موقع الخنادق:
بعد أشهر من بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتعبئة المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كل إمكانياتهم المالية والعسكرية والإعلامية، لمحاربة روسيا وإجهاض أي محاولات للتسوية السلمية. بدأت تتكشف أكثر فأكثر، حقيقة ازدواجية المعايير لدى هذا المعسكر، لا سيما بما يتعلق بحرية التعبير والديمقراطية.
ففي حين تتهم كل الدول المناهضة لهذا المعسكر بالاستبداد وقمع الحريات زوراً ودون أدلّة، ها هي دول الغربية تصمّ آذانها وتغطي أعينها عن تصرفات قمعية تتخذها العديد من الجهات ضد أصحاب الرأي الآخر بما يحصل في أوكرانيا، مثل مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر وفايسبوك ويوتيوب وغيرها، إلا أن الأخطر من ذلك هو ما يقوم به موقع ” Mirotvorets” الأوكراني، الذي أنشأ منذ سنوات بهدف ملاحقة كل من يعتبرهم “أعداء أوكرانيا”.
فهو موقع ويب أوكراني في العاصمة كييف (هناك شكوك في ارتباطه بجهاز الأمن الأوكراني)، تابع لمنظمة غير حكومية تنشر “قائمة سوداء”، وتضمنها معلومات شخصية، بالأشخاص الذين يعتبرهم “أعداء لأوكرانيا”، بحيث يذكر الموقع نفسه أن هؤلاء الأشخاص تشير أفعالهم “إلى جرائم ضد الأمن القومي لأوكرانيا، وضد السلام، والأمن البشري، والقانون الدولي”. وقد تم إطلاق هذا الموقع في كانون الأول / ديسمبر من العام 2014، بواسطة السياسي الأوكراني جورجي توكا. وظلّ مفتوحاً على الرغم من الطلبات المتكررة لإغلاقه لكل من: الأمم المتحدة، سفراء مجموعة الدول السبع، الاتحاد الأوروبي، الحكومة الألمانية، وجماعات حقوق الإنسان. وبالرغم من أنه ليس له صفة رسمية، إلا أنه يعمل على استكمال قواعد البيانات الحكومية عند نقاط التفتيش.
صحافية روسية توضع على اللائحة بالرغم من معارضتها لبوتين
ففي 14 آذار / مارس 2022، أثارت الصحافية الروسية مارينا أوفسيانيكوفا ضجة دولية، حينما قاطعت برنامجاً للقناة الأولى الروسية بملصق تدعو فيه إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا. ما دفع بصحيفة Die Welt الألمانية أن تعرض عليها في أيار / مايو وظيفة في ألمانيا، لكن في برلين. لكن متظاهر مؤيد لأوكرانيا استطاع إقناع الصحيفة أن تنهي تعاونها معها، حتى أن المنفذ الإعلامي بوليتيكو زعم بأنها قد تكون عميلة للكرملين.
نتيجة لذلك، في حزيران / يونيو 2022، غادرت أوفسيانيكوفا ألمانيا لتعيش في مسقط رأسها أوديسا، ولكن بدلاً من أن يكون موقع ” Mirotvorets” ممتن لها، قام بوضعها على القائمة السوداء له، متهماً إياها بالخيانة و”المشاركة في المعلومات الخاصة والعمليات الدعائية للكرملين”، و”التواطؤ مع الغزاة”.
هذه القائمة وضعت لاستهداف السياسيين أو الصحفيين أو الشخصيات التي لا تشارك رأي الحكومة الأوكرانية، وقد قُتل العديد من الأشخاص المدرجين في القائمة. والجدير بالذكر أن الصحفية الروسية داريا دوجينا (إبنة الفيلسوف ألكسندر دوغين)، والتي سقطت ضحية هجوم بقنبلة في موسكو في 21 آب / أغسطس 2022، كانت مدرجة في قائمة هذا الموقع وتم وضع علامة “تصفية” على ملفها.
وغيرها الكثير من الأشخاص والصحافيين والصحافيات، الذين ما إن يضعهم هذا الموقع على اللائحة السوداء، حتى يتم استهدافهم بالقتل والتصفية أو حتى بطريقة غير مباشرة عبر الاستهداف المعنوي والمقاضاة.