نتنياهو أو لابيد: دوامة الفشل والهزائم نفسها
صحيفة الوطن السورية-
تحسين حلبي:
بغض النظر عن النتائج النهائية الرسمية لانتخابات «الكنيست» البرلمان الإسرائيلي، التي ربما تختلف قليلاً عن النتائج التجريبية التي اعتادت على تحصيلها وعرضها القنوات العبرية بعد إغلاق الصناديق، ستظل سياسات الكيان الإسرائيلي الخارجية، والعدوانية بشكل خاص، على حالها ولن يطرأ عليها أي تغيير مثير أو جوهري، في حين ستتعرض السياسة الداخلية في موضوع الاستيطان والمجابهة الوحشية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة إلى تغيير ينحصر فقط في حدة وتسارع تطبيق هذه السياسة في نفس الخطط والمشاريع التي تكون قد أعدتها الحكومة السابقة، فقد كان واضحاً أن الحكومتين اللتين تشكلتا بعد سقوط حكومة بنيامين نتنياهو من أحزاب الحكومة الحالية نفسها برئاسة يائير لابيد ونفتالي بينيت قبل عامين نفذتا مشاريع الاستيطان التي أعدتها حكومة نتنياهو من قبل، ثم قامتا بتوسيعها وهذا ما اعتادت على السير على دربه كل حكومات الكيان الإسرائيلي.
في سياسة الحروب العدوانية على الجوار العربي أو على قطاع غزة وداخل الضفة الغربية، لم يطرأ أي تغيير على أي حكومة سواء أكانت برئاسة نتنياهو أم برئاسة نفتالي بينيت أو يائير لابيد خلال الأعوام الثلاثة الماضية، فقد نفذت كل هذه الحكومات الإستراتيجية نفسها التي أطلقت عليها اسم «المعركة بين الحروب» ضد سورية في جبهة الشمال وسياسة تشديد الحصار على قطاع غزة، بل شنت معركتين واسعتين على القطاع على غرار ما كان يفعله نتنياهو من قبل، وبهذا القدر نفسه من الوحشية نشرت كل الحكومات الثلاث أكثر من خمسين ألفاً من جنود جيش الاحتلال لقمع انتفاضة الفدائيين المسلحة في القدس ونابلس وجنين، من دون أن تتمكن من تحقيق أمن جيش الاحتلال ولا أمن المستوطنين، وبقيت موضوعات جدول عمل كل هذه الحكومات تتكرر مع كل حكومة ولا تختلف الواحدة عن الأخرى إلا بدرجة زيادة مستوى وحدة أشكال القمع حتى هذه اللحظة وخلال خمسة انتخابات متتالية منذ ثلاث سنوات ونصف السنة.
لقد اعترف معظم المحللين الإسرائيليين وبعض قادة جيش العدو باستمرار هذه الدوامة التي أمسكت تلابيبها بجيش وقادة الكيان الإسرائيلي طوال سنوات كثيرة من دون أن تحقق أي هدف بل ولا جزءاً من أي هدف في الواقع، بل تفاقمت الصعوبات التي كانت تواجهها كل هذه الحكومات بتنوع رؤسائها وأحزابها وقادة أركان جيشها أمام تزايد قدرة الجبهة الشمالية وجبهة المقاومة في قطاع غزة وجبهة المقاومة في جنوب لبنان، وهو ما يشكل في واقع الأمر هزيمة لمخططات الكيان الإسرائيلي على أربع جبهات تحاصر بمقاومتها وتحدياتها جيش الاحتلال وتهدد مستقبل وجوده وليس مشاريعه الاستيطانية هنا أو هناك فقط.
لا شك بأن ما اتخذه رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي يائير لابيد من مواقف سياسية تجاه ما يجري من حرب أميركية-غربية ضد روسيا في الموضوع الأوكراني، لن يختلف عما سيتخذه نتنياهو عند تأكيد فوزه بإمكانية تشكيل حكومة من 61 عضواً بعد الفرز النهائي للنتائج الرسمية للانتخابات، فقد لاحظ الجميع أن تل أبيب لم تنضم بالشكل العلني والصريح إلى حرب أميركا ودول أوروبية ضد روسيا في هذا الموضوع الذي فرض ميزان قوى في المنطقة وعلى المستوى العالمي ليس في مصلحة الكيان الإسرائيلي ولا في مصلحة مشاركته في حرب مباشرة أميركية ضد موسكو.
هذا الوضع الجديد لن يجد نتنياهو أو لابيد مفراً منه إلا بالخضوع لاستحقاقاته، ولا أحد ينكر من المحللين الإسرائيليين أن إسرائيل ما زالت تحاول إبعاد الفشل والهزائم عنها خلال العقد الماضي لكن من دون جدوى لأن واقع المنطقة تزداد فيه قوة الأطراف المعادية لإسرائيل، وهي القوى التي تحيط بحدودها الشمالية من حدود الجولان حتى جنوب لبنان وطهران، وفي داخلها جبهة من سبعة ملايين فلسطيني وقاعدتهم المسلحة الصاروخية في قطاع غزة.