ميشال سليمان.. الجنرال تلفزيون “2”
موقع إنباء الإخباري ـ
القاهرة ـ محمد منصور:
لا أدري لماذا تذكرت ـ أثناء مشاهدتى لخطاب “الـ 3 مليار” الذي ألقاه الرئيس اللبناني ميشال سليمان ـ العقيد عزيز الأحدب، قائد منطقة بيروت العسكرية في سبعينيات القرن الماضي، الذى أعلن في التلفزيون عام 76 الانقلاب على الرئيس سليمان فرنجية وتوليه السلطة في لبنان، ثم بعد أيام تقاعد وانزوى ليكون أول منفذ لانقلاب عسكري يتقاعد، وليظل اسم “الجنرال تلفزيون” يلاحقه طيلة حياته..
وجه التشابه هنا أن سليمان والأحدب كان لديهما قناعة كبيرة بأنهما مهمان وأن ما يعلنان عنه مهم وخطير ويضرب كل موازين القوى، مع أن الواقع عكس ذلك تماماً.
الرئيس اللبناني لم يجد أي حرج في أن يكون ـ علانيةً ـ أداة في يد العاهل السعودي لتنفيذ الخطة “ب” التي وجد السعودي نفسه مجبراً على الذهاب إليها بعد انسداد الحارة السورية فى وجهه. البديل كان اشعال لبنان وإدارة الدوائر تجاه حزب الله بطرق عديدة، كان أوضحها هو تمركز عناصر من المعارضة السورية المسلحة في طرابلس وانشاؤهم محاور مسلحة في باب التبانة ومحيطها في طرابلس لمحاصرة منطقة جبل محسن.
الرئيس اللبناني وقف منتشياً ـ في خطابه ـ بالدعم السعودي السخي للجيش اللبناني، مع أن دولاً عديدة دعمت الجيش اللبناني وعلى رأسها الولايات المتحدة. وكان واضحاً جداً أنه ببساطة يقول لحزب الله إن المعركة قادمة بينه وبين الجيش اللبناني”.
لم يشعر الرئيس اللبناني بأي حرج وهو يقر بأن المعونة السعودية لها شروط أهمها أن يكون التسليح كله من فرنسا، مع أن المعونة لو كان هدفها تكوين جيش لبناني قوي كان من البديهي أن تكون غير مشروطة. إذاً، الخلاصة هنا أن الرئيس اللبناني دشّن مرحلة جديدة في لبنان عنوانها “حكومة الأمر الواقع، وإلا سلاح حزب الله!”
أيضاً كانت الأغتيالات وعمليات التفجير، مثل تفجير السفارة الأيرانية، رسائل واضحة لحزب الله، خصوصاً أنها ترافقت مع عمليات اغتيال لأطراف محسوبة على 14 آذار، ليعود التهديف مرة أخرى على حزب الله وسلاحه من أطراف كان صوتها “مكتوماً” منذ الرحيل التراجيدي لسعد الحريري عن منصب رئيس الوزراء، مثل السنيورة وجعجع وفتفت وغيرهم.
لعل الاشتباك بين المضادات الأرضية اللبنانية والمروحيات السورية اليوم دليل آخر على هذه المواجهة القريبة بين حزب الله والجيش البنانى ـ وهو الجيش الذي يتجاهل الخروقات الجوية الإسرائيلية اليومية للأجواء اللبنانية ـ و لكن في نفس الوقت لا أعتقد ان حزب الله غافل عن هذه الحقيقة، خصوصاً وأنه يعلم منذ البداية أن تحسن الأوضاع فى سوريا يعني حكماً انتقال العدوى الى لبنان، الا إذا سلّمت السعودية بأمر واقع سلّمت به قبلها تركيا وقطر.
المراهنة على احتراب بين حزب الله والجيش اللبنانى أمر غير واقعي من وجهة نظري، كما أن المراهنة أيضاً على تشكيل “حكومة أمر واقع” استغلالاً للظروف الإقليمية والدولية والاغتيالات الجارية على الأرض اللبنانية أمر أيضاً غير واقعي. وفي النهاية سيكون التوافق والاتفاق هو الحل، وستذهب كلمات الرئيس اللبناني في خطبته العصماء أدراج الرياح، كما ذهبت كلمات العقيد عزيز الأحدب من قبله، ولم يتعد تأثيرها المسافة بين منصة الخطاب وكاميرا البث المباشر!