من وحي الصمود اليمني
صحيفة المسيرة اليمنية-
وسام الكبسي:
يقفُ اليمانيون في ثباتهم الأُسطوري شامخين يعانقون الفرقدين وأقدامهم تدوسُ على حثالات الارتزاق والعمالة من ممالك الرمال وملوك الصحراء وزعامات الانبطاح والتطبيع والارتهان وعبيد الصهيونية والاستكبار العالمي.
بعد سنوات سبع من عدوان همجي تقوده قوى الاستكبار العالمي تولت كِبَره (مملكة بني سعود ومشيخة الإمارات) خدمة (لإسرائيل) ليس إلا ومن بين رُكام الدّمار وأنقاض القصف ولهيب النّار خرج الشعب اليمني بعزيمة إيمَانية وجهادية صّلب الإرادَة متوكلاً على الله ملتجأ إليه -سبحانه وتعالى- لا ينثني على شيء ميمماً وجههُ ووجهته بخطى ثابتة وخطوات متزنة وخطط استراتيجية شاملة لكل مناحي حياته ومتطلبات المواجهة، وبالمستطاع استطاع أن يغير معادلة الحرب بكل اقتدار، وذلك نتيجة التفافة المعرفية والواعية بحكمة قيادته القرآنية وقضيته العادلة المحقة.
حينما خططت قوى العدوان قدّرت أن أقصى مدة ستقضيها في الطريق إلى (صنعاء) هي من (أسبوع إلى أسبوعين) وأن طالت (فشهر إلى شهرين) على أكثر تقدير لأكابر خبرائهم العسكريين وذلك نتيجة معرفتهم عن كُـلّ مفاصل المؤسّسات الحكومية اليمنية وخَاصَّة مؤسّستي (الجيش والأمن) وهو مستخلص مسارات تحكّمهم في الوضع الداخلي لليمن وتفعيل المتناقض منه وخلق بيئة قابلة لتواجد الأمريكي والإسرائيلي بعد تدمير مقدرات حماية السيادة الوطنية من أسلحة دفاع جوي وغيرها عبر عملائها في السلطة خَاصَّة جهاز (الأمن القومي) ذا المنشأ الأمريكي ونهب ثرواته والسيطرة الفعلية على كُـلّ صغيرة وكبيرة فيه، وتهيئة الرأي العام عبر أبواقها في حكومة السبت، وفي مقدمتهم (إخوان عفاش) في حزب تجمع الخيانة والارتزاق (الإصلاح) وتحسباً لأي مستجد يحصل خارج إرادتهم.
وبالفعل حصل ما كان قد أعدوا له وأخذوه في حسبانهم!! لذلك بادروا بجمع قطيعهم وأذيالهم ومرتزِقتهم وفتحوا لهم مخازن التسليح في كُـلّ قواعدهم المنتشرة في العالم مع الإيعاز لحلفائهم الدوليين بفتح مخازنهم التسليحية والاستراتيجية منها ليتم استخدام أياً شاءوا منها وفي أية لحظة والكمية التي يريدون لتلافي الوضع في اليمن حتى لا يخرج كليًّا عن سيطرتهم، ولكن كان قد فاتهم الأمر وإلى غير رجعة، ومن حَيثُ لم يحسبوا جاءهم البأس اليماني رافعاً لراية الجهاد متمسكاً بخط الله المستقيم ونهجه القويم وحبله المتين متوجاً بالمجد اليماني الأصيل بإرثٍ تاريخي بطولي قلّ نظيره، وسلاحه هُــوِيَّته الإيمَانية وحكمة القيادة الثورية القرآنية.
ومدرسة الصمود اليمني بما تحويه من دروس يعجز الزمن الإتيان بمثيل لها حري بالشعوب المستضعفة في العالم أن تنهل منها حتى تروي ظمأها لتنفض عن نفسها غبار الظلم والطغيان والإجرام والإفساد والانحلال الأخلاقي والسقوط المعرفي المتمثل في زعامات سلّمت قيادَها لجلاديها من الأمريكان والصهاينة.
فمن وسط لهيب النار خرجنا ببأسٍ وقوة وعزيمة نُقارعُ قوى الاستكبار وندوسُ بأقدامنا الحافية على أرتالهم العسكرية الحديثة والمتطورة جِـدًّا، بل وَ(نبترع) عليها على عزف أصوات الرصاص وأزيز التصاريح ولهيب النار لندوس قبل أن نحرقها بـ (ولاعة) لا تساوي قيمتها ريالًا واحدًا سعوديًّا وبذلك ندوس على صدور صانعيها ونحرق قلوب من يمتهنون العالم بامتلاكهم فخر تلك الصناعات من الآليات التي أصبحت هياكل محترقة وعليها أشلاء مرتزِقتهم وعملائهم.
ومن وحي الصمود اليمني يتلقى العالم اليوم دروساً أهمها أن الشعوب قادرة على الاستقلال والنهوض والبناء الحضاري وأن النظرة المادية ليست ذات أهميّة إن لم تملك الشعوب أمرها وحريتها واستقلالها وسيادتها، فنحن اليوم بفضل الله تعالى وحكمة القيادة وإرادَة الأحرار قوة يحسب لها العدوّ ألف ألف حساب بعد أن حُكم علينا بالقتل والإبادة والموت جوعاً بتشديد الحصار وآلة الموت، نبني وطناً خالياً من العملاء ونؤسس لمرحلة البناء الحضاري وذلك ببناء الإنسان في أخلاقه وقيمه وسلوكه وفق المشروع الإلهي الذي يريده الله لنا لا الذي تريده أمريكا وإسرائيل، فها نحن كشعب حر وأبي وعزيز نتقدم على عرض وطول الجبهات العسكرية في كُـلّ المحاور على المستوى الأمني نتجاوز كُـلّ المخاطر ونفشل كُـلّ المؤامرات وما أكثرها بوعي مجتمعي عالٍ وإيمَان شعبي راسخ بعدالة القضية، وأثبتنا كشعب يمني أن المستحيل يصبح ممكناً إذَا ما توفرت المبادئ الأَسَاسية للبناء الإنساني والحضاري وأن الأمم إذَا تحَرّكت وفق تلك القيم والمبادئ السامية فَـإنَّ لا شيء يمكن أن يقف أمامها وأنها ستتخطى كُـلّ العقبات والشواهد واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.
إن الصمود الأُسطوري لشّعبٍ كان لا يملك حتى إرادته وحريته ومعيشته ها هو اليوم قوة يُنظر إلينا بعين الاحترام والتقدير حتى من الأعداء، فصواريخنا تفتك بأعدائنا متى أردنا وأينما أردنا وكيفما أردنا، وطائراتنا المسيَّرة بفضل الله تجوب سماء قوى العدوان عرضاً وطولاً وتحط بحمولتها المدمّـرة في أي مكان أُريد لها ليلًا أَو نهارًا وأصبحت شركات النفط والطاقة والقواعد العسكرية أماكن جميلة لسياحة صواريخنا المتنوعة الفتاكة ولرحلات طائراتنا المسيَّرة المحرقة.
ومن وحي الصمود اليمني تتعلم الشعوب كيف تحصل على عزتها وكرامتها وحريتها واستقلالها وسيادتها وتبني حضارتها بأشياء بسيطة وغير مكلفة، فقط تملك الشعوب إرادتها وتعرف عدوها وتعي بوعي وبصيرة وإيمَان من تتولى وبذلك ستنال القوة والعزة والاستقلال مع الاستفادة مما نمر به وعليه والمنهجية التي بها نواجه أعتى وأصلف وأقوى عدوان في التاريخ المعاصر.