موسكو ليست في عجلة من أمرها
صحيفة البعث السورية-
هيفاء علي:
تعتمدُ استراتيجية موسكو الجديدة على التخلّي عن خداع العدو، والمضي إلى مستوى آخر، وإسقاط القناع والقفازات المخملية. وبحسب المحللين، هو تتويج لعملية بدأت في “سمرقند” خلال قمة منظمة “شنغهاي” الأخيرة، حيث أوضح مسؤول روسي، بعد القمة، أن موسكو ستساعد بكين عسكرياً عندما تحاول الولايات المتحدة القيام بخدعة قذرة في ساحة المعركة التالية، آسيا والمحيط الهادئ. وهنا من الضرورة بمكان الإشارة الى أن الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين تقوم على التعاون الكامل على كافة الصعد قبل أن تتعقد الأمور في بحر الصين الجنوبي.
لقد أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف، في نيويورك، عند حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، انتهاء الأمر بأوكرانيا إلى أن تصبح نوعاً من الدولة الاستبدادية النازية بدعم غير مشروط من قبل الغرب الجماعي. ولقد صعّد الناتو، كما هو متوقع، تكتيكاته منذ عدم الاستجابة لمطلب روسيا بإجراء مناقشة جادة حول عدم قابلية الأمن للتجزئة في أواخر عام 2021، فقد استمر في قصف دونباس ولم يعد بإمكان الكرملين والرأي العام الروسي التسامح مع هذا.
مؤخراً جاءت التعبئة الجزئية في أعقاب انتشار معلومات أن الأمريكيين سينقلون قريباً صواريخ بعيدة المدى إلى كييف قادرة على ضرب المدن الروسية، وهذا الأمر هو خط أحمر بالنسبة للكرملين، إذ يعتبر الخط الأحمر أكثر أهمية من هجوم كييف المضاد الشامل، والذي لا يمكن أن يحدث إلا في ربيع عام 2023. ومع التعبئة الجزئية، يمكن لروسيا الاعتماد على مجموعة من القوات الجديدة الجاهزة للحرب بحلول نهاية العام. في هذه الأثناء، قد تصبح أوروبا مظلمة وباردة، وتغازل بالعودة إلى العصور الوسطى، لكن أمراء الحرب الإمبراطوريين ما زالوا يرفضون التفاوض، فأوكرانيا مجرد بيدق في لعبتهم، وما يريدونه هو تدمير روسيا ونهبها، لذلك تحارب روسيا الغرب الجماعي، وهي ماضية في عمليتها الخاصة حتى تحرير دونباس بالكامل، وستكون المحطة التالية أوديسا، أي أن موسكو “ليست في عجلة من أمرها”.
لقد أثبتت منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند، والجمعية العامة للأمم المتحدة بوضوح كيف أن جميع دول الجنوب تقريباً، خارج الناتو، لا تشيطن روسيا، وتفهم موقف روسيا مثل الصين والهند اللتين تشتريان أطناناً من الغاز وتدفعان بالروبل. ثم هناك إعادة خلط اليورو/ الدولار لإنقاذ الدولار الأمريكي حيث تقوم الإمبراطورية بتفكيك اليورو.
باختصار يمكن القول إن لعبة القوة التي تمارسها حكومة الولايات المتحدة، والاحتياطي الفيدرالي هي قطع الاتحاد الأوروبي -وخاصة ألمانيا- عن الطاقة الروسية الرخيصة من خلال القيام بتدمير محكوم للاقتصاد الأوروبي وعملته.