من غزة وشبعا الى أوكرانيا: معركة المحاور تحسم في سوريا
سامي كليب –
صحيفة الأخبار اللبنانية:
حالما بدأ الجيش السوري بحسم معركة يبرود انهمرت القذائف الصاروخية على جنوب لبنان. سبقت ذلك عشرات الصواريخ التي اطلقتها سرايا القدس على مواقع ومستوطنات إسرائيلية. تخلل ذلك تجدد هجوم قوى 14 آذار على حزب الله في لبنان. اضيف الهجوم على ذاك الذي اطلقه رئيس الجمهورية ميشال سليمان ضد الحزب، قائلا ان مشاركته في القتال في سوريا كسرت احد اضلع ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.
من الصعب الفصل بين كل ما تقدم. جميع الاطراف ترفع مستوى الهجوم الى اقصاه. هذا طبيعي في لحظات مفصلية كالتي يعيشها لبنان والشرق الاوسط واوكرانيا. لماذا؟
ـــ هي لحظة مفصلية، لانه بعد سيطرة الجيش السوري على يبرود يضيق الخناق على ممرات السلاح والمسلحين من لبنان الى سوريا. جزء من المعادلة يتغير. الحكومة تصبح تفصيلا.
ـــ هي لحظة مفصلية أيضا لأنه بعد صواريخ الجهاد الاسلامي على اسرائيل الرسالة واضحة. يؤكد محور المقاومة الذي بات يفضل «الجهاد الاسلامي» على حماس، انه قرر اعادة المعركة الى قلب اسرائيل. هذا قرار استراتيجي مدروس ومهم في اعقاب التحرشات الاسرائيلية بالاراضي السورية وبحزب الله.
يريد محور المقاومة كسر خطة «معركة بين حربين» التي تخوضها اسرائيل. هذه الخطة تعني اسرائيليا، الاستمرار في كسر شوكة العدو (اي المقاومة) لمنعه من مراكمة قوته قبل اي معركة اخرى. خطة تتزامن مع استمرار حملة التهييج الدعائي التي رفع منسوبها بنيامين نتنياهو في واشنطن أخيرا.
ـــ هي لحظة مفصلية كذلك لأن الرئيس الاميركي باراك أوباما سيزور السعودية في 17 الجاري. سيكون سيد البيض الابيض في الرياض في يوم استئناف المفاوضات الايرانية الغربية. سيكون هناك ايضا، فيما الرئيس الفلسطيني محمود عباس يصل الى واشنطن للقائه. صواريخ الجهاد ورد المقاومة على اسرائيل اذا واضحا الهدف. يراد القول لاسرائيل واميركا وبعض دول المنطقة: «لا تفكروا في تمرير تسوية اسرائيلية فلسطينية بأي ثمن».
ـــ هي لحظة مفصلية أيضا لان صواريخ الجهاد انهمرت على اسرائيل بينما الأمين العام للحركة الدكتور رمضان عبد الله شلح كان في طهران. كانت ايران تستضيف مؤتمرا بعنوان «دور العالم الاسلامي في هندسة القوى العالمية». جاء في البيان الختامي: ان فلسطين هي القضية المركزية والمقاومة حق ضد جرائم الكيان الصهيوني. جاء فيه ايضا: «ان القوى الغربية المعتدية الداعمة للكيان الصهيوني على حافة السقوط والخروج من منطقة غرب آسيا». واضح ان الخيار التفاوضي لطهران يسير بموازاة استمرار خط التشدد والمقاومة. الرسالة جلية.
يتصرف محور المقاومة على اساس انه رابح استراتيجيا. ربما يغالي قليلا، لكنه هكذا يتصرف. في بعض تجليات هذا التصرف ذهاب الرئيس بشار الاسد الى عدرا والحديث علانية امام اهلها. رسالة الخروج العلني والى عدرا نفسها في غوطة دمشق واضحة الهدف. قابلت ذلك حملة بدأها المبعوث الدولي الاخضر الابراهيمي، كذلك فرنسا والائتلاف السوري وبعض الدول الاخرى ضد ترشح الاسد للانتخابات الرئاسية المقبلة.
الانتخابات تقترب. الاسد سيترشح ويفوز. المعارك ستعنف في سوريا وسط تقدم واضح للجيش. المدن الكبرى ستحسم قبل الانتخابات. هكذا يقول اصحاب القرار. الغرب لن يعترف بانتخابه، لكنه سيقبل الامر الواقع. ما يحصل على الارض السورية هو ثمرة عمل الجيش السوري وحلفائه طبعا، لكنه أيضا رد الرئيس فلاديمير بوتين وايران وحزب الله على المحور الآخر. وضع محور المقاومة وداعميه يتحسن مع التقارب الكبير بين ايران وتركيا، ومع توجه قطر صوب طهران بعدما سحبت السعودية والامارات والبحرين سفراءها منها، وسحبت من يدها ورقة الاخوان المسلمين.
لكن هل المحور الاخر يتلقى الضربات فقط؟
اكيد لا، هو يستمر في محاولة كسر المعادلة. يذهب ولي العهد السعودي الامير سلمان الى الصين متحدثا عن شراكة استراتيجية. الرحلة لا شك مقصودة قبل زيارة اوباما الى الرياض. تريد السعودية استخدام كل الاوراق، من الصين الى اليمن، للضغط على الحليف الدولي الكبير. تخشى الرياض فعليا من تحول اميركا صوب ايران في معركة ضرب الارهاب.
نشرت السعودية لائحة باسماء منظمات ارهابية. هذا يرضي واشنطن. ذهب وفد سعودي الى صنعاء يطلب من الرئيس عبد ربه منصور هادي مساندة الموقف السعودي ضد قطر والاخوان. تمنى هادي عدم احراجه. الرياض ستحاول الضغط على اوباما، الزائر الاميركي سيطالبها بتمرير تسوية فلسطينية اسرائيلية. زمن الصفقات في اوجه.
تدخل اسرائيل على خط الجبهات في الشرق الاوسط. يرتفع منسوب هجوم قوى 14 آذار على حزب الله وسوريا. يقول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع: «ان التاريخ سيكون لنا». ربما في الامر زلة لسان. محور المقاومة يقول: «المستقبل سيكون لبنان». معركة كسر العظم في أوجها اذاً من لبنان الى غزة وسوريا والعراق واليمن وصولا الى اوكرانيا… الارض السورية ستكون الفيصل. أما علبة الرسائل المفخخة، فستبقى ولفترة طويلة في لبنان… هو خاصرة رخوة لكل انواع التفجيرات ذات الاهداف السياسية.
مشكلة اللبنانيين ان الجزء الاكبر من سياسييهم لا ينتبهون إلى ان القرارات الكبرى بشأن لبنان تطبخ في كل المطابخ الا في لبنان.