نصرالله و كشف الحساب
أخبار ال أخبار الشرق الجديد:ـ
غالب قنديل
شكل خطاب السيد حسن نصرالله امين عام حزب الله كشف حساب شامل مع زعيم حزب المستقبل سعد الحريري و للتذكير لا بد من القول ان حزب الله يثابر على موقعه الدفاعي فهو يقوم بالرد على حملات هجومية سياسية و إعلامية دامت شهورا و خرجت بمفرداتها عن آداب التخاطب و اتسمت بلهجة استفزازية و تحريضية قابلها الحزب بما يشبه الصمت الشامل لجميع نوابه و متحدثيه ، و بالتكامل مع نجاح الحزب و حركة امل قيادة و جمهورا في ضبط النفس و إفشال محاولات محمومة و متكررة لإشعال الفتنة الجوالة بين المناطق اللبنانية بقيادة ميليشيات المستقبل المسلحة و تحت رعايتها. أولا حافظ السيد نصرالله كالعادة على لغته المهذبة و البعيدة عن التجريح الشخصي و تناول المواضيع السياسية في الخلاف مع المستقبل و عرض الوقائع و البراهين في الرد على الحملات و بدا متألقا جدليا في تفنيد المنطق الذي استعمله المستقبل في هجومه التحريضي على المقاومة . كشف السيد نصرالله التناقض الرئيسي في منطق الحريري و المستقبل و سائر خصوم المقاومة في محاكمة سلوك الحزب السياسي فالحريري يقول من جهة إن الحزب يرشو حلفاءه في الحكومة و يقدم لهم التنازلات السياسية ليحافظ على سلاح المقاومة و من جهة ثانية يقول إن الحزب يستعمل هذا السلاح للظفر بالسلطة و بذلك فهو من جهة يقول بذلك إن الحزب يريد السلطة و لا يريدها . هذه اللقطة المنهجية التي بسطها السيد نصرالله بدت مفحمة لمن يقرأ و يفهم فمن يريد السلطة لا يتبرع بمكاسبها للشركاء كما يزعم الحريري الذي زل لسانه بالكلام عن الرشاوى السياسية متناسيا أنه حصد مع حزبه و حلفائه ثمار التحالف الرباعي و حكم البلد مع معاونه اللدود فؤاد السنيورة الذي كشف الصحافي مصطفى ناصر درجة تعاليه على الشيخ سعد و عدم التزامه بقراراته في استرجاع تعليق السنيورة على اتفاق الرياض الذي مزقه بيده وقال معلقا حسب شهادة مصطفى ناصر : “بي بي سعد الحريري ما بيمشيه “.
ثانيا أبرز السيد نصرالله التفوق الأخلاقي لسلوك حزب الله في الواقع السياسي اللبناني من خلال الموقف المتضامن مع الحليف المسيحي و بتأكيده على قرار التصويت إلى جانب المشروع الأرثوذكسي لتحرير التمثيل النيابي من الشكوك و من الغبن و الإشارة بذاتها تستحضر المقارنة مع موقف قيادة المستقبل و زعيمه الذي ذهب في اتجاه سبب الحرج لشركائه حزبي الكتائب و القوات اللبنانية الذين وجدوا انفسهم مكرهين على اتباع خطى العماد ميشال عون في موضوع قانون الانتخاب ، و بالسوية ذاتها كان عرض السيد نصرالله لحقيقة قرار الرئيس نبيه بري التخلي عن مقعد وزاري لإتاحة مشاركة الوزير فيصل كرامي في الحكومة و هو موقف وطني مهم و مسؤول في زمن التوتر المذهبي و رسالة ثقة و شراكة إلى تيار وطني كبير في الطائفة السنية يسعى الحريري لتغييبه و حذفه بالاستئثار السياسي و مجددا في مقاومته لاعتماد النسبية في قانون الانتخاب .
ثالثا جاء تأكيد السيد نصرالله على اولوية المقاومة في حسابات و تفكير حزب الله و خياراته على الصعيد الوطني مدعما بوقائع قوية و ثابتة عن مسار العلاقة مع المستقبل و زعيمه بما في ذلك من استرجاع للتفاهم الذي سبق ان جرى مع الرئيس الراحل رفيق الحريري و كانت ركيزته حماية المقاومة و ما تلاه السيد نصرالله مجددا من بنود ورقة اوغلو – حمد بن جاسم الشهيرة و قد أرجع السيد رفض عروض الحريري حول المحكمة و المقاومة و سلاحها المدعومة دوليا و إقليميا و التي كان مقررا تتويجها بمؤتمر في باريس إلى تمسك الحزب بمبادئه و بنظرته لمستقبل لبنان و رفضه لمنطق الصفقات و هذا ما يذكره اللبنانيون جيدا عن تلك الفترة و سجالاتها السياسية لكن ما أورده السيد نصرالله عن طبيعة اداء الحريري و تجربته في الحكم بدا في مقدمة الاعتبارات هذه المرة و فيه تنويه بقرار حول رئاسة حكومة ما بعد الانتخابات و قد عدد نقاطا في هذا المجال باتت موضع شكوى رعاة الحريري في المملكة السعودية و الولايات المتحدة و فرنسا و بريطانيا و يفسر بها مسؤولون من هذه الدول دعم حكوماتهم للرئيس ميقاتي و حكومته و خروجهم الواضح عن الحصرية الحريرية التي حكمت علاقتهم بلبنان منذ العام 1992 خصوصا بالنسبة للمملكة السعودية التي وجهت رسالة قوية باستقبال ميقاتي و بالحرص على العلاقة بالمفتي قباني !