة عن طائرة صغيرة الحجم وخفيفة الوزن، بحيث يمكنها التسكع في الأجواء لمدة تصل إلى 30 دقيقة قبل أن يتم توجيهها إلى هدفها على بعد عشرات الأميال من قبل مشغل بشري على الأرض. المثير انه يتم إطلاق الطائرة بدون طيار من أنبوب، مثل قذيفة هاون. علاوة على ذلك، يسمح توجيه نظام GPS للطائرة بالتحليق حتى لحظة ارتطامها وانفجارها بهدفها.
في الواقع تم إرسال هذا السلاح لأول مرة الى أفغانستان من قبل قوات العمليات الخاصة الأمريكية، ولكن سرعان ما تم تزويد الجيش الاميركي ومشاة البحرية به، بعدما خبروا ورأوا قيمته العسكرية، كونه يمكن أن يساعد في إحباط الكمائن أو تدمير المركبات.
ماذا عن المساعدات المتعلقة بأنظمة الدفاع الجوي لأوكرانيا؟
عمليًا، تستنفر الولايات المتحدة جميع جهودها الدبلوماسية لحشد المزيد من المساعدة العسكرية لأوكرانيا. ولهذا الغاية تدفع حلفاءها في أوروبا الشرقية لارسال أنظمة دفاع جوي جديدة إلى أوكرانيا لا تمتلكها الولايات المتحدة. تتصدر القائمة أنظمة الصواريخ المتنقلة روسية الصنع مثل SA-8، وS-300. الجدير بالذكر أن أوكرانيا تمتلك أيضًا صواريخ من طراز SA-8s، وهي عبارة عن نظام دفاع جوي قصير المدى لا يزال في مستودعات رومانيا وبلغاريا وبولندا.
أما النقطة الأكثر أهمية في كل ما تقدم، فهي أن الولايات المتحدة تعمل حاليًا مع حلفائها على ارسال المزيد من أنظمة صواريخ أرض ــ جو S-300 إلى أوكرانيا. ورغم أن كييف تمتلك هذا النوع من السلاح منذ سنوات، لكن على الجيش الاوكراني أن يجري تدريبًا خفيفًا على كيفية تشغيل معدات الدفاع الجوي الأخرى، لاستهداف الطائرات من الحقبة السوفياتية. وفي هذا السياق ذكرت شبكة CNN الاميركية، أن سلوفاكيا وافقت مبدئيًا على نقل S-300s إلى أوكرانيا.
واستكمالًا لهذه الجهود الأميركية أعلاه، لن تشمل رحلة وزير الحرب الأميركي لويد أوستن إلى أوروبا هذا الأسبوع مقر “الناتو” في بروكسل فحسب، بل سيتوقف أيضًا في بلغاريا وسلوفاكيا ـ البلدان التي تمتلك صواريخ S-300s و SA-8s ـ قبل العودة إلى واشنطن العاصمة.
في المحصلة، تنطوي هذه الخطوة الاميركية على مخاطر جمة. فمن منظور عسكري، وبعيدا عن النقاش حول جدوى أو فاعلية المساعدات العسكرية لأوكرانيا من عدمها أو مدى تاثيرها على سير العمليات الحربية (حيث تختلف التأويلات والتحليلات حول هذا الامر)، فهكذا نقلة نوعية على المستوى التسليحي لأوكرانيا، ستتخطى تداعياتها ساحة المعركة، وربما تؤدي الى احتاك مباشر بين موسكو و”الناتو” الذي تتزعمه واشنطن (في حال استهدف الكرملين هذه الامدادت العسكرية الاميركية، وهو أمر مرجّح)، وبالتالي قد تتدحرج الأمور بسرعة، وتتسبب باشعال حرب كبرى بين الطرفين لا أحد سيعرف حينها، أين أو كيف ستنتهي.