نائب الرئيس في النظام السياسي الأميركي
صحيفة الوطن السورية-
دينا دخل الله:
لعل ما ميز الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن إلى جانب خوضه انتخابات مثيرة للجدل ضد الرئيس السابق دونالد ترامب، هو أنه الرئيس الأول في تاريخ الولايات المتحدة الذي يختار امرأة ملونة لتكون نائبته، ليكون بذلك قد كسر الصورة النمطية لنائب الرئيس الذي عادة ما يكون رجلاً أبيض. فالسيدة هاريس هي ثالث امرأة ترشحت للمنصب بعد الديمقراطية جيرالدين فيرارو 1984 والجمهورية سارة بالين 2008 وأول امرأة ملونة تتقلد المنصب.
وعلى الرغم من أن نائب الرئيس منتخب مثل الرئيس، إلا أن هذا المنصب لا يعد منصباً مهماً في النظام السياسي الأميركي، وهو نظام رئاسي، فهو منصب شكلي تقتصر مهامه على فعل ما يطلبه الرئيس مع أنه يسمى شريك الرئيس في الحملات الانتخابية، ولعل هذا ما أزعج السيدة هاريس التي قالت لمصادر مقربة منها، إنها تشعر بالإحباط والسخط لأن الرئيس ومساعديه يبقونها مهمشة.
لكن ما تجهله السيدة هاريس أن ما يحصل هو أمر شائع في أروقة البيت الأبيض، فهناك دائماً تحالف الرئيس والجناح الغربي من البيت، كما يسمى، من جهة، والنائب ومساعداه من جهة أخرى.
لم يحدد الدستور الأميركي منذ البداية منصب نائب الرئيس بشكل واضح، فقد يعود إحداث المنصب إلى نهاية عام 1787، إذ جعل الدستور رئيس مجلس الشيوخ يقوم بمهام الرئيس في حال عجز الرئيس عن ذلك. وعندما أصبح المجمع الانتخابي عن كل ولاية ينتخب الرئيس، كان المرشح الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد الرئيس يصبح نائباً له.
أعطى الدستور نائب الرئيس مهام محدودة كأن يترأس جلسة مجلس الشيوخ وصوته يرجح إحدى الكفتين في حال حصول تعادل. كما يشرف على محاكمة عزل الرئيس وعلى عد أصوات المجمعات الانتخابية.
مع الوقت قامت الأحزاب بابتكار نظام الشراكة بين الرئيس ونائبه في الانتخابات. إلا أن هذا النظام انهار عام 1801 عندما حصل توماس جيفرسون وشريكه أرون بور على نفس عدد الأصوات في الانتخابات الرئاسية. وصل مجلس النواب آنذاك إلى طريق مسدود لخمس وثلاثين مرة إلى أن كسر التعادل وفاز جيفرسون بالرئاسة، بعدها أقر الكونغرس التعديل رقم 12 حيث أعطى المجمع الانتخابي حق إعطاء أصوات مختلفة للرئيس وشريكه.
لم يكن الدستور الأميركي واضحاً فيما يخص دور نائب الرئيس في حال عجز الرئيس عن القيام بمهامه أو فارق الحياة، إذ يقول الدستور إن المهام تنقل إلى نائب الرئيس دون القول إن النائب يصبح رئيساً فعلياً، ولم يحل هذا الإشكال إلى العام 1967 عندما تم إقرار التعديل رقم 25 للدستور وذلك بعد اغتيال الرئيس جون كينيدي واستلام نائبه آنذاك ليندون جونسون الرئاسة، وينص التعديل على أن نائب الرئيس يأخذ مكان الرئيس بكامل سلطته ويعتبر بذلك رئيساً.
في القرن العشرين أصبح الرؤساء يولون اهتماماً اكبر لاختيار نوابهم وإعطائهم سلطات أكثر، فالرئيس فرانكلين روزفيلت (1932) كان يدعو نوابه إلى الاجتماعات المهمة، أما الرئيس أيزنهاور 1953 فقد أصر على إشراك نائبه ريتشارد نيكسون في الحياة التنفيذية، واستطاع نائب الرئيس مؤخراً أن يكتسب مهام أكبر وبالتالي أهمية أكثر في الحياة السياسية الأميركية، مثلا آل غور نائب الرئيس بيل كلينتون كان له دور كبير في قضايا البيئة، كما كان الحال مع ديك تشيني نائب جورج بوش الابن.
توقع الكثيرون أنه في عهد الرئيس جو بايدن ستتغير العلاقة بين الرئيس ونائبه وخاصة أن بايدن لديه خبرة طويلة كنائب للرئيس، فهل ستحظى كاميلا هاريس مع الوقت بدور مميز في إدارة بايدن؟ أم إن تميزها هذا سيقتصر بكونها أول امرأة ملونة في تاريخ الولايات المتحدة تصبح نائباً للرئيس؟.