نريد دولة وطنية لا دويلات طائفية…
جريدة البناء اللبنانية-
د. عدنان نجيب الدين:
عندما تستمع إلى بعض رجال السياسة في لبنان ممن أداروا البلد على مدى العقود الماضية، ثم أخذوه إلى الانهيار الاقتصادي والإفلاس المالي، تسمعهم ينظرون علينا بمحاربة الفساد، والوطنية، وضرورة الخروج من النفق المظلم الذي صنعوه لنا بأيديهم التي اتسخت بفسادهم وسمسراتهم وصفقاتهم…
أنت ترى مناظرهم وهم يحاضرون في علوم السياسة والاقتصاد وكأنهم جهابذة عصرهم، ثم يلقون علينا دروساً في الوطنية وسيادة الدولة واستقلاها، وكأنهم بنوا دولة بالأساس، أو تسمعهم يعطوننا دروساً في الحفاظ على مؤسسات الدولة ودعم الجيش للدفاع عنها، ونحن لم نرهم يوماً جابوا أصقاع الأرض بحثاً عن أيّ سلاح رادع يزوّدون به جيشنا الوطني المقدام المعروف بكفاءاته وشجاعته وبطولاته الرائعة كي يتمكن من حماية أرضنا وسمائنا وبحرنا وثرواتنا الطبيعية، أو كأنهم هم من حموا لبنان بفسادهم او بخطاباتهم الرنانة، أو هم من وقفوا في وجه العدوّين «الإسرائيلي» والتكفيري يقدّمون التضحيات، فيما هم لم يحملوا يوماً بندقية في وجه هذين العدوّين الخطرين على لبنان، ولم نرهم قدّموا أبناءهم شهداء لا على حدود الوطن ولا من أجل تحريره من الاحتلال «الإسرائيلي» أو الخطر الداعشي .
والأنكى من ذلك كله انهم يلقون بالمسؤولية على المقاومة التي حرّرت الأرض في العام ٢٠٠٠ وصدّت العدوان «الإسرائيلي» عام ٢٠٠٦ وردعته بحيث لم يعد يتجرأ على شنّ أيّ عدوان على لبنان منذ ذلك التاريخ، ثم يحمّلونها مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي وتعثر النظام الطائفي ليبرروا فسادهم وفشلهم في إدارة البلاد …ولنا الحق أن نسأل ما هي إنجازاتهم على مدى العقود الماضية من السنوات التي حكموا فيها البلاد والعباد…؟
كلّ ما فعلوه هو أنهم سرقوا الدولة وسرقوا الشعب اللبناني وخرّبوا الاقتصاد وأفلسوا المالية العامة وهرّبوا الأموال التي سرقوها إلى الخارج .
والأخطر من ذلك أنهم بثوا المذهبية والطائفية بين أبناء الشعب الواحد، وعمّقوا الشرخ بين فئاته لكي يحفظوا رؤوسهم ويوهموا الشعب أنهم هم من يحفظ حقوق الطوائف، بينما كانوا هم من سرق حقوق الطوائف وأفقروها وأذلوها بلا حسّ أخلاقي أو إنساني. والأخطر من كلّ ذلك انهم ربطوا لقمة عيش المواطن بالزعامات الطائفية وكأنهم يفصلونه عن الدولة، فألغوا المواطنة والوطنية ليكرّسوا دولهم الطائفية على حساب الدولة والوطن.
نعم لدولة المواطنة نعم للدولة الوطنية…