من سيعيد الآخر إلى العصر الحجري “إسرائيل” أم لبنان؟
موقع العهد الإخباري-
خليل نصر الله:
لطالما استخدم قادة العدو عبارات مبالغًا فيها في التهديد بما يتجاوز الوقائع وحتى قدرات جيشهم. مصطلح “العصر الحجري”، عبارة رافقت قادة إسرائيليين كثرًا، بعضهم لا زال في موقعه السياسي والأمني، وآخرون رحلوا. كان تهديد لبنان يتركز في خانة واحدة “سنعيده إلى العصر الحجري”، في إيحاء إلى تدمير بناه التحتية وقواه العسكرية ومدنه وقراه، أي جعله أرضًا محروقة بلا شعب. ورغم أن ذلك لم يحصل في أي من الحروب التي شنت على لبنان بما يناسب تلك الكلمة، إلا أن العدو يصر على استخدامها.
آخر قادة العدو الذين استخدموا هذا المصطلح هو وزير الحرب يوآف غالانت حيث قال: “إذا بدأ حزب الله حربًا ضدنا فسنعيد لبنان إلى العصر الحجري”.
يجب التوقف عند تصريح “غالانت” من الناحية العملية ومقارنة القدرة، وتبيان بعض الأمور التي تثبت أن قادة العدو يبالغون من جهة، ومن جهة أخرى يمارسون حربا نفسية هم أنفسهم يعلمون أن جدواها اتجاه لبنان تساوي صفرًا.
قبل أيام، قال غادي آيزنكوت وهو رئيس أركان جيش سابق: “إن حزب الله يمتلك قوة نارية هي من الأقوى في العالم”، أي أن قدرات حزب الله التدميرية والنارية تفوق التصور وشهدوها عام 2006 بأضعاف مضاعفة، وقدراته التسليحية كمًا ونوعًا باتت في مراحل لم تشهدها أي منظمة عسكرية غير نظامية في التاريخ”. آيزنكوت لم يتحدث من فراغ، هو يعلم من موقعيته السابقة ما يمتلكه حزب الله في لبنان، فهو كقائد أركان كان يطلع على التفاصيل، خصوصًا أنه أحد أركان من يقف خلف ما يسمى “المعركة بين الحروب” في سوريا والتي تستهدف بشكل أساسي منع وصول سلاح كاسر للتوازن إلى لبنان.
ما قاله آيزنكوت، هو مؤشر واضح وكلام واقعي يمكن الاستناد اليه لتفكيك اللغة الاسرائيلية المبالغ فيها. منذ سنوات قليلة، استخدم الاسرائيليون ذات العبارة، حينها حمل السيد حسن نصر الله في مقابلة مع قناة “المنار” خريطة لفلسطين المحتلة، وأخذ يؤشر بيده إلى النقاط الحساسة الاقتصادية والتجارية والبنى التحتية والعسكرية لكيان العدو، تحدث عن أهمية الوسط “الاسرائيلي” الذي إن ضرب انهار الكيان، وأشار إلى الأماكن، ومن منطلق ما تملكه المقاومة من قدرات نارية عالية، ومعرفة، وسلاح دقيق وغير دقيق، أجاب على الإسرائيليين: هل يتحملون؟ هنا حدثونا عن العصر الحجري.
بواقع الأمر، أراد السيد حسن نصر الله دحض اندفاعة العدو التهويلية اتجاه لبنان، والقول إن شكل الحرب تبدل وتغير وباتت محكومًا بمعادلات، وإن أسلوب العدو في ضرب ما يريد دون أن يتلقى ضربات حيث لا يريد قد انتهى، فللمقاومة القدرة والقرار والسلاح الملائم والمناسب، لجعل العدو يتراجع ويندم، وهي تملك القدرة على التدمير المتناسب.
وعليه، إن تصريحات يوآف غالانت، المُنصَبّ اهتمامه على معالجة المأزق الأمني المحيط بالكيان، ولا يجد مع فريقه حلولًا له، والذي يعبر في كل مناسبة عن حرب “الجبهات العدة”، يمكن وضعه في خانة المبالغة والحرب النفسية غير الواقعية، ومحاولة غير مجدية لإظهار الجيش الإسرائيلي كقوة لا تقهر، وإن كان المقصد طمأنة للمستوطنين الذين ضربهم الرعب إبان ما حصل في مجيدو، أو الذين أصيبوا بالهلع مع رفع قادة العدو الحديث عن احتمالات الحرب مع لبنان، فإنها محاولة غير مجدية لان الوقائع والأحداث التي تحصل وتضرب الكيان تبين أن الكلام لا يترجم في المواجهة، ويكفي النظر إلى ما حصل إبان جبهات “الصواريخ” الثلاث منتصف رمضان، رعب للمستوطنين، ورد إسرائيلي زاد من حالة الخيبة.
إن مصطلح العصر الحجري، وإن كان المقصود منه القوة التدميرية، فيحال “غالانت” إلى ما قاله صديقه “آيزكنوت”، كما يحال إلى ما صرح به السيد حسن نصر الله ليدقق فيه فربما يكون “غالانت” قد أصيب بشبهة.
يبقى القول إن كان تصريح غالانت هو محاولة لتثبيت معادلة أنه إذا ضربنا حزب الله فسنستهدف البنى التحتية في لبنان، فإن المقاومة – وهي صرحت بذلك – سترد باستهداف البنى التحتية في كيان العدو، وعليه نسأل: من سيتحمل أكثر لبنان أم هم؟