#نتنياهو يُصغي فقط لـ #نصر_الله
محمود زيات – صحيفة الديار
مع كل صباح يطلع… وليل يحل، يكبر خوف المستوطنين الاسرائيليين المقيمين عند تخوم قرى وبلدات جنوب لبنان، الواقعة في محاذاة خط الحدود مع فلسطين المحتلة، والمستوطنون الاسرائيليون، وهم يُطلُّون من علب الاسمنت الموزعة وسط الحقول الزراعية في مستوطنات المطلة وزرعيت وافيفيم وكفرجلعاد، وعند تخوم نهر الوزاني الملاصق للجولان السوري المحتل من جهة، ولمزارع شبعا اللبنانية المحتلة والقسم الشمالي لبلدة الغجر، تُطالعهم اعلام «حزب الله» وصور امينه العام السيد حسن نصرالله والشهيد عماد مغنية، وعلى مسافات لا تبعد عن هذه المستوطنة او تلك بضع خطوات، ترتفع اعلام لبنانية وفلسطينية.
هو مشهد يومي تتسمر امامه عيون المستوطنين القادمين من كل اصقاع الارض، تكبر به مخاوف من النفوذ المتزايد لـ «حزب الله» ميدانيا على ضفَّتي الجبهة الشمالية في جنوب لبنان والجولان السوري، بعد تعاظم الدور العسكري الذي يؤديه في ساحات الحرب في سوريا، وحضور «ملائكته» بالقرب من التماس العسكري لجبهة الجولان المحتل، فيما قياداتهم السياسية والعسكرية، ما تزال تلملم خيباتها منذ انتهاء العدوان الاسرائيلي على لبنان في آب العام 2006، وهي منشغلة في الاجراءات الميدانية التي تتخذها قرب المستوطنات الواقعة على طول الحدود مع لبنان، وعززتها اكثر في المستوطنات التي تعاني من ثغر امنية نقاط ضعف، تتيح لـ «حزب الله» اختيارها في حال قرر التوغل باتجاه الجليل، لاعتقادها ان هذه الاجراءات الدفاعية ستمنع مقاتلي «حزب الله» من اجتياز الحدود والسيطرة على مستوطنات او مراكز عسكرية.
وذكر موقع «واللا» الصهيوني أن قوات هندسية تابعة للجيش الإسرائيلي في قيادة المنطقة الشمالية بدأت في الأيام الأخيرة بأعمال في منطقة هار دوف بهدف منع عمليات التسلل إلى المستوطنات، ونقل الموقع عن مصادر عسكرية صهيونية قولها ..إنه وفي إطار النشاطات الواسعة على طول الحدود اللبنانية تم حفر قنوات وبناء جدار لمنع عمليات التسلل من المنطقة، وزعم أن الأعمال الهندسية تم تنسيقها مسبقًا مع قوات «اليونيفل» التابعة للأمم المتحدة ومع الجيش اللبناني(!)، بناءً على الإلتزام لجهاز التنسيق الذي يشمل لقاءات مهنية دائمة بين الأطراف.
وفي رأي المصادر الصهيونية، فأن منطقة هاردوف وحرمون الملاصقة لمزارع شبعا تعتبر ذات أهمية كبيرة من وجهة نظر «حزب الله»، وقالت أن الحزب إعتاد الرد عسكريًا على إسرائيل لأنه، ظاهريًا، لا يوجد حاليًا حسم دولي حول أصحاب الأراضي في المزارع، إذا كانت لسوريا أو للبنان، وأين يمر بالتحديد خط الحدود الدولي بينهما، أن هذه الاعمال لتحسين البنية التحتية وتعزيز الحماية.
للمرة الاولى من نشوء الكيان الاسرائيلي على ارض فلسطين، تظهر داخل المجتمع الصهيوني حركات اعتراضية تعبر عن احتجاجات الجمهور الاسرائيلي على العجز الاسرائيلي في تأمين «الامن والهدوء» لمجتمع «معسكر» يغيب عنه اي مظهر من مظاهر المدنية، وبات مشهد خيمىة احتجاج ينصبها مستوطنون على اطراف مستوطنة المطلة، قبالة بلدة كفركلا في جنوب لبنان، مألوفا لدى الاسرائيليين، في وقت ارتفعت اصوات لمحللين اسرائيليين يحذرون من ان يؤدي الانقسام الحاد في الداخل الاسرائيلي الى حرب اهلية.
«حركة تغيير الاتجاه» الصهيونية، التي نظمت التحرك، تعمل في منطقة اصبع الجليل، تعتبر ان رئيس حكومة العدو كذّبت على المستوطنين في الشمال، وتخلت عن جميع وعودها، وهي رفعت لافتة كُتب عليها «نتنياهو لا يُصغي الا الى (امين عام حزب الله السيد حسن) نصرالله، وقال احد المشاركين في التحرك: «إن الوعود بانفاق المليارات اختفت وكأنها غير موجودة، وأن خططًا كاملة بشأن اصبع الجليل سحبت وبقينا مع صفر ميزانيات لتطوير الجليل، وان التخلي عن المزارعين في الجليل مع وعود فارغة، دفعتنا الى التظاهر وكانت هذه البداية، الآن انتقلنا الى خيمة الاحتجاج لأنه اذا كان نتنياهو لا يريدنا، سنتوجه الى نصر الله.. واذا أردنا إثارة انتباه (السيد) نصر الله من أجل إثارة انتباه نتنياهو، لعدم التخلي عن الجليل فاننا سنقوم بذلك، فلا يُعقل عندما يكون الجليل هادئًا وآمنًا أن تتخلى عنه الحكومة وعندما يكون هادرًا وصاخبًا تصل الميزانيات. رسالتنا واضحة جدًا كما يقولون في الدعوة.. «حكومة اسرائيل تتخلى عن الجليل».
كل ذلك يتزامن مع مخاوف الاسرائيليين من هشاشة الجبهة الداخلية الواقعة في العمق الاسرائيلي التي عليها يرتكز عليها جنرالات الحر، ويقول قائد لواء الشمال في الجبهة الداخلية المنتهي ولايته، ان لا مناطق آمنة في اسرائيل في الحرب مع «حزب الله»، متوقعا أن تكون الحرب المقبلة مع حزب الله قاسية جدًا على الجبهة الشمالية وعلى المستوطنين في الداخل.
وقال العقيد عيران مكوف في مقابلة مع موقعNRG الاسرائيلي: في حرب لبنان الثانية (تموز العام 2006 )، كان هناك مفهوم خاطئ لدى السلطات المحلية في الشمال، فهي بقيت تتعامل مع حالة طوارئ في حين أن الجبهة الداخلية ركّزت عملها على الإنقاذ، وهو الأمر الذي أدّى الى إعادة النظر بالأمور وحصلت على دعم مهمّ، وكجزء من الاستعدادات للحرب القادمة يطمح الجيش الاسرائيلي الى منع انسحاب السكان وعمال السلطات المحلية ـ البلديات، وتمكينهم من ممارسة حياة طبيعية خلال إطلاق صفارات الإنذار، كاشفا ان منظومة هذه السلطات وعلى رأسهم بلدية مدينة صفد انهارت خلال حرب لبنان الثانية وهرب كل الموظّفين. اما في الحرب المقبلة، وكعبرة من حرب لبنان الثانية سننشر قوات كبيرة من جنود الجبهة الداخلية يرتدون الزي البرتقالي (الزي العسكري المعتمد للجبهة الداخلية)، في حين ستمتلئ الشوارع بالجنود في حالة الحرب والطوارئ وسيتم عمل الجبهة الداخلية بالتنسيق مع رؤساء السلطات المحلية، وخلال 24 ساعة، ستصدر بين وقت وآخر إرشادات للسكان عبر نشرات الأخبار تتضمّن كيفية التصرف في حالة الحرب.
ويقر الجنرال الاسرائيلي بالتهديد القائم على صعيد خطر الحرب المقبلة مع «حزب الله»، ويقول: على الرغم من القدرات الموجودة لتوقع مكان سقوط الصاروخ وتحديده بدقة عالية، إلاّ أن مناطق الإنذار الكثيرة والبالغة 256 منطقة يبدو أنها لن تصمد في ساعة الاختبار الحقيقي، فبحسب التقديرات والتقارير المنشورة، لدى حزب الله أكثر من مئة ألف صاروخ من مختلف المَدَيات، ما يعني أنه لا توجد منطقة في اسرائيل آمنة من الصواريخ التي ستكون وتيرتها عالية، واذا قرّر أحد ما تشغيل السيارة خلال الحرب والتوجّه لزيارة أحد أقربائه في منطقة الوسط فهذا رائع، لكن اذا كان هناك من يعتقد بأنه سيصل الى حديقة «ساكر» في القدس ومن هناك يتم أخذه الى مكان آمن فهو مخطئ.
ولفت الى أن هذه المقولة لن يتفهّمها مئات الآلاف، من الذين مكثوا 34 يومًا في الملاجئ خلال حرب لبنان الثانية عام 2006 بشكل كامل، والذين طالبوا الدولة بإجلائهم الى مناطق آمنة، اما في الحرب القادمة فيبدو أن كل اسرائيل ستكون تحت تهديد الصواريخ البعيدة المدى الموجودة لدى «حزب الله»، وفي قيادة الجبهة الداخلية يدرك المسؤولون أنه يجب فعل كل ما يمكن من أجل تمكين السكان من البقاء في الملاجئ لفترة أطول ومنحهم الأدوات لمواصلة حياة طبيعية في ظل أيّ تهديد، ويخلص الى الدعوة الى عدم الاستهانة بقوة القدرة النارية الموجودة في لبنان، وقال: هناك مسؤولية ملقاة على عاتق السكان بشأن مسألة الاستعداد، ومن يعتقد بأنه يجب الا ينشغل بمسألة الجهوزية لحالة الطوارئ وانتظار «الدولة» لتهتم بشؤونه فهو يرتكب خطأً كبيرا.