من حصار «حلب» الى حصار «السفيرة»، الجيش السوري يقلب المعادلة
عانت مدينة حلب طويلاً من حصار المجموعات المسلحة لها، وحرمانهم أهلها من كافة الضرورات الحياتية، وارتفعت الأصوات المطالبة بضرورة قيام الجيش السوري بتأمين طرق الإمداد وقوافل التموين والوقود القادمة من المحافظات الأخرى.
لم يتأخر الجيش السوري عن تلبية النداء، وتنفيذ أوامر القيادة السياسية والعسكرية بضرورة فتح طريق سلمية – حلب وتأمينها، والقضاء على تجمعات ومراكز المجموعات المسلحة المسيطرة عليها بالنار والبارود، محولاً حصار حلب إلى حصار لمعاقل المسلحين، خاصة في مدينة السفيرة التابعة لها إدارياً.
تحرك الرتل العسكري الضخم والذي اعتبر يومها من الأكبر بين أرتال الجيش السوري الذي يتحرك في منطقة مكشوفة باتجاه مناطق ذات طبيعة صحراوية تقل في فيها التضاريس الجغرافية والمناطق المأهولة وتتناثر القرى الصغيرة على جوانب طريقها الدولي مشكلة مكمناً «مهماً» لمن يريد عرقلة تحرك الجيش وقواته.
وصل الجيش السوري إلى محيط بلدة «خناصر» الاستراتيجية وخاض معارك طاحنة استمرت أياماً، مع مجموعات المسلحين التابعين لجبهة النصرة ولواء التوحيد في الجيش الحر وأحرار الشام والدولة الإسلامية، أسفرت عن سيطرة الجيش على البلدة بأكملها، بعد القضاء على العشرات من العناصر وأسر عدد منهم وفرار الباقين باتجاه معاقل المسلحين في بلدة «أبوجرين» ومدينة «السفيرة».
بعد سيطرة الجيش على خناصر أصيبت مجاميع المسلحين بالإرباك والهلع وأطلقت غرف عملياتهم في أبو جرين والسفيرة نداءات الإستغاثة، فقد كان واضحاً أن الرتل القادم ليس مصمماً فقط على فرض السيطرة على خناصر، بل سيتابع طريقه للسيطرة على كامل الطريق الى حلب وربط خناصر – أبوجرين – معامل الدفاع بطريق تل حاصل وتل شغيب التي سيطر عليه في معارك سابقة بطرق الإمداد إلى قلب مدينة حلب، مما يعني إنطلاق معركة تطهير الريف الشرقي لمدينة حلب بالكامل، وهكذا كان حيث تقدمت قوات الجيش مدعومة باللجان الشعبية نحو قرية « أبو جرين» في ريف السفيرة وسيطرت عليها، مما جعلها على بعد كيلو مترات قليلة من مدينة السفيرة التي تعتبر أكبر معاقل المجموعات المسلحة في ريف حلب الجنوبي.
وصول أرتال الجيش السوري إلى قرية أبوجرين ووصلها وتواصلها مع القوات القادمة من جهة معامل الدفاع وسيطرة الجيش التامة على جبل الواحة المطل على بلدة السفيرة من جهة وعلى الطريق إلى حلب من جهة ثانية، سمح للجيش بوضع موطئ قدم له على مشارف السفيرة إحدى أكبر مدن الريف التي يأمل من خلال السيطرة عليها بقطع طرق الإمداد عن المسلحين في مدينة حلب، الأمر الذي يعتبر أساسياً في خططه القادمة لتطهير أحياء المدينة التي دخلها المسلحون بالكامل.
لم يكتف الجيش بحصار السفيرة من كافة الجهات والإطباق عليها من كافة المداخل بالنار، ومن مختلف أنواع الأسلحة، خاصة المدافع المنصوبة في أعلى جبل الواحة والتي تستطيع طواقم المدفعية من خلالها رصد أي حركة داخل المدينة واستهدافها، بل قام بنصب كمائن في المناطق المحيطة بها والتي لا توجد له سيطرة مباشرة عليها، مما ضيق الخناق أكثر فأكثر على المسلحين، الذين أطلقوا نداءات الإستغاثة منبهين حلفاؤهم إلى أن سقوط المدينة سيكون بداية النهاية لوجودهم في ريف حلب الجنوبي والشرقي وفي الأحياء والضواحي المحيطة بالمدينة.
وأكدت التنسيقيات سيطرة الجيش على الجهات الغربية والجنوبية والشرقية للمدينة بعدما استطاعت قواته اكمال انتشارها في الحقول الزراعية والمزارع والمساكن الواقعة على طريق الواحة – حلب، مؤكدة أن قوات الجيش باتت قاب قوسين أو أدنى من بدء عملية اقتحام المدينة.
مصدر ميداني مرافق للجيش السوري أكد من جانبه أنه بعد سيطرة الجيش على منطقة المكابس الواقعة غرب السفيرة وتقدم مجموعاته في المنطقة الغربية من بلدة الواحة الواقعة على مشارف السفيرة، كان الطيران المروحي والحربي التابع لسلاح الجو يقوم بعدة غارات مستهدفاً مراكز المسلحين وتجمعاتهم، فيما كان الإرباك والهلع سيد الموقف في الجهة الأخرى من الجبهة حيث سجل توجيه العديد من النداءات عبر أجهزة اللاسلكي وعبر مواقع التواصل الإجتماعي، أعلن من خلالها اتحاد التنسيقيات – فرع السفيرة أن فرق الدفاع المدني التابعة لما يسمى مجلس محافظة حلب فرت من المدينة مطالباً المجلس بعدم دفع المخصصات المالية العائدة لهم، كما اتهم كتائب وألوية بسرقة الدعم المخصص للسفيرة، من خلال تسجيل وتوزيع تسجيلات فيديو وهمية والإدعاء بأنهم يقاتلون على جبهة السفيرة للحصول على الدعم المالي والسلاح والذخيرة، دون أن يكون لهم أي مساهمة تذكر في صد هجمات الجيش على المدينة.
كما اتهمت مصادر اعلامية في المعارضة رئيس ما يسمى المجلس العسكري لمدينة حلب بالتخاذل في تقديم المعونة اللازمة من سلاح وذخيرة لمدينة السفيرة، متهمة اياه بالتحديد بالإستيلاء على عدد من صواريخ الكونكرس (أميركية الصنع) المضادة للدروع التي كانت مخصصة للجبهات المولجة صد الرتل القادم من جهة خناصر.
وأكدت هذه المصادر نزوح سكان المدينة بالكامل وخلوها كلياً من المدنيين، وتعرض المدينة لقصف مدفعي عنيف وغارات جوية كثيفة خلال الأيام الثلاثة المنصرمة، وقيام الجيش السوري بعدة عمليات تقدم واقتحام من الجهات الجنوبية والغربية للمدينة التي تتعرض منذ حوالي الأسبوعين لحملة عسكرية كبيرة.
المصدر: موقع سلاب نيوز