نفوذ المنطقة… ماذا يحيك #الروس؟
عباس ضاهر – موقع النشرة الإخباري
لا تغيب التفاصيل السورية عن اهتمامات المواطنين الروس. وسائل إعلامهم تتعاطى مع الأزمة السورية وتدخل قواتهم العسكرية كأولوية تفوق اهتمام تفاصيل داخلية في كثير من الأحيان. هم يعرفون “حميميم” ويتحدثون عن حصار الجيش السوري لمسلحي شرق حلب. يفتخرون في جلساتهم بنجاح قواتهم الجوية في استهداف مراكز وقوات “داعش” قرب تدمر. يقولون انها مهمة إنسانية تقوم بها روسيا الاتحادية. يدعمون خطوات رئيسهم فلاديمير بوتين الذي ارتفع رصيده الشعبي بعد قرار خوض الحرب ضد الارهاب في سوريا.
في موسكو ورشة تطوير البنى التحتية قائمة في اغلب شوارع العاصمة الروسية، تسبب زحمة سير خانقة. الهدف تشجيع المواطنين على استخدام وسائل النقل العام، بعدما كثرت اعداد السيارات في الآونة الاخيرة. في الطريق يحرص الروس على الاستماع الى اخر اخبار حلب. صاروا يعرفون “الكاستيلو” و “الليرمون”. المهم عندهم التخلص من المسلحين في تلك البقعة. ينظرون الى تركيا. وسائل إعلامهم تضج بأي خبر تركي يمكن ان يشكل اعادة تموضع تركية إزاء سوريا. ينتظرون ترجمة للانفتاح المتبادل الروسي – التركي بعد أزمة إسقاط الطائرة العام الماضي. مستعدون للذهاب الى تركيا في جولة سياحية، لكن الحذر موجود. كانوا يترددون الى مصر سابقاً، لكن جملة معطيات سياسية سابقة وهواجس أمنية بعد حادثة سقوط الطائرة تضعهم في موقع المتردد.
ماذا عن لبنان؟ هو بلد سياحي، لماذا لا تذهبون اليه؟ نتحدث هنا عن ميزات لبنان السياحية والثقافية. ربما يحتاج لبنان الى خطة إعلامية تسويقية دائمة لإبراز موقعه السياحي وطبيعته. لكن السياح سيترددون بالذهاب الى لبنان، حين يعرفون ان بلدا عاجز عن انتخاب رئيس للجمهورية، ما يعني فشله وعدم استقراره.
في موسكو تسمع من الاعلاميين الروس الحديث عن أهمية دور وزارة الخارجية الروسية. يقولون إن وزارة خارجيتهم ناجحة جداً في مواكبة أدق التفاصيل الدولية. هي توزع المهام والأدوار. لا يختصر وزير أحداً، ولا يلغي مسؤول فيها موظفاً آخر. الخارجية الروسية خلية نحل تعمل من دون تعب. تقارير متواصلة على مدار الساعة. لا يترك الروس تفصيلا دولياً من دون رصده ومتابعته. حتى بات جزء أساسي من أسباب النجاح السياسي الروسي يكمن بطريقة عمل وزارة الخارجية. مستشارون فاعلون لكل منصب ومسؤول. متابعة للإعلام الخارجي بشكل دقيق ومفصّل، وتوجيه للإعلام الروسي الذي يحاكى الخارج باللغات الانكليزية والإسبانية والعربية.
ترصد في كلام السياسيين الروس المتابعين إصراراً على المضي في الملف السوري حتى النهاية. يقارب أحدهم العلاقات مع باقي الدول في الشرق الاوسط على اساس الموقف من سوريا. العلاقة مع تركيا ستتطور تبعاً لترجمة المتغيرات التركية إزاء الازمة السورية. هم يتوقعون من تركيا ترجمة أقوالها بإقفال الحدود تدريجيا امام المسلحين القادمين الى سوريا. لا يستبعدون تواصلا تركياً- سورياً يبدأ عسكرياً بين الجيشين ويتوسع الى أمور أمنية وسياسية برعاية روسية.
يعتبر السياسي نفسه ان لتركيا مصلحة بالتحول السياسي. لا خيار آخر عندها. ماذا ستفعل بعد فشل الخطط التي واكبت الازمة السورية طيلة السنوات الماضية؟ هل تتفرج على توسع نفوذ الكرد؟
حين نسأل السياسي الروسي: هل ستخففون من دعمكم للأكراد في شمال سوريا؟ يرد بدبلوماسية: روسيا صديقة الجميع. يهمها الان نجاح التواصل التركي وضمان حقوق القوى السياسية الديمقراطية بعيدا عن العنف.
هل نفهم انها مقدمة للتخلي عن الأكراد؟ الجواب: لا بالطبع. دورنا ايجاد تسوية لا تلغي أحداً. بالطبع الاتراك لا يريدون اقليما كردياً في سوريا. وكذلك دمشق تسعى للمحافظة على وحدة أراضيها ودور حكومتها المركزية.
نستنتج أن التواصل التركي – الروسي سيهز الحلم الكردي، خصوصا ان عشائر عربية أوصلت رسائل الى الروس انها تخشى من التمدد الكردي على حساب أراضيها في شمال سوريا. هذا ما يؤخر إنجاز تحرير منبج من “داعش” لعدم اطمئنان عشائر العرب في ريف حلب للأكراد.
نفهم من الكلام الروسي أيضاً ان موسكو تفضّل التفاهم مع الدول العربية. هل يكون ذلك على حساب ايران؟ لا ابداً. لكن موسكو تسعى لحل إقليمي يعطي للسعوديين دورا في اليمن، مقابل الدور الإيراني في العراق والدور الروسي في سوريا. هل يُعتبر هذا توزيعاً للنفوذ؟ مسار مشاريع الحلول المطروحة يشير الى ذلك.
هنا يتباهى الروس انهم أصدقاء مصر، وحلفاء سوريا، ويتحالفون او ينسّقون بالمفرق مع ايران وتركيا وإسرائيل والأردن، ويتواصلون مع السعودية، ويتابعون الخطى الدولية مع الصين، ويحتاج اليهم الأميركيون والأوروبيون بعد كسر أحادية القرار الدولي. في موسكو يتردد الحديث عن وجوب بت موضوع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لكن كيف؟ لا جواب حتى الآن. بإنتظار ما سينتج عن تحرك وزير الخارجية البريطاني السابق طوني بلير. هي مرحلة جس النبض لدى الطرفين.