نصر الله ومعادلة الردع الشامل
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
حمل خطاب السيد حسن نصرالله رسالة إستراتيجية و إعلانا عن قرار اتخذه حلف دولي إقليمي كبير بمنع استفراد سوريا عبر ترجمة التهديدات الأميركية الغربية و الإسرائيلية و الخليجية التركية بعدوان عسكري شامل لاستكمال خطة تدمير القوة السورية التي فشلت حتى اليوم بفضل صمود الشعب و الجيش و القيادة في هذا البلد المحوري .
أولا “إنّ لسوريا في المنطقة والعالم أصدقاء حقيقيين لن يسمحوا لسوريا أن تسقط في يد أمريكا أو في يد إسرائيل أو يد الجماعات التكفيرية، لن يسمحوا، كيف؟ هذا تفصيله وتفسيره يأتي لاحقاً، وأنا عندما أقول هذا أقوله من موقع المعلومات والمتابعة التفصيلية وليس من موقع التكهن والتحليل والأماني”
هذا القرار الذي أعلنه السيد نصرالله جاء باسم حلفاء سوريا في المنطقة و العالم مؤكدا أنهم سيمنعون إسقاط سوريا بيد أميركا و إسرائيل و قوى التكفير و الإرهاب و بالتالي فهو أشهر عزم هؤلاء الحلفاء على التصدي لأي عدوان يستهدف سوريا و هذا يشمل إيران و المقاومة اللبنانية و روسيا في حده الأدنى و قد يتسع نطاقه ليشمل كامل مجموعة البريكس و العراق و سائر القوى الوطنية و التحررية في البلاد العربية و من اللافت جدا تأكيد السيد نصرالله أن ذلك الإعلان هو حصيلة معلومات و وقائع و متابعة دقيقة و مباشرة للتطورات و المواقف.
طبعا يأتي هذا القرار بعد عامين على صمود سوريا في مقاومتها لحرب عالمية بالواسطة شاركت فيها الدول و الحكومات المنخرطة في حلف العدوان و هي تشمل بكل وضوح الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا و سائر الحكومات الأعضاء في حلف الناتو و حكومات الخليج و تركيا و إسرائيل ذات الدور القيادي في التخطيط و التنفيذ لمحاولة تدمير القوة السورية بوصفها محور منظومة المقاومة و قلبه .
ثانيا لجأت الإستراتيجية الاستعمارية لخطط الحرب غير المباشرة ضد سوريا انطلاقا من حساب توازن القوى و تحسبا لقوة الردع التي تمتلكها سوريا بقدراتها الذاتية و لفعل تحالفها مع إيران و المقاومة اللبنانية و ما حملته التطورات و المواقف منذ اللقاء الشهير الذي جمع في دمشق كلا من الرئيس الإيراني و قائد المقاومة السيد نصرالله حيث بات محسوما في مراكز التخطيط الغربي أن أي اشتباك مع احد أطراف هذا الحلف سوف يشعل جميع الجبهات في المنطقة دفعة واحدة و هو أمر نبه إليه هنري كيسنجر في مقالة له نشرها مع بداية الأحداث في سوريا .
في لحظة انعطاف حاسمة بنتيجة فشل الحرب على سوريا نتيجة صمود الدولة الوطنية و الشعب و الجيش و في ظل ترسخ زعامة الرئيس بشار الأسد و تمكنه من احتواء العديد من فصول العدوان و صد الهجوم السافر على بلاده باتت الإدارة الأميركية التي تقود العدوان أمام واحد من ثلاثة خيارات :
– الإقرار بالفشل و قبول النتائج التي يرتبها ذلك على المصالح الأميركية و الغربية و أساسا على إسرائيل و الحكومات العربية التابعة للغرب.
– اختبار القدرة على الانتقال إلى خطة الغزو العسكري لسوريا بواسطة الجيش الإسرائيلي و قوات الناتو و بالتالي استخدام الكماشة التركية الإسرائيلية و الخاصرة الأردنية في تنفيذ مخطط كبير لتدمير سوريا و فرض أمر واقع جديد في المنطقة .
– استكمال العدوان بصورته الراهنة و إدامته لأطول فترة ممكنة عبر الاستنزاف المتواصل و هذا ما ينطوي على المغامرة باندلاع الحرب الكبرى في أي توقيت .
ثالثا إن قرار حلفاء سوريا الذي أعلنه السيد نصرالله يشمل الاستعداد للدخول في المواجهة بصيغتها الحاضرة لوقف العدوان و لمساعدة الدولة السورية في تسريع الحسم ، و هذا هو معنى تأكيد السيد نصرالله أن العنف يجب أن يتوقف و أن يطلق الحل السياسي ، و الجهوزية التامة لصد غزو عسكري أجنبي أيا كانت الجهة المنفذة و هذا أمر سيحتم ظهور نتائج مباشرة في المدى المنظور و هي المرة الأولى التي ينتقل فيها حلفاء سوريا و أصدقاؤها و شركاؤها الإستراتيجيون إلى مواجهة التدخلات المتزايدة منذ عامين بالعزم على المشاركة مباشرة في التصدي للعدوان على سوريا فالعالم كله يعرف أن جميع مروجي الأكاذيب عن مشاركة قوات إيرانية أو روسية أو مجموعات من حزب الله في القتال لم يستطيعوا أن يعرضوا دليلا واحدا يدعم ادعاءاتهم بينما كانت قيادة حزب الله هي المبادرة للتصريح عن دور لمحازبين في تقديم المساندة للبنانيين الذين يقطنون في منطقة ريف القصير و شكلوا لجان شعبية للدفاع عن قراهم التي ساهمت في استهدافها مجموعات لبنانية إلى جانب عصابات الإرهاب و التمرد السورية و الفصائل الإرهابية متعددة الجنسيات .
إذا كان الخيار الأميركي الإسرائيلي شن حرب كبرى على سوريا بمشاركة الدول المعتدية على سوريا بشتى الوسائل من عامين فعلى المخططين أن يحسبوا كلفة المجابهة مع جيوش و أساطيل روسيا و إيران و مع المقاومة اللبنانية و ما يحمله مثل هذا الصدام من نتائج ستفوق ما تنبأ به كيسنجر و غيره من الخبراء الأميركيين و حيث سيكون وجود إسرائيل على المحك و في حالة اعتماد خيار الاستنزاف فغن انخراط حلفاء سوريا في الدعم و المساندة سينعكس أيضا على توازن القوى و سيؤدي لقلب المعادلة كليا لجهة تسريع عمليات تصفية العصابات الإرهابية متعددة الجنسيات .