موقف يفضح أصحابه
صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
كلما تقدمت الجهود السلمية بقيادة روسيا الاتحادية وحلفائها خطوة إلى الأمام نحو حل الأزمة السورية سياسيًّا، انكشفت الأدوات والمرتزقة والعملاء وبانت سوءاتهم، جراء توقفهم عن اللحاق بركب الذاهبين إلى التسوية، واختيارهم الطريق المعاكس لها.
المفارقة القائمة في المشهد السوري بعد التدخل الروسي لمساعدة “الكاوبوي” وتجنيبه الوقوع المذل من أعلى الشجرة التي اعتلاها، بالتنازل عن أهم أوراق القوة السورية في إدارة المعركة ضد المؤامرة الكونية (ونعني بها السلاح الكيماوي)، هي أن السيد الأميركي (الكاوبوي) قَبِلَ المساعدة الروسية واختار التعاون والسير في هذا الاتجاه حفظًا لماء وجهه، وخدمة لبرنامجه الذي انتخب من أجله وهو تحسين صورة الولايات المتحدة وعدم الدخول في حماقات عدوانية مجددًا، في حين أن الخدَم والأتباع والذيول والأدوات التي سخرها السيد الأميركي لخدمته وخدمة مشروعه، يعلنون عصيانهم وتمردهم على سيدهم بعدم قبول المساعدة الروسية المتمثلة في المبادرة بتدمير الأسلحة الكيماوية السورية، في اندفاع واضح وغير محسوب، دون أن يضعوا خط رجعة لهم، ودون أن ينتبهوا أن سيدهم لم يرفع إصبعه السبابة ويضعها على فمه لإخراس أصواتهم الشاذة، وبالتالي يزدادون افتضاحًا وانكشافًا وعريًا، بأنهم ليسوا سوى مجرد خدَم في مشروع تدمير الوطن الذي يدعون الانتماء اليه والدفاع عنه.
واضح من مواقف هؤلاء الخدَم أنهم لا يزالون تحت تأثير الصدمة جراء انهيار مراهنتهم على الخيار العدواني التدميري الشامل الذي يسمح لهم بسرعة الوصول إلى كرسي السلطة وتربع هرمها، خاصة بعد أن ألقوا بكل أوراقهم في سلة التأكيدات التي جاءتهم من هنا وهناك بأن العدوان الأميركي على سوريا قادم، وما عليكم ـ أيها الخدم ـ سوى التهيؤ والاستعداد لإكمال العدوان على الأرض لتحقيق مبتغى أسيادكم الذي من خلاله يتحقق مبتغاكم أنتم، ما جعلهم يبنون على هذه التأكيدات حسابات الربح والخسارة ووضع قوائم للحلفاء لمكافأتهم، والخصوم الذين يجب تصفيتهم.
والواضح أيضًا من رفض هؤلاء الخدم للمبادرة الروسية، أنه في يقينهم أن بالعدوان سيحصل السيد الأميركي أكثر ما سيحصل عليه الآن من فتات يتفضل به عليه اللاعب والمبادر الروسي، حيث يتصورون أن بعد وقوع العدوان الأميركي وانهيار “النظام” سيُقدِّمون كل ما يريده السيد الصهيوني قبل الأميركي من مكافآت بدءًا من الأسلحة الكيماوية وتقسيم سوريا على أساس طائفي، والتنازل عن أراضي الجولان السوري المحتل وغيرها من المكافآت الضخمة مقابل الحصول على كرسي مهترئ متكسر.
إن ما يجب أن يسلِّم به هؤلاء الخدم والذيول والأتباع الذين تم توليفهم وسوقهم من أروقة الاستخبارات الغربية وفنادق أوروبا والولايات المتحدة تحت اسم “معارضة”، هو أن سياسة القطب الواحد تلفظ أنفاسها الأخيرة، وأن العالم يحيا حياة جديدة بتعددية قطبية لن تسمح بسياسة الحروب وحرق المنطقة والعالم، وتهديد السلم والأمن الدوليين، بل الاتجاه إلى الحلول السياسية واحترام القانون الدولي بدلًا من شريعة الغاب والحروب المدمرة. كما أن هؤلاء المصرِّين على العدوان الأميركي لقتل الشعب السوري وتدمير دولته، إنما يبرهنون على عدم وطنيتهم وانتمائهم السوري والعربي والقومي، ويؤكدون كرههم وحقدهم على سوريا وشعبها. ولا شك أن الشعب السوري والشعوب العربية ستنظر إلى هؤلاء بهذا المنظار إلى أن يثبت العكس.