#نيويورك_تايمز: هكذا تبدو #السعودية تحت حكم #الإسلام #الوهابي
فجر أحد رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية مفاجأة كبيرة من نوعها، حين أكد أنه ما من داعٍ لإغلاق المحلات والمتاجر في وقت الصلاة.
وكانت المفاجأة الأكبر، أن أحمد بن قاسم الغامدي لم يكن مع منع النساء من القيادة مشيراً إلى أن النساء كن يمتطين الجمال في عصر النبي، ما هو أكثر إثارةً برأيه من صورة نساء محجبات يقدن سيارات رباعية الدفع.
ووصل الأمر به إلى قوله إن تغطية النساء لوجوههن ليس فريضة بل خياراً، وبرهن مدى التزامه بهذا المعتقد عندما ظهر على شاشات التلفزيون مع زوجته جواهر التي ابتسمت للكاميرا ووجهها مكشوف ومزين بالماكياج.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز فقد كانت تلك اللحظة أشبه بانفجار يدوي وسط المؤسسات الدينية السعودية ويهدد النظام العام الذي يضمن وجاهة الشيوخ ويعينهم حكاماً في الحق والباطل في ما يخص كافة جوانب الحياة. كان انفجاراً يهدد سلطة الشيوخ وقبضتهم.
لكن سرعان ما بدأت العواقب تظهر مع رفض زملاء الغامدي أن يتكلموا معه وتلقيه مكالمات مليئة بالغضب وتهديدات بالقتل على حسابه على موقع تويتر، بالإضافة إلى استنكار بعض الشيوخ البارزين لأقواله مدعين أنه ليس إلا مبتدئاً جاهلاً في الفقه تجدر معاقبته ومحاكمته وحتى تعذيبه.
وبكافة الأحوال فإن السعوديون يواجهون تحدٍ في محاولة تحديد ما هو مسموح وحلال وما هو حرام، فيلجؤون بالتالي إلى العلماء الذين يصدرون الفتاوى، وهي عبارة عن أحكام دينية غير ملزمة.
فعلى سبيل المثال، دعا أحد رجال الدين إلى قتل شخصية ميكي ماوس وحاول من ثم التراجع عن كلامه، بينما أصدر شيخ آخر توضيحاً يقول إنه لم يمنع في الواقع صفرة البوفيه المفتوح. وسُئل هذا الأخير عن التقاط بعض الأشخاص لصور لأنفسهم مع قطط فأجاب إن المشكلة لا تكمن في وجود القطط إنما في التقاط الصور نفسها.
أما بعض الفتاوى، فيعطي المتطرفين مبرراً دينياً لأعمالهم، كالفتوى التي تقول: “من أبى أن يسلك طريق الاستقامة نزل به ما يكره من قتل أو استرقاق؛ إقامةً للعدل، وتحقيقاً للأمن والسلام، ومحافظةً على النفوس والأعراض والأموال”، وهي فتوى لا تزال متوفرة باللغتين العربية والإنكليزية على موقع حكومي.
وتضيف الفتوى: “فالاسترقاق في حكم الإسلام كأنه مطهرة أو سون حمام يدخله من استرقوا من باب ليغسلوا ما بهم من أوساخ، ثم يخرجوا من باب آخر في نقاء وطهارة وسلامة من الآفات.”
وما من إشارات واضحة في خلفية الغامدي تدل على أنه قد يصبح مصلحاً دينياً. فخلال دراسته الجامعية، استقال من منصبه في مكتب الجمارك في ميناء جدة لأن شيخاً قال له إن جمع الرسوم حرام.
وبعد تخرجه من الجامعة درس الدين في وقت فراغه واستلم إدارة الحسابات الأجنبية لصالح مكتب حكومي، وهي وظيفة تطلبت منه السفر إلى بلاد غير إسلامية.
وقال في هذا الصدد: “كان العلماء يفتون في ذلك الوقت أن لا يجوز السفر الى بلاد الكفار إلا بالضرورة”.
استقال من وظيفته، ودرس بعد ذلك علوم الاقتصاد في مدرسة تقنية في السعودية لكنه لم يوافق على تعليم الطلاب عن الرأسمالية والاشتراكية فقط فأضاف مواد حول التمويل الإسلامي. لكن الطلاب اشتكوا من العمل الإضافي فاستقال من تلك الوظيفة أيضاً.
وفي النهاية وجد وظيفة تتناسب مع معتقداته الدينية كعضو في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جدة.
تم نقله في السنوات التالية إلى مكة واستلم عدة مناصب داخل الهيئة، كما أنه عمل على عدة قضايا منها قضايا دعارة وشعوذة، علماً أن العقاب على الشعوذة لمن تحكم عليه المحكمة بالذنب هو قطع الرأس أحياناً.
لكنه بدأ يشعر ببعض التحفظات حول كيفية عمل الهيئة، إذ رأى أن اندفاع زملائه كان يقودهم أحياناً إلى المغالاة في التصرف واقتحام بيوت الناس أو إهانة المحتجزين.
وأعطى مثلاً فقال: “أنسان مثل شرب الخمر”… “هذا لا يمثل عداوة للدين لكن تكون عندهم مبالغة عاطفية في التعامل مع الناس”.
وشكك العديد منهم بمؤهلاته الدينية قائلين إنه ليس شيخاً بالفعل، علماً أنه اتهام مشبوه به إذ ما من مؤهلات قياسية ليصبح المرء شيخاً. واستهدفوا سيرته الذاتية متحججين أنه لا يملك شهادة في الدين وأنه حاز شهادة الدكتوراه من جامعة “آمباسادور يونيفرسيتي كوربيراشن”، أي مؤسسة هدفها الوحيد منح الشهادات بالاستناد إلى خبرة العمل “في الشرق الأوسط”، وهو أمر صحيح.
وبالرغم من أن الهجوم الذي واجهه السيد الغامدي من رجال الدين كان مدوياً، سبب له رد فعل المجتمع ألماً أكبر بعد حيث أصدرت قبيلته بياناً تتبرأ منه فيه وتصفه بأنه “مضطرب ومحتار”.
وكان يتلقى اتصالات على هاتفه النقال نهاراً وليلاً من أناس يصرخون عليه، حتى أنه وجد عند عودته إلى المنزل يوماً رسومات على حائط منزله. وطرقت مجموعة من الرجال بابه يوماً مطالبين أن “يختلطوا” بنساء المنزل فاتصل أبناؤه (ولديه تسعة أولاد) بالشرطة.
المصدر: وطن يغرد