موقف الصين من القضية الفلسطينية
صحيفة الديار الأردنية ـ
محمد سوداح:
للصين نهج مُشَرِّف في الوقوف مع حركات التحرر العالمية عامة والقضية الفلسطينية خاصة. والتاريخ الصيني يشهد على ذلك والى جانبه التاريخ القومي العربي كذلك. فمنذ ما قبل مسيرة الألف ميل الماوتسيتونغية والى حقبة الرئيس “هو جين تاو”، واليوم في ظل قيادة الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني “شي جين بينغ”، تواصل الصين طريقها المعتاد على نهج واحد في التعاضد مع الشعوب وحركاتها، وفي تقديم الدعم والمساندة التقنية وخبراتها الصناعية والعلمية والأكاديمية لمن يقرع أبواب الصين للحصول عليها، في مسعى لانتشال هذه الشعوب من عثراتها، فتشكيل جبهة حقيقية للتقدم العالمي والازدهارالإنساني، تضع خلفها موروثات التخلف الماضوي بكل ألوانه ومفاهيمه التي لم تعد قادرة على قيادة البشرية، في عصر تسابق الصين فيه رياح الكون لتجسيد الخيال العلمي، وزراعة أرض القمر لجني المحاصيل هناك أيضا!!!.
والحديث عن العلاقة الصينية الفلسطينية لاينفصل عن سياسة الصين النابعة من ثبات وقوفها مع الشعوب المظلومة. فالصين من أوائل الدول التي أعلنت موقفها الداعمة للحق الفلسطيني، كما تبنّت العديد من القرارات المؤيّدة للقضية الفلسطينية، في الامم المتحدة وعلى أرض الواقع السياسي والدبلوماسي والكفاحي. وقد شهدت العلاقات الصينية الفلسطينية تطوراً ملحوظاً وبخاصة في بدايات الكفاح المسلح الفلسطيني، فكانت الصين الشعبية الدولة الأُولى التي تبادر الى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وترفض الاعتراف “بإسرائيل”، وكانت بكين كذلك العاصمة الوحيدة من عواصم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، والدولة الاّسيوية الكبرى، الوحيدة التي ثبتت في مواقعها الفلسطينية وخندق نضالنا المشروع، بالرغم البُعد الجغرافي الصيني عن الوطن العربي.
وكانت الصين في بدايات تشكيل الدولة الشعبية منادية بالتحالف الاستراتيجي مع الدول والشعوب الرازحة تحت نير الاجنبي والاستعمار، ومنها البلدان العربية، فقد كان العالم العربي ويبقى الى اليوم سياج الصين الأمني من جهة الجنوب بل تعاظمت أهمية هذا السياج خلال الأحداث الأخيرة التي تعصف بالوطن العربي، كما هي روسيا التي كانت وتستمر سياجاً أمنياً للصين من جهة الشمال. وكما طرحت روسيا في بدايات الثورة الصينية الجماهيرية شعار العلاقات الإستراتيجية مع الصين، و. “روسيا والصين أشقاء الى الأبد”، كانت القوى التحررية العربية رافعة الشعار نفسه بين جماهيريها، لتستند بالتالي الى ظهير دولي أثبتت الأيام والسنون حقيقة مشاعره ومواقفه التي تُحتذى، فأصبحت مِثالاً للأُمم صغيرها وكبيرها.
ومن البديهي بأن للصين مصالح في الشرق الاوسط، وهي مصالح اوسع وأهم من مثيلاتها للدول الكبرى الاخرى، إلا ان طبيعة هذه المصالح تختلف عن بعضها البعض. فالمصالح الصينية تتوافق مع مصالح شعوب ودول المنطقة، بينما مصالح الدول الكبرى الاخرى هي مصالح استعمار واستغلال ونهب.. والصين تعي بأن السلام والاستقرار العالميين لن يتحققا بعيداً عن السلام والاستقرار في الشرق الاوسط، لذا فلا شك ان مشاركتها الفعّالة في عملية السلام في الشرق الاوسط ستكون لصالحنا.. لصالح الحق والعدل الذي نمثله نحن، وللا يمثله الغازي والمحتل.
والصين حكومة وشعباً وقيادة، دائما ماتؤكد على اهمية العلاقات الفلسطينية الصينية، وفي شهر آذار مارس القادم يتسلم الرفيق “شي جين بينغ” السكرتير العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، /المنتخب/، رئاسة جمهورية الصين الشعبية، خلفاً للرئيس المنتهية ولايته “هو جين تاو”، وأتمنى بهذه المناسبة أن تتوطد العلاقات الصينية الفلسطينية بما يخدم قضايا الشعوب، وبما يحقق العدالة في القضية الفلسطينية التي أضحت قضية العالم برمته، وبما يساهم في مساعدة شعبنا الفلسطيني والأخذ بيده نحو تحقيق أهدافه الوطنية المشروعة.
· كاتب من سورية.