نتنياهو وجبهته العربية ضد ايران
صحيفة القدس العربي من لندن ـ
رأي القدس:
دعوة بنيامين نتنياهو الى انتخابات اسرائيلية برلمانية مبكرة في النصف الاخير من كانون الثاني (يناير) المقبل تعني انه ليس في وارد شن هجوم على ايران اثناء الفترة الانتقالية التي ستستمر حتى هذا التاريخ، ولكنه سيجعل من الملف النووي الايراني الموضوع الابرز في حملته الانتخابية.
نتنياهو بدأ يستخدم الطموحات النووية الايرانية للحديث باسم العرب، والتأكيد على انه حريص على مصالحهم وحماية امنهم الوطني في مواجهة الخطر الايراني، اي انه لا ينطلق في اي هجوم يمكن ان يشنه على ايران من منطلق المصالح الاسرائيلية فقط وانما العربية ايضا. اي ان اسرائيل والدول العربية، والخليجية على وجه الخصوص، باتت جميعا في خندق واحد في مواجهة ايران حسب وجهة نظر نتنياهو.
بالامس شرح نتنياهو وجهة النظر هذه في حديث لمجلة ‘باري ماتش’ الفرنسية عندما قال انه يعتقد بان شعورا بالارتياح سيعم منطقة الشرق الاوسط بعد خمس دقائق من الهجوم الذي ستشنه اسرائيل على ايران خلافا لما يزعمه المشككون بالضربة العسكرية، وافتى في المقابلة نفسها ان الجمهورية الاسلامية الايرانية ليست محبوبة في العالم العربي.
ولا نعرف كيف توصل نتنياهو الى هذا الاعتقاد، فهل اجرت حكومته استطلاعات رأي سرية شملت 22 بلدا عربيا بالاضافة الى باكستان وتركيا باعتباره يتحدث عن منطقة الشرق الاوسط برمتها، ام انه تلقى رسائل من قادة وزعماء عرب يؤكدون له هذه الحقيقة؟
لا ننكر ان بعض القادة العرب، وفي منطقة الخليج العربي خاصة، يشعرون بقلق شديد من الطموحات النووية الايرانية ويرون ان امتلاك ايران لاسلحة نووية يشكل خطرا عليهم، ولكننا لا نعتقد ان الحال كذلك بالنسبة الى دول المغرب العربي الاسلامي والسودان ومعظم اليمن والعراق وفلسطين ومصر وسورية ولبنان. فاسرائيل بالنسبة الى هؤلاء هي الخطر الاكبر على الامتين العربية والاسلامية، لانها دولة توسعية تملك ترسانة ضخمة من الاسلحة النووية، وشنت اكثر من ست حروب على جيرانها.
الدول العربية في معظمها تريد علاقات طبيعية مع ايران الدولة الاسلامية الجارة تقوم على احترام سيادة هذه الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتسوية قضية الجزر الاماراتية عبر المنظمات الدولية والتحكيم الدولي، وما يؤكد على ذلك وجود سفارات لاحدى وعشرين دولة عربية في طهران (عدا مصر) من بينها سفارات ست دول خليجية هي الاضخم بين السفارات الاخرى.
نتنياهو ليس متحدثا، بل ولا يجب ان يكون متحدثا باسم الدول العربية، يسوق مخططاته العدوانية على طهران مرتكزا على أكاذيبه حول الدعم العربي، والخليجي منه بالذات، لمثل هذه المخططات، فنحن لا يمكن ان ننسى العدوان الاسرائيلي لتدمير مفاعل تموز العراقي النووي عام 1981، والغارات الاسرائيلية لتدمير نظيره السوري الوليد قرب دير الزور قبل بضع سنوات.
وربما يفيد التذكير بان الطائرات الاسرائيلية اغارت قبل اسبوع فقط على العاصمة السودانية الخرطوم ودمرت مصنعا عسكريا وعادت ادراجها دون ان ترصدها رادارات عدة دول عربية من بينها مصر والمملكة العربية السعودية.
اسرائيل هي الخطر الاكبر على الامتين العربية والاسلامية، وهي التي تحتل الارض والمقدسات، وتحاصر قطاع غزة وتغير عليه يوميا وتبني المستوطنات وتتحدى كل الشرائع والقوانين الدولية.
لا نتمنى ان نرى ذلك اليوم الذي يقف فيه حاكم عربي في خندق الاسرائيلي في مواجهة ايران او اي دولة اسلامية اخرى، فمكان العرب هو خندق المواجهة لاسرائيل الظالمة المعتدية.