نواب الأمة.. بالنظام
موقع إنباء الإخباري –
علي الرضا بدرالدين:
مسرحية هي أصبحت جلسات الثقة في مجلس النواب، تضحكنا تارة وتبكينا أخرى. فعلى وقع التهديد الأمني والإرهابي الذي يشهده لبنان، والصراعات والنزاعات التي كانت تحدث خارج المجلس أثناء الجلسة، ترى نواب لبنان يتشاجرون، يتضاحكون سخرية وكأن لا شيء يحدث والبلد في أمان وبمنأى عن الخطر، يتدافعون للرد على بعضهم، والبعض يعمل على تخوين الآخر. أصواتهم تعلو.. لكن بالنظام.
مناوشات كلامية غطت كالعادة جلسات الثقة، الثقة لحكومة تمام سلام، وما أحلاه أن تحجب الثقة عنها بعد 11 شهراً من المشاورات النيابية والإقليمية والدولية والتنازلات السياسية من بعض الأفرقاء السياسيين لتكوين الحكومة ووضع البيان الوزاري، وخاصة أن تشكيل هذه الحكومة له دور أساسي، وهو تأمين الإستحقاق الرئاسي والعمل على مواجهة الخطر المحدق بلبنان ومحاولة منعه من الإنزلاق بمستنقع الأزمات المحيطة به.
الحكومة نالت الثقة بـ 96 صوتاً من أصل 101 نائباً حضروا الجلسة، مقابل رفض 4 وامتناع نائب واحد. لكن من يسمع خطب بعض النواب يرى أن هذه الحكومة لن تنال الثقة ولن ترى النور بل ستعود أدراجها، وأنه لم يكن هناك أي توافق على هذه الحكومة أو تشكيلتها أو حتى في صياغة بيانها، وكأنهم أجبروا على السير بها، إلا أنهم أعطوها الثقة كاملة.
خطب لم تتغير، فالكلام داخل المجلس نفسه خارج المجلس، يتكرر بطريقة عمياء من قبل بعض الأشخاص، سمفونية موحدة ونغمات تعزف على وتيرة الخطب التحريضية والجميع يرقص على وقعها. فتيار المستقبل لم يملّ من تكرار خطبه التحريضية ومناكفاته الدائمة فهو لا يترك مناسبة إلا ويستغلها للدفع نحو مواجهة حزب الله والتحريض عليه تحت حجج متعددة، ولا يمر يوم إلا وينشر صدى صوته العليل في الإذاعات والقنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية والصحف حول مظلوميته وإستضعافه من قبل حزب الله، فغدا اليوم تيار المستقبل مستضعفاً، مظلوماً، ذليلاً، منتهكة حقوقه.
وجلسة الثقة كانت إحدى المناسبات المهمة لإعادة بث المرادفات والتعابير ذاتها، وعمل التيار في هذه الجلسة على زيادة حدة المواجهة والتقاطع بينه وبين حزب الله من دون العمل على بلورة التوجهات المشتركة وعلى تقارب وجهات النظر ومحاولة حل الخلافات في وقت يحتاج فيها البلد إلى ذلك وإلى حس وطني من قبلهم.
وتغيب التعابير الوطنية من على ألسنتهم، ويبقى الشعب اللبناني أسير خطبهم البعيدة عن تطلعاته وعن رؤاه حول مستقبل لبنان السياسي والإقتصادي والإجتماعي، ولعله يأتي يوم نجد فيه هذا الفريق ينحاز نحو الوطنية ويبدل خطاباته ويصبح حزباً لبنانياً يعمل على بناء تطلعات الشعب أكثر من العمل على افتعال الخلافات والأزمات.